الله يغفر و يمحو و
يستبدل خطاياك بحسنات بينما الناس قدرتهم على العفو ضعيفة خاصة إذا شعروا أن الخطأ
الذي ارتكبته يمس ذاتهم و يستنقص منها.
لربما أن الله عز وجل
على سعة علمه كانت رحمته واسعة و مجال عفوه فسيح، فهو يعلم أن للخطأ الذي ارتكبته
دوافع كثيرة منها ضعفك البشري و تركيبة ذاتك الهشة و الزوابع التي تعصف بك و تدفعك
نحو ما حرم.
لكن هو لا يغفر
للمتكبر لسببين:
أولاً لأن المتكبر لا
يعترف بتقصيره و يظن أن ما يفعله حق و لا يستشعر أي تأنيب ضمير.
ثانياً لأن المتكبر
دائماً يقع في ظلم و ظلمه له ثلاث دوائر:
ظلم نفسه بأن عظمها و
قدسها.
ظلم غيره و أصابه
بأذى و وجع.
و ظلم ربه بأن نازعه
بصفة لا يمتلكها سواه عز وجل.
أما بالنسبة للبشر
الذي اخطأت بحقهم يجدون صعوبة بتجاوز الخطأ لأن تفسيراتهم لدوافع الخطأ تخضع لمعيار
واحد ... أنه استنقاص من حقهم و قدرهم.
لو علمنا أن الأخطاء
التي يرتكبها من نعرفهم بحقنا أن لها دوافع كثيرة و ليس بالضرورة تكون استنقاص بنا
أو سوء فيهم. لاستطعنا أن نعفو و نتجاوز و نصفح.
و هذه دعوة لي و لكم
أن تعفو عمن ارتكب بحقكم خطأ خاصة إن كان هذا الشخص عزيز أو قريب فلربما جبرته
الظروف و دفعته نوازع عديدة لارتكابه.
و من الجيد أيضاً أن
نعرف متى نتجاوز و نصفح و ننهي العلاقة أو نبقى و نستمر بالعلاقة.
فالإنسان الذي أخطأ
بحقنا و وجوده يسبب مشاكل رئيسية في حياتنا كأن يجعلنا نخسر تقديرنا لذواتنا أو
يضعف علاقتنا بالله و الدين أو يجعلنا نخسر دنيانا وطموحنا فيها.
فهذا النوع يجب بصورة
حتمية أن نكف عن الاستمرار معهم مهما ربطتنا بهم روابط عميقة. و بعد أن نقطع
العلاقة لا ننسى أن ننسى و نعفو و نتجاوز مع الاصرار على عدم الاستمرار بالعلاقة.
لكن الأشخاص الذين
وقعوا بخطأ و نظن فيهم خيراً فلا بد أن ننبههم بما ارتكبوه و ما سبب لنا من أذي و
من ثم ننسى و نعفو و نستمر معهم مع ضمان عدم المعاودة على ارتكاب الأخطاء.
و نكون عون لهم و
نساندهم بمنع الأسباب التي دفعتهم للخطأ فلا يصح أن نكون سذج و لا ذو ظلم و غلظة فبالأخير
نحن بشر و قد يبدر منا بحق غيرنا ما بدر منهم بحقنا.
و لنعلم أن الله شدد
في كثير من مواضع القرآن على معاني العفو و الصفح لما له من دور كبير في استمرار
الحياة الاجتماعية بصفاء و سلام دون منغصات.
و في الأخير أدعوكم و
أدعو نفسي أن نعتاد على التماس العذر لمن نتعامل معهم بشكل يومي فمعظم من يقع في
خطأ ليس بالضرورة يكون سيء و قاصد لإيذائنا.
جمعتكم عفو.
تعليقات
إرسال تعليق