سجن الهوية
عندما كنت صغيراً تعلقت كثيراً
برياضة كرة القدم، خصصت لها الوقت الطويل والجهد الكبير، حتى أني في ذات مرة رأيت أرض
واسعة مفتوحة فيها العديد من الأحجار والنفايات والأشواك، فقمت بتجهيزها وتنظيفها لأيام
طويلة لتصبح مناسبة للعب مباراة كرة قدم لفريق كامل، أصبحت هذه الأرض
ملعباً لفترة وجيزة لبعض الشباب ولم أستطع أن ألعب فيها إلا مباراة واحدة، اليوم هذه
الأرض الشاسعة تحوي بيتاً واسعاً وفخماً.
كنت أفكر بكرة القدم وأشعر بها وأحلم
بارتداء أحذية وملابس المشاهير من اللاعبين آنذاك مثل مارادونا وروماريو ورونالدوا
والكابتن ماجد والكابتن رابح، إلا أنني بالحقيقة لم أكن أُحسن ممارسة كرة القدم،
ومرات قليلة هي التي لعبت فيها مباريات كاملة، والذكرى الوحيدة المتبقية لي منها
هي الركلة الشديدة التي تلقيتها على وجهي من أحد الشباب الذي مصادفةً رأيته قبل
يومين بينما أنا أنفذ برنامج تدريبي في أحد الأماكن المخصصة لرعاية المناسبات.. ذكرت
هذه القصة بعد رؤيتي لذلك الشخص وأنا أمارس مهنة التدريب.
كان هناك سؤال واحد منعني من غض
الطرف عن ممارسة الرياضة التي كنت فاشل فيها؛
السؤال هو "إذا لم أكن لاعب كرة
قدم، فمن أنا؟".
استقر بنفسي الشعور بهوية محددة
كلاعب كرة قدم، وانغلق عقلي بالتفكير عن الذات البديلة التي كانت من الممكن أن تكون
أفضل من ذاتي الأساسية آنذاك (لاعب كرة قدم).
قد أضعت الكثير من عمري في ممارسة
مجال لا يناسبني ومنعتني الهوية التي صنعتها لذاتي من الانتقال إلى مجال آخر قد
أجد نفسي فيه أفضل.
لذلك لا تتمسك بهوية واحدة واحذر من
التعلق بشيء أو مجال لا تبرع فيه بسبب هويتك التي صنعتها لذاتك. يحدث ذلك عندما تقوم باستثمار أولي للوقت أو
المال في مجال ما، ثم تكتشف أنه كان خياراً سيئاً، ولكن بدلاً من إعادة التفكير فيه،
فإنك تضاعف جهدك وتستثمر أكثر. تريد أن تثبت لنفسك وللآخرين أنك اتخذت قراراً جيداً.
أثمن شيء تعلمته في حياتي هو القدرة
على إدراك الخيط الرفيع بين المثابرة البطولية والغباء العنيد.
"لا تستسلم أبداً" لا تعني
"استمر في فعل الشيء الذي فشل."
تعليقات
إرسال تعليق