التخطي إلى المحتوى الرئيسي

تجاوز المحادثات الصعبة و المحرجة


لا أحد يرتاح للمنغصات و لكن الحياة تضعنا أحياناً في منحنيات سيئة و غير محببة و نجد أنفسنا في مواقف صعبة نحن غير مستعدين للتعامل معها، نتلعثم و نفقد قدرتنا على السيطرة بما نقول أو نعمل و يصبح كل ما يبدر منا ردود أفعال ضعيفة.
قد يُشن عليك هجوم لاذع و تعجز عن الرد و يتم رجم أخطاء الغير عليك و لا تقدر على الرد و لا على الدفاع عن نفسك، تشعر بظلم شديد تختنق بالعبرات و الغصة تحبس كلماتك في صدرك.
في المقابل نجد أشخاص ذو مهارة فائقة في فنون الرد و الإسكات، ما إن توجه لهم انتقادات إلا و ردوها على قائلها... هذه المهارة ليست وليدة اللحظة هناك الكثير من المكونات لها ... دعني أعرفك على بعضها:

تأهب دوماً للمواقف الصعبة
ضع في ذهنك أنك ما دمت على هذه الأرض فإنك معرض و بشكل متتابع على الوقوع في براثن المواقف المحرجة و الصعبة و اجعل ذاتك متأهبة لحدوث ما لا ترجوه. إن جميع الانتصارات التي تمت في الواقع تم الاستعداد النفسي لها مسبقاً قبل أن تبلورها التجارب و الوقائع.  فكر دوماً كيف هو حالك إذا وضعك الوقت في ظروف مشابهة لمن حولك ... فكر و تخيل كيف تصنع انتصاراتك.

لا تتجاوز الحق و الصواب
لا تدخل حوار و أنت متيقن أن الحق ليس معك و أن الصواب بجانب الطرف المقابل، دائماً و أبداً الحق ينتصر، و الحق يمنح أصحابه قوة غير قابلة للانهيار.

التوقيت دوماً يفرق
قد تختار أن تتوارى و تتجنب مواجهة الموقف الصعب الذي وضعت فيه ليس لشيء لكن للحالة النفسية الحالية التي تمر بها، قد تكون في وضع مزاجي سيء و حالة شعورية متأزمة و في حال إقدامك لمواجهة الموقف فقد تزيد من تفاقم الأضرار، لذا من الحكمة أن تتجنب المصادمة و تأخذ وقت للروقان و جمع الحس و ترتيب فوضى الذات.

أدر انفعالاتك
في خضم المشاحنات و التلاسن العنيف و التجريح حاول أن تظل قدر ما تستطيع هادئاً و أنصت كثيراً و لا تتحدث إلا إذا أُجبرت على الرد و انتقِ كلماتك بعناية و تحدث عن الأفكار و لا تذكر شخص، و احرص أن تختار الكلمات التي تلطف الجو من المشاحنات لا تلك التي تزيد النفوس ضغينة فالنقاشات الهادئة مثمرة، و غالباً الطرف الآخر لديه وجهة نظر أو رسالة يريد أن يوصلها حاول أن تستوعبها.

ركز على المشكلة و ليس على الشخصيات
قد تشعر ان شخص ما يتعمد إيذائك و الاستنقاص منك لكن تركيزك على هذه الفكرة لن يساعد على استيعاب الموقف و ازالة أوجه الخلاف، و غالباً إذا لاحظ الحاضرين تركيز حديثك على شخص تلقائياً سيقفون بجانبه و لن تحصل على الحلول الممكنة التي قد تجنيها من تركيزك على المشكلة .. المشكلة فقط و تناسى من قام بها و ما دوافعه فغالباً هدفها تشويهك.

اقترح حلولاً
ضيق المشكلة و لا توسعها و ضع على طاولة الخلاف حلول مقترحة حتى و إن كانت بسيطة، استمرار الخلافات ليس بصالحك و لم أرى في حياتي أحمقاً مثل ذلك الذي يتفنن بصناعة أعداءه بسبب المكابرة و العنِد.

لا تفكر من الرابح و الخاسر
في المواقف المحرجة لا يوجد منتصر و مهزوم، كم منتصر قال لأحمق بعد جدل عميق (أنت على صواب تام و أنا على خطأ) كثير من المشاكل تضخمت و تشعبت بسبب تصور البعض أن المنتصر هو الذي يلجم لسان الطرف الأخر.

إن المحادثات الصعبة تحتاج لحكمة في ادارتها و الإنسان الناضج لا يدخل جدلاً مهما تطلب الأمر، و أنت في خضم التناوش على تلجيم محاورك تذكر أن كسب القلوب أولى من كسب المواقف.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سلامة النية - أول يوم إرادة

و نبدأ رحلتنا في الحديث عن الإرادة بالحديث عن إصلاح النية التي بصلاحها تصلح الإرادة و بفسادها تفسد. لو دخل الإنسان فندقاً و رأى كأساً ممتلئ و ظنه خمراً و نوى شربه و بعد ان شربه اكتشف انه ماء كتب له بنيته أثم شرب الخمر. و العكس صحيح. و النية أكثر ما يجب على المسلم أن يعمل على تصويبها لتصبح خالصة، فالعمل دون نية خالصة عناء و هباء: وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا. قل لمن لا يخلص: لا تتعب. يقول الله في الأثر: عبدي طلبت منك قلبك، و وهبت لك كلك، عبدي كلٌ يريدك له، و أنا أريدك لك. الله يعاملنا بما وقر في قلوبنا، و النية مقرها القلب، و القلب لا يتقيد و لا تكتمل السيطرة عليه، و لذلك سُمّي قلباً لأنه يتقلب. و يقول الرافعي: إنّ الله لا يُعامل إلا بالنية ولا يُكتب في سجل الحسنات إلا الأرقام القلبية . و النية: التوجه الروحي و الحضور القلبي عند مباشرة أي عمل، و ليست النية طلباً للأجر، و لكن طلباً للمرضاة و القرب. النية استحضار القلب في اللحظة الآنية، وخلاصة ما يميز أصحاب النوايا: عمل ما يجب بحب. قال الله تعالى: (منكم من يريد الد

محركات الإرادة – ثامن يوم إرادة

تتحرك الإرادة في حالة وجود قضية يؤمن بها صاحب الإرادة، أو في حالة وجود مواعيد لإتمام المهام أو الأهداف، أو أن يحيط الإنسان نفسه بأصحاب إرادة فذة. ثلاثية تحرك الإرادة و تلهبها. أن تعيش لقضية يعني أن تبذل الغالي و الرخيص في سبيلها، تشغل فؤادك و لبك و قلبك و تملئ عليك وقتك عملاً و هماً و أملاً و تخطيطاً و تدبيراً و رسم للمستقبل، قضيتنا نحن المسلمين تتمثل في نشر التوحيد للناس، من خلال تمثيل الدين على أحسن وجه، و أن نكون نماذج جذابة لمن يرانا و يتعامل معنا، قضيتنا أن يسود السلام العالم بنشر قيم الدين السمحة، قضيتنا أن نخفف معاناة الناس و نحسن جودة حياتهم من خلال تعاليم الدين التي توصي كل إنسان على أخيه الإنسان أن لا يظلمه و لا يبغي عليه و لا يخونه و لا يغشه و لا يكذب عليه، قضيتنا أن ينتشر الحق و تتحقق العدالة و يحظى كل إنسان بحريته التي كفلها له الدين و الله. و كيف تتحرك إرادة من لا قضية له. و العيش ضمن خطط عمل قصيرة و طويلة المدى و وضع أهداف مزمنة لتحقيقها، يضغط على الإنسان لتتحرك إرادته في استثمار وقته و جهده و طاقته في أداء ما عليه من مهام موصلة لأهدافه، إن العيش من غير هدف يعني

سجن الهوية

  سجن الهوية عندما كنت صغيراً تعلقت كثيراً برياضة كرة القدم، خصصت لها الوقت الطويل والجهد الكبير، حتى أني في ذات مرة رأيت أرض واسعة مفتوحة فيها العديد من الأحجار والنفايات والأشواك، فقمت بتجهيزها وتنظيفها لأيام طويلة لتصبح مناسبة للعب مباراة كرة قدم لفريق كامل، أصبحت هذه الأرض ملعباً لفترة وجيزة لبعض الشباب ولم أستطع أن ألعب فيها إلا مباراة واحدة، اليوم هذه الأرض الشاسعة تحوي بيتاً واسعاً وفخماً. كنت أفكر بكرة القدم وأشعر بها وأحلم بارتداء أحذية وملابس المشاهير من اللاعبين آنذاك مثل مارادونا وروماريو ورونالدوا والكابتن ماجد والكابتن رابح، إلا أنني بالحقيقة لم أكن أُحسن ممارسة كرة القدم، ومرات قليلة هي التي لعبت فيها مباريات كاملة، والذكرى الوحيدة المتبقية لي منها هي الركلة الشديدة التي تلقيتها على وجهي من أحد الشباب الذي مصادفةً رأيته قبل يومين بينما أنا أنفذ برنامج تدريبي في أحد الأماكن المخصصة لرعاية المناسبات.. ذكرت هذه القصة بعد رؤيتي لذلك الشخص وأنا أمارس مهنة التدريب. كان هناك سؤال واحد منعني من غض الطرف عن ممارسة الرياضة التي كنت فاشل فيها؛ السؤال هو "إذا لم أكن لاع