التخطي إلى المحتوى الرئيسي

كيف تفهم الأشياء من حولك دون أن يكون لديك معلومات واضحة؟


دراسات عديدة أظهرت أنه لا غنى لكبار القادة عن أن يتخذوا قرارات حساسة و مهمة دون الاعتماد على حدسهم كثيراً، فغالباً الأرقام المجردة و المعلومات لا تمنحك الصورة المتكاملة التي تجعلك تتخذ القرار و أنت آمن و واثق.
و أحد المدراء التنفيذين لكبرى الشركات  قال إن الفضل يعود للحدس و المشاعر الدفينة في نجاح كثير من القرارات الحاسمة و المهمة التي اتخذها خلال فترات طويلة من حياته.
و الحدس يمكنك أن تعتمد عليه كما أنت تعتمد على المعلومات في حكمك و اتخاذك للكثير من القرارات. و الفرق بين المعلومات و الحدس أن المعلومات أحياناً تكون فيها مغالطات بينما الحدس قلما يخونك أو يخدعك.
و لكن في حالات عديدة يمكن أن يكون هذا الحدس على خطأ أو مشوش بحيث لا تستطيع أن تتخذ قرارات حاسمة اعتماداً عليه.
و دراسات عديدة أثبتت أنه يمكن للاكتئاب أو القلق أن يؤثرا على الحدس ، وأن الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب أو القلق يجدون صعوبة في اتخاذ القرارات.
و التجارب أثبتت أنه لا يمكن للإنسان أن يعتمد على حدسه في حكمه على الأشياء بينما هو يمر بحالة نفسية سيئة و تعتريه مشاعر مضطربة و غير مرتبة.
الصفاء النفسي و اعادة ترتيب الشعور لهما دور فعال في تنمية قدرات الحدس على قراءة الحياة بشكل واضح و صحيح.
و الجميل في موضوع الحدس أنه يمكن تمرينه و تنميته، فقط حسن علاقتك مع عالمك الداخلي و أحسن في الحديث مع ذاتك ... و افسح لروحك مجال لتحلق في عالم الاتصال مع وحي السماء, فالله عز وجل لا يترك عبده الطيب تائه دون أن يمده بنور رحمته و علمه.
و أيضاً من خلال التركيز و يقظة الوعي و استحضار الشعور يمكن أن يكون لهذا الحدس دور فعال و طلاقة و فصاحة تُحير اللب.
علمتني التجارب أن عليّ ألا أتجاهل حدسي و لا أبوح به، و ألا أهمل الاحتمالات التي تخطر بوجداني.
إن أكثر ما ندمت عليه هي تلك القرارات التي اتخذتها متجاهلاً حدسي. أو توقفت عن اتخاذها بسبب وجود بعض الموانع المحسوسة.
صدقني إن الحدس قلما يخون فلا تهمله.
و أنا مدين لحدسي في العديد من المواقف التي كانت بالنسبة لي غير واضحة، لقد أظهر لي أشياء لم يكن لها دليل مادي في الواقع، و لكن مع مرور الوقت ظهرت أحداث تؤكد صحة حدسي مع تلك المواقف و أني كنت على صواب فيما فعلته بناءً على وحي الحدس.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سلامة النية - أول يوم إرادة

و نبدأ رحلتنا في الحديث عن الإرادة بالحديث عن إصلاح النية التي بصلاحها تصلح الإرادة و بفسادها تفسد. لو دخل الإنسان فندقاً و رأى كأساً ممتلئ و ظنه خمراً و نوى شربه و بعد ان شربه اكتشف انه ماء كتب له بنيته أثم شرب الخمر. و العكس صحيح. و النية أكثر ما يجب على المسلم أن يعمل على تصويبها لتصبح خالصة، فالعمل دون نية خالصة عناء و هباء: وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا. قل لمن لا يخلص: لا تتعب. يقول الله في الأثر: عبدي طلبت منك قلبك، و وهبت لك كلك، عبدي كلٌ يريدك له، و أنا أريدك لك. الله يعاملنا بما وقر في قلوبنا، و النية مقرها القلب، و القلب لا يتقيد و لا تكتمل السيطرة عليه، و لذلك سُمّي قلباً لأنه يتقلب. و يقول الرافعي: إنّ الله لا يُعامل إلا بالنية ولا يُكتب في سجل الحسنات إلا الأرقام القلبية . و النية: التوجه الروحي و الحضور القلبي عند مباشرة أي عمل، و ليست النية طلباً للأجر، و لكن طلباً للمرضاة و القرب. النية استحضار القلب في اللحظة الآنية، وخلاصة ما يميز أصحاب النوايا: عمل ما يجب بحب. قال الله تعالى: (منكم من يريد الد

محركات الإرادة – ثامن يوم إرادة

تتحرك الإرادة في حالة وجود قضية يؤمن بها صاحب الإرادة، أو في حالة وجود مواعيد لإتمام المهام أو الأهداف، أو أن يحيط الإنسان نفسه بأصحاب إرادة فذة. ثلاثية تحرك الإرادة و تلهبها. أن تعيش لقضية يعني أن تبذل الغالي و الرخيص في سبيلها، تشغل فؤادك و لبك و قلبك و تملئ عليك وقتك عملاً و هماً و أملاً و تخطيطاً و تدبيراً و رسم للمستقبل، قضيتنا نحن المسلمين تتمثل في نشر التوحيد للناس، من خلال تمثيل الدين على أحسن وجه، و أن نكون نماذج جذابة لمن يرانا و يتعامل معنا، قضيتنا أن يسود السلام العالم بنشر قيم الدين السمحة، قضيتنا أن نخفف معاناة الناس و نحسن جودة حياتهم من خلال تعاليم الدين التي توصي كل إنسان على أخيه الإنسان أن لا يظلمه و لا يبغي عليه و لا يخونه و لا يغشه و لا يكذب عليه، قضيتنا أن ينتشر الحق و تتحقق العدالة و يحظى كل إنسان بحريته التي كفلها له الدين و الله. و كيف تتحرك إرادة من لا قضية له. و العيش ضمن خطط عمل قصيرة و طويلة المدى و وضع أهداف مزمنة لتحقيقها، يضغط على الإنسان لتتحرك إرادته في استثمار وقته و جهده و طاقته في أداء ما عليه من مهام موصلة لأهدافه، إن العيش من غير هدف يعني

سجن الهوية

  سجن الهوية عندما كنت صغيراً تعلقت كثيراً برياضة كرة القدم، خصصت لها الوقت الطويل والجهد الكبير، حتى أني في ذات مرة رأيت أرض واسعة مفتوحة فيها العديد من الأحجار والنفايات والأشواك، فقمت بتجهيزها وتنظيفها لأيام طويلة لتصبح مناسبة للعب مباراة كرة قدم لفريق كامل، أصبحت هذه الأرض ملعباً لفترة وجيزة لبعض الشباب ولم أستطع أن ألعب فيها إلا مباراة واحدة، اليوم هذه الأرض الشاسعة تحوي بيتاً واسعاً وفخماً. كنت أفكر بكرة القدم وأشعر بها وأحلم بارتداء أحذية وملابس المشاهير من اللاعبين آنذاك مثل مارادونا وروماريو ورونالدوا والكابتن ماجد والكابتن رابح، إلا أنني بالحقيقة لم أكن أُحسن ممارسة كرة القدم، ومرات قليلة هي التي لعبت فيها مباريات كاملة، والذكرى الوحيدة المتبقية لي منها هي الركلة الشديدة التي تلقيتها على وجهي من أحد الشباب الذي مصادفةً رأيته قبل يومين بينما أنا أنفذ برنامج تدريبي في أحد الأماكن المخصصة لرعاية المناسبات.. ذكرت هذه القصة بعد رؤيتي لذلك الشخص وأنا أمارس مهنة التدريب. كان هناك سؤال واحد منعني من غض الطرف عن ممارسة الرياضة التي كنت فاشل فيها؛ السؤال هو "إذا لم أكن لاع