التخطي إلى المحتوى الرئيسي

كيف تسوق مهاراتك و قدراتك دون أن يبدو عليك الغرور!


في العالم الجديد من يديرون المقابلات الوظيفية أصبحوا قادرين على تقييم مهاراتك و قدراتك بدقة متناهية , لذا غدت وسائل الخداع و البهرج الكاذب مكشوفة , و في المقابل فإن المواهب الحقيقية صعب اكتشافها كما هو صعب اظهارها خاصة و ان هناك دراسات كثيرة أكدت أن هناك تطابق لا يصل لأكثر من 4% بين توقعات المقابلات و درجات تقييم الاداء الفعلي .
اللغظ الذي يحدث في موضوع تقييم المهارات و المواهب سببه غالباً أنه يتضح فيما بعد أن كثير من المواهب و القدرات التي تصورها القائمون على التقييم  تكون مزيفة , خاصة عندما يكون مدّعي الموهبة متوهم بامتلاكه لها , و من خدعته نفسه سهل عليه خداع غيره بقصد و دون قصد .
و مما يثير الدهشة أن النرجسيين و المغرورين هم أكثر الناس تفوقاً في المقابلات الوظيفية – هكذا أكدت الدراسات .

و إليك بعض الإرشادات التي تساعدك على إبراز مواهبك و مهاراتك دون أن يراك الآخرين كمغرور :
أولاً : أوجز سرد خبراتك و تجاربك الملائمة
المهم لدى الآخرين هو تأكدهم أنك قد قمت بتأدية مهام مماثلة لمهام الوظيفة أو المشروع الذي تسوق نفسك له , و هنا عليك أن توجز حديثك فنحن نعيش بعصر الاهتمام فيه قصير الامتداد و التركيز مشتت . و حاول أن تتجنب سرد التجارب و الخبرات غير ذات الصلة .

ثانياً : تحدث عن شغفك أكثر من حديثك عن قدراتك
لأسباب عديدة يجب عليك التحدث بحماسة عن اهتماماتك و شغفك و لكن ليس عن مهاراتك و قدراتك بنفس المقدار .
تخيل لو وصفت نفسك بأنك ( أذكى إنسان في العالم ) الجملة هذه كفيلة بإثبات غبائك , و قس على ذلك بقية الجمل التي يطري بها الأغبياء عن ذواتهم . لذا لا يستحب أن تدعي بأنك ( موظف ممتاز ) أو ( قائد محنك ) فالتجارب أثبتت أن الناس يسخرون من الذين يمتدحون أنفسهم . حاول أن تذكر مواقف تُثبت امتلاكك للقدرات التي تريد التسويق لها .

ثالثاً : ركز على امكاناتك و قدراتك :
في حكمنا على الأشخاص دائماً نلجأ إلى التفتيش عن ماضيهم لنتنبأ بمستقبلهم , فحاول أثناء حديثك أن تشير إلى ذكر إنجازات كان لقدراتك و مواهبك دور كبير في تحقيقها ( و لكن بإيجاز و دون مبالغة).
و في حال أن أردت أن تتحدث عن قدراتك افتح نقاش حول ثلاثة أمور :
قدرتك على التعلم , دوافعك و مهاراتك الانسانية .
لا تقل أنا سريع التعلم و لكت اذكر شواهد تدل على امتلاكك لهذه القدرات .
كثير من الاثباتات أوضحت رغبة أرباب العمل بتوظيف الأشخاص سريعي التعلم , ذو دوافع نبيلة و يمتلكون مهارات انسانية .

رابعاً : اسرد قصص حقيقية
اصبح للقصة في  الوقت الراهن تأثير شديد في اقناع الناس و ملامسة عواطفهم , و في أثناء تسويقك لذاتك و حديثك عن نفسك يحبذ جداً أن تذكر قصص قصيرة تظهر بها مكامن قوتك و نقاط تفوقك و لكن احرص على توفر ثلاثة عوامل في القصة التي تحكيها :
المصداقية , البساطة و الإيجاز .

خامساً : اصنع لك جيش من المؤيدين
للأسف أن سمعتك تُصنع من خلال حديث الناس عنك , لهذا وجب عليك أن تعلم أن جزء كبير من انطباع و حكم الآخرين عليك يصنعه حديث الناس عنك .
و لذلك كان الكلام المناسب إذا قيل من الشخص المناسب في الوقت المناسب يصيب الغايات أكثر من الوسائل الأخرى .
فأصبح لزاماً أن تُشكل لك شبكة من الداعمين و الأنصار ليساعدوك في تحقيق غاياتك بأقل قدر من التكلفة و الجهد .
و دوماً سمعتك لها جانب مظلم و جانب مشرق , فاجعل الداعمين يطلعون على الجانب المشرق منها و ستجد الفرص تغزوك خاصة إذا كان الجانب المظلم من سمعتك متواري عن العيان .

و في الختام تأكد أنك لن تستطيع أن تسوق قدرات و مهارات و تنسبها لذاتك و في الواقع أن لا تمتلكها .




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سلامة النية - أول يوم إرادة

و نبدأ رحلتنا في الحديث عن الإرادة بالحديث عن إصلاح النية التي بصلاحها تصلح الإرادة و بفسادها تفسد. لو دخل الإنسان فندقاً و رأى كأساً ممتلئ و ظنه خمراً و نوى شربه و بعد ان شربه اكتشف انه ماء كتب له بنيته أثم شرب الخمر. و العكس صحيح. و النية أكثر ما يجب على المسلم أن يعمل على تصويبها لتصبح خالصة، فالعمل دون نية خالصة عناء و هباء: وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا. قل لمن لا يخلص: لا تتعب. يقول الله في الأثر: عبدي طلبت منك قلبك، و وهبت لك كلك، عبدي كلٌ يريدك له، و أنا أريدك لك. الله يعاملنا بما وقر في قلوبنا، و النية مقرها القلب، و القلب لا يتقيد و لا تكتمل السيطرة عليه، و لذلك سُمّي قلباً لأنه يتقلب. و يقول الرافعي: إنّ الله لا يُعامل إلا بالنية ولا يُكتب في سجل الحسنات إلا الأرقام القلبية . و النية: التوجه الروحي و الحضور القلبي عند مباشرة أي عمل، و ليست النية طلباً للأجر، و لكن طلباً للمرضاة و القرب. النية استحضار القلب في اللحظة الآنية، وخلاصة ما يميز أصحاب النوايا: عمل ما يجب بحب. قال الله تعالى: (منكم من يريد الد

محركات الإرادة – ثامن يوم إرادة

تتحرك الإرادة في حالة وجود قضية يؤمن بها صاحب الإرادة، أو في حالة وجود مواعيد لإتمام المهام أو الأهداف، أو أن يحيط الإنسان نفسه بأصحاب إرادة فذة. ثلاثية تحرك الإرادة و تلهبها. أن تعيش لقضية يعني أن تبذل الغالي و الرخيص في سبيلها، تشغل فؤادك و لبك و قلبك و تملئ عليك وقتك عملاً و هماً و أملاً و تخطيطاً و تدبيراً و رسم للمستقبل، قضيتنا نحن المسلمين تتمثل في نشر التوحيد للناس، من خلال تمثيل الدين على أحسن وجه، و أن نكون نماذج جذابة لمن يرانا و يتعامل معنا، قضيتنا أن يسود السلام العالم بنشر قيم الدين السمحة، قضيتنا أن نخفف معاناة الناس و نحسن جودة حياتهم من خلال تعاليم الدين التي توصي كل إنسان على أخيه الإنسان أن لا يظلمه و لا يبغي عليه و لا يخونه و لا يغشه و لا يكذب عليه، قضيتنا أن ينتشر الحق و تتحقق العدالة و يحظى كل إنسان بحريته التي كفلها له الدين و الله. و كيف تتحرك إرادة من لا قضية له. و العيش ضمن خطط عمل قصيرة و طويلة المدى و وضع أهداف مزمنة لتحقيقها، يضغط على الإنسان لتتحرك إرادته في استثمار وقته و جهده و طاقته في أداء ما عليه من مهام موصلة لأهدافه، إن العيش من غير هدف يعني

سجن الهوية

  سجن الهوية عندما كنت صغيراً تعلقت كثيراً برياضة كرة القدم، خصصت لها الوقت الطويل والجهد الكبير، حتى أني في ذات مرة رأيت أرض واسعة مفتوحة فيها العديد من الأحجار والنفايات والأشواك، فقمت بتجهيزها وتنظيفها لأيام طويلة لتصبح مناسبة للعب مباراة كرة قدم لفريق كامل، أصبحت هذه الأرض ملعباً لفترة وجيزة لبعض الشباب ولم أستطع أن ألعب فيها إلا مباراة واحدة، اليوم هذه الأرض الشاسعة تحوي بيتاً واسعاً وفخماً. كنت أفكر بكرة القدم وأشعر بها وأحلم بارتداء أحذية وملابس المشاهير من اللاعبين آنذاك مثل مارادونا وروماريو ورونالدوا والكابتن ماجد والكابتن رابح، إلا أنني بالحقيقة لم أكن أُحسن ممارسة كرة القدم، ومرات قليلة هي التي لعبت فيها مباريات كاملة، والذكرى الوحيدة المتبقية لي منها هي الركلة الشديدة التي تلقيتها على وجهي من أحد الشباب الذي مصادفةً رأيته قبل يومين بينما أنا أنفذ برنامج تدريبي في أحد الأماكن المخصصة لرعاية المناسبات.. ذكرت هذه القصة بعد رؤيتي لذلك الشخص وأنا أمارس مهنة التدريب. كان هناك سؤال واحد منعني من غض الطرف عن ممارسة الرياضة التي كنت فاشل فيها؛ السؤال هو "إذا لم أكن لاع