التخطي إلى المحتوى الرئيسي

لماذا يفشل بعض الناس في تنفيذ خططهم السنوية؟

 

لماذا يفشل بعض الناس في تنفيذ خططهم السنوية؟

تذكر العديد من الدراسات أن شهر يناير من كل عام يشهد أعلى مستويات الاشتراكات في الأندية الرياضية، وفي المراكز التعليمية لاكتساب مهارات جديدة، ونحن نلاحظ أيضاً الطفرة التي تحدث على مواقع التواصل الاجتماعي بنشر الناس لخططهم السنوية وحديثهم عما يريدون فعله في العام الجديد وعزمهم على كسر وتغيير العديد من العادات السيئة، لكن مع مرور وقت قصير نشهد تقلص بالهمة وفتور بالعمل وإهمال للخطة، وأحياناً تحدث انتكاسات كبرى بسبب تحقق نتائج عكسية، فيسوء الأداء.

بكل تأكيد هناك أسباب كثيرة تقف خلف هذا الإخفاق، لكن في الحقيقة أريد هنا أن أركز على الحلول لمواجهة هذه المشكلة وليس على الأسباب المؤدية لها، وتحديداً سأركز على أمران مُهمان أظن بأنهما قادران على إيجاد حلول لهذا التحدي.

النقطة الأولى: التركيز على نطاق ما تريد، وليس على نطاق ما لا تريد.

النقطة الثانية: التركيز على التحسن البسيط المستمر.

إذا وضعت في خطتك السنوية هدف "إنقاص الوزن"، بالتالي فإن أول ما ستفعله هو أن تستبدل العادة السيئة بعادات جيدة، بدلاً من تسليط تركيزك على العادة السيئة، أكدت الأبحاث أن محاولة قمع الفكر تأتي بنتائج عكسية، مثلاً لو قلت لك "لا تفكر بالفيل" ما الذي سيحدث، أول ما ذكرت لك الفيل تخيلته في عقلك، لذا فإن محاولة تجنب التفكير بشيء تجعله أكثر نشاطاً في ذهنك. وينطبق الشيء نفسه عندما يتعلق الأمر بالسلوك، عندما نركز على عادة سيئة ونحاول أن نكسرها، تتعمق العادة بذواتنا أكثر. إذن مال الحل؟

الحل إذا كنت تريد تغيير عادة سيئة اسأل نفسك، ما البديل الذي سأفعله لكسر هذه العادة؟ إذا أردت تعلم الهدوء في المواقف الصعبة وعدم التوتر استخدم هذا التِكْنيك "إذا حدث موقف صعب وبدأت أتوتر فسأخذ أربعة أنفاس عميقة حتى أهدأ" باستخدام تِكْنيك التنفس العميق كبديل للتوتر، ستزول عادة التوتر تدريجياً حتى تختفي تماما وتحل محلها العادة الجيدة الجديدة.

دعونا ننتقل للنقطة الثانية؟

يفشل العديد من الناس بتنفيذ خططهم السنوية لأنهم يجمعون أحلام العمر كلها ويسعون لتحقيقها في العام الجديد! المطلوب أن نكون أكثر تركيزاً وتحديداً، ونضع عدد قليل من الأحلام ونسعى لتحقيقها، والأهم من ذلك أن نتبنى منهجية التحسين البسيط والمستمر. لو عزمت كل عام على اكتساب مهارتين فقط، خلال خمس سنوات سوف تكون لديك 10 مهارات، وهذه المهارات العشر كفيلة بأن تنقلك نقلة نوعية في مستوى جودة حياتك المهنية والشخصية. والكلام ينطبق أيضاً على العادات السيئة، لو ركزت جهدك هذا العام على ترك عادة سلبية واحدة، خلال خمس سنوات سوف تصل إلى مصاف الناس الصالحين.  

ختاماً أريد أن أؤكد أن الإيمان بقدرتك على التنفيذ لا يكفي، يجب أيضاً أن تركز على نطاق الممكن وليس المستحيل، وتطلق تركيزك على الشيء الذي تريد فعله وليس على الشيء الذي تريد تركه. ويجب أيضاً أن تؤمن أنك تتحسن بشكل مستديم ولو بشكل بسيط لتصبح قادراً على تحقيق أهدافك، يظن البعض أن الذكاء والشخصية والتكيف الذاتي أمر ثابت ولا يمكن اكتسابه أو تحسينه، وبغض النظر عما نفعله فلن نتحسن أو نتدهور، إلا أن الحياة علمتني أن عدم استمرارية التحسن والتركيز على ما لا نريد يصنع ترهل نفسي ويصيب الأداء بالتراخي، ويحدث الإخفاق. 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سلامة النية - أول يوم إرادة

و نبدأ رحلتنا في الحديث عن الإرادة بالحديث عن إصلاح النية التي بصلاحها تصلح الإرادة و بفسادها تفسد. لو دخل الإنسان فندقاً و رأى كأساً ممتلئ و ظنه خمراً و نوى شربه و بعد ان شربه اكتشف انه ماء كتب له بنيته أثم شرب الخمر. و العكس صحيح. و النية أكثر ما يجب على المسلم أن يعمل على تصويبها لتصبح خالصة، فالعمل دون نية خالصة عناء و هباء: وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا. قل لمن لا يخلص: لا تتعب. يقول الله في الأثر: عبدي طلبت منك قلبك، و وهبت لك كلك، عبدي كلٌ يريدك له، و أنا أريدك لك. الله يعاملنا بما وقر في قلوبنا، و النية مقرها القلب، و القلب لا يتقيد و لا تكتمل السيطرة عليه، و لذلك سُمّي قلباً لأنه يتقلب. و يقول الرافعي: إنّ الله لا يُعامل إلا بالنية ولا يُكتب في سجل الحسنات إلا الأرقام القلبية . و النية: التوجه الروحي و الحضور القلبي عند مباشرة أي عمل، و ليست النية طلباً للأجر، و لكن طلباً للمرضاة و القرب. النية استحضار القلب في اللحظة الآنية، وخلاصة ما يميز أصحاب النوايا: عمل ما يجب بحب. قال الله تعالى: (منكم من يريد الد

محركات الإرادة – ثامن يوم إرادة

تتحرك الإرادة في حالة وجود قضية يؤمن بها صاحب الإرادة، أو في حالة وجود مواعيد لإتمام المهام أو الأهداف، أو أن يحيط الإنسان نفسه بأصحاب إرادة فذة. ثلاثية تحرك الإرادة و تلهبها. أن تعيش لقضية يعني أن تبذل الغالي و الرخيص في سبيلها، تشغل فؤادك و لبك و قلبك و تملئ عليك وقتك عملاً و هماً و أملاً و تخطيطاً و تدبيراً و رسم للمستقبل، قضيتنا نحن المسلمين تتمثل في نشر التوحيد للناس، من خلال تمثيل الدين على أحسن وجه، و أن نكون نماذج جذابة لمن يرانا و يتعامل معنا، قضيتنا أن يسود السلام العالم بنشر قيم الدين السمحة، قضيتنا أن نخفف معاناة الناس و نحسن جودة حياتهم من خلال تعاليم الدين التي توصي كل إنسان على أخيه الإنسان أن لا يظلمه و لا يبغي عليه و لا يخونه و لا يغشه و لا يكذب عليه، قضيتنا أن ينتشر الحق و تتحقق العدالة و يحظى كل إنسان بحريته التي كفلها له الدين و الله. و كيف تتحرك إرادة من لا قضية له. و العيش ضمن خطط عمل قصيرة و طويلة المدى و وضع أهداف مزمنة لتحقيقها، يضغط على الإنسان لتتحرك إرادته في استثمار وقته و جهده و طاقته في أداء ما عليه من مهام موصلة لأهدافه، إن العيش من غير هدف يعني

سجن الهوية

  سجن الهوية عندما كنت صغيراً تعلقت كثيراً برياضة كرة القدم، خصصت لها الوقت الطويل والجهد الكبير، حتى أني في ذات مرة رأيت أرض واسعة مفتوحة فيها العديد من الأحجار والنفايات والأشواك، فقمت بتجهيزها وتنظيفها لأيام طويلة لتصبح مناسبة للعب مباراة كرة قدم لفريق كامل، أصبحت هذه الأرض ملعباً لفترة وجيزة لبعض الشباب ولم أستطع أن ألعب فيها إلا مباراة واحدة، اليوم هذه الأرض الشاسعة تحوي بيتاً واسعاً وفخماً. كنت أفكر بكرة القدم وأشعر بها وأحلم بارتداء أحذية وملابس المشاهير من اللاعبين آنذاك مثل مارادونا وروماريو ورونالدوا والكابتن ماجد والكابتن رابح، إلا أنني بالحقيقة لم أكن أُحسن ممارسة كرة القدم، ومرات قليلة هي التي لعبت فيها مباريات كاملة، والذكرى الوحيدة المتبقية لي منها هي الركلة الشديدة التي تلقيتها على وجهي من أحد الشباب الذي مصادفةً رأيته قبل يومين بينما أنا أنفذ برنامج تدريبي في أحد الأماكن المخصصة لرعاية المناسبات.. ذكرت هذه القصة بعد رؤيتي لذلك الشخص وأنا أمارس مهنة التدريب. كان هناك سؤال واحد منعني من غض الطرف عن ممارسة الرياضة التي كنت فاشل فيها؛ السؤال هو "إذا لم أكن لاع