لن يؤثر بالناس من لا يدرك ما يريد , من خصائص
العامة أنهم يميلون لإتباع القائد الذي يرسم لهم أمل و يجمعهم حول هدف سامي يحيط
اهتمامهم حوله , و لنا أسوة في القائد السنغافوري ( لي كوان يو ) الذي رسم
لمواطنيه حلم الرقي بسنغافورة نحو الصفوف العالمية الأولى اقتصاديا و اجتماعياً ,
حينما تولى حزبه رئاسة الوزراء أرتدى هو و اعضاء الوزارة اللون الأبيض الكامل
ترميزاً للنظافة من الفساد و فعلاً اليوم سنغافورة في مقدمة الدول الأقل فساداً و
الأكثر نمواً.
و عندما يعجز القائد عن رسم رؤية لإتباعه فإنهم
يعانون من الارتباك و التخبط و عدم القدرة على الإنجاز الكبير , يجهلون مقاصد
الأعمال التي يمارسونها و يفشلون في تحقيق النتائج المطلوبة دون الإشراف المباشر و
المتابعة الحثيثة . أمنح موظفيك أهداف واضحة و انتظر منهم إنجازات ساطعة بأقل جهد.
و جود أهداف واضحة لدى فريق العمل يمنحهم حافز كبير للتحرك نحو تحقيقها بكلفة أقل
, الضبابية دائما ما تسبب تشتت للجهود و إهدار للطاقات.
الرؤية الجيدة تتكون من عنصرين أساسيين :
الهوية الأساسية و ملامح المستقبل, الهوية ترمز للغاية من وجودنا و ملامح المستقبل
تشير الى الشي الذي نطمح أن نكونه و نرغب في تحقيقه. الهوية تتمركز على القيم
الأساسية و الغاية الكبرى أما ملامح المستقبل تتمركز حول وضع هدف بعيد المدى لـ 20
إلى 30 سنة و وصف دقيق لوسائل تحقيق هذا الهدف الجريء .
في كتابهما الشهير ( وجدت لتبقى : العادات
الناجحة للشركات ) يعرف الكاتبان جيمس و كيري الرؤية بـ ( ما نسعى له و وجدنا من
أجله ) و ايضاً ( ما نطمح أن نكون , و أن ننجز و أن نحقق ) لذا يجب على القائد أن
يبعث بروح فريقه الإحساس بالغاية , ذلك الإحساس يعد مصدر كبير للطاقة و بوصلة تحدد
الاتجاه الصحيح بدقة .
رؤية القائد تُلهم الناس للعمل و ترسم لهم
الطريق المشرق الذي يجب أن يتبعوه دون تردد أو تكاسل. في اليوم الذي نفشل في تحقيق
اهدافنا و نتقاعس عن الإنجاز نجد الرؤية مثل البوصلة التي تحدد الاتجاه الصحيح و
التي تمنحنا الطاقة للتحرك أماماً و ترشدنا للطريق القويم الذي يجب أن نسلكه و
تدفعنا بشوق نحو الغاية المنشودة. الرؤية تمنحنا قوة روحية تساعدنا على البقاء في
فلك النجاح في لحظات التقاعس و الإخفاقات.
الرؤية هي التي تبعث الأمل فينا و توقظنا كل
نهار لنمضي في درب الإنجاز و هي الألوان التي نرسم بها لوحة المستقبل الجميل.
التجربة أثبتت لنا أن المؤسسات التي لا تمتلك
رؤية واضحة دائما ما تترك منتسبيها مرتبكين و عديمي الإنجاز .
يقول البروفيسور مايكل أوسيم استاذ علم
الإدارة , التغيير و القيادة في جامعة ويرتون ( عندما أتحدث مع القيادات العليا في
الشركات دائماً ما اسمع أنهم يعرفون جيداً رؤية و استراتيجية الشركة , و لكن موظفي
الدرجات الوسطى و ما دونهم لا يعلمون ان شركاتهم لديها رؤية أو استراتيجية)
وضوح الرؤية لدى الموظفين ينفع الشركات في
أوقات الانتكاسات و الفشل , تجد فريق العمل متماسك و عازم على بذل جهود مضاعفة
للحفاظ على قدرة الشركة في النمو و البقاء, بينما غياب الرؤية يجعل من الموظفين
سبب رئيس في انهيار الشركة سريعاً عند اول نكسة تواجهها.
الرؤية هي مصدر إلهام و دليل إرشاد يقود
الجميع نحو الغاية المرجوة.
هناك دائماً خلط بين مفهوم الرؤية و الرسالة و
الاستراتيجية , و لنزيح هذا الالتباس يجب أن نعرف أن الرسالة هي عبارة عن جملة
تجيب على ثلاثة أسئلة ( من نحن , ماذا نريد و ماذا نعمل ) , أما الرؤية فهي الصورة
المستقبلية التي نريد أن تكون عليها , أما الاستراتيجية فهي الوسيلة الذي سنحقق
بها ما سبق.
صفات الرؤية الجيدة :
تخيلية : توضح الصورة التي سيكون المستقبل
عليها.
مغرية : تتوافق و تنسجم مع تطلعات و اهتمامات
الموظفين , العملاء , المساهمين و كل فرد له صلة بها.
مرئية : واضحة جداً بحيث تقدم إشارات واضحة
عند اتخاذ القرارات .
مرنة : لديها القدرة العالية على التكيف مع
المتغيرات و قابلة للتشكل مع المبادرات التي تطرح في شأن تطويرها.
ميسرة : سهلة التوضيح و الشرح , يتناقلها
الجميع بسلاسة و يسر.
الرؤية الواضحة توحد الجهود و تلم شتات
المحاولات المتفرقة التي يبذلها الفريق و تجعل العمل يصب في اتجاه الهدف الكبير .
إنها تصنع روح الفريق الفعال المتجانس.
تعليقات
إرسال تعليق