في ليلة وضحاها يصبح المرء منا والد لطفل أو
طفلة و نمارس بعدها التربية بالفطرة كما تلقيناها دون أن نتساءل عن مسؤولية أن
ينادينا الطفل (بابا أو ماما) و مدى كفاءتنا لأداء هذا الدور على أكمل وجه، فليس
كل إنسان جدير بهذا اللقب خاصة مع افتقاره للملكات و المهارات اللازمة للتربية و
التوجيه و الاشراف، بل يجب أن يستحي الإنسان أن يكون والداً لطفل و يتفلت من
المسؤولية الواقعة عليه اهمالاً و تقصيراً.
للأسف مفهوم التربية لدى الاباء و الأمهات في
الوطن العربي لا يحمل معاني التربية الحقة فقد يجد الطفل الرعاية الجيدة على مستوى
الجسد و توفير الطعام و الملبس و المسكن المناسب و لكنه لا يحظى بأي اهتمام على
مستوى العقل و الروح و العاطفة و رسم الطموح.
في زمن صعب كهذا يجب أن يمتلك الوالدان مهارات
متقدمة في التربية لأن المهمة اليوم أصبحت صعبة و تختلف متطلباتها عن الماضي
تماماً, و الشيء المؤسف في هذا الشأن أن الكثير من الاباء و الأمهات يمارسون مهام
التربية كما تملي عليهم فطرتهم و تجاربهم الغير ناضجة، و لا يدفعهم حبهم لأطفالهم
حتى في التفكير في التعلم و التدرب على أسس و قوانين التربية الحديثة أو أخذ كتاب
للتزود بالمعرفة في هذا الخصوص.
دور الوالدين اليوم يتجاوز حدود التربية و يجب
عليهم أن يلعبا أدواراً عديدة في حياة أطفالهم، فزمن منفتح كهذا ممكن أن يجعل كل
جهود التربية تذهب هباءً فالروافد كثيرة و نوافذ الاختراق عديدة و الطفولة تتقبل
أي وارد و الاحتكاك مع العالم الخارجي أصبح ميسراً.
إن الأسرة الفقيرة ليست تلك التي لا تملك
المال و لكن هي الأسرة التي يفتقر أطفالها للقدوات و النماذج الحسنة يلتفت الطفل
يمنة و يسرة و يجد أمامه رجال بلا مواقف و نساء بلا اهتمامات جيدة و يتشبع
بالتوافه التي تفسد خلقه و ذاته و تكوينه النفسي . و يُحرم من معايشة المواقف
الممتازة التي تصنع العظماء.
إن أكبر خدمة تقدمها للعالم هي أن تُنجب أطفال
عظماء يكون لهم دور فعال في إثراء و بناء المجتمع، و أكبر اساءة تقدمها للعالم هي
أن تنجب أطفال سيئين أو تافهين.
و حولنا الكثير.
تعليقات
إرسال تعليق