التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الرشاقة العاطفية

 الرشاقة العاطفية

يقول الناس دوماً أن الأفكار والمشاعر السلبية يجب أن تختفي من حياتك، يجب أن تعيش رائق أو مبتهج، يجب أن تظهر الثقة وتخمد أي سلبية تنبثق بداخلك. كلام جميل في الحقيقة، لكن هذا يتعارض مع حقيقة تكوين الإنسان وتصميم الحياة، كل البشر الأصحاء يعتريهم تيار داخلي من الأفكار السلبية التي تشمل النقد والشك والخوف. وعقولنا تقوم بالوظيفة التي صممت من أجلها: محاولة توقع المشكلات وحلها وتجنب المزالق المحتملة ومجابهة التحديات اليومية المعاصرة.

طبيعي أن نحمل مشاعر سلبية ما بين وقت وآخر، المهم أن يكون تعاملنا معها إيجابياً.

تظهر العديد من الدراسات، أن الرشاقة العاطفية يمكن أن تساعد الناس في تخفيف التوتر وتقليل الأخطاء وزيادة الابتكار وتحسين الأداء الوظيفي.

ولبناء مهارة الخفة الحركة العاطفية أو الرشاقة العاطفية، والتي تمكن الناس من الاقتراب من تجاربهم الداخلية بطريقة واعية ومدفوعة بالقيم ومثمرة بدلاً من إنكارها أو محاولة قمعها. علينا القيام بأربعة أشياء:

-        التعرف على نمطك النفسي. أن تدرك أنك عالق قبل أن تشرع في بدء التغيير.

تتمثل الخطوة الأولى في تطوير خفة الحركة العاطفية في ملاحظة عندما تكون سلبي أو إيجابي بمشاعرك، وإلى ماذا تميل أكثر.  بلغة أخرى راقب نفسك. واسأل نفسك: هل تسمح لعواطفك التأثير على تصرفاتك وسلوكك؟ أم ما يزال بيدك قدر من التحكم؟

-         صنف أفكارك وعواطفك.

تمامًا كما تسمي الأشياء بأسمائها الحقيقية، أطلق على الفكرة فكرة والعاطفة عاطفة "أي مشاعر"، لا تخلط بين مشاعرك وأفكارك. يسمح لك التصنيف برؤية أفكارك ومشاعرك على حقيقتها.

-        تقبل مشاعرك.

استجب لأفكارك وعواطفك بموقف منفتح، وانتبه لها وجربها قبل كبتها. نحن هنا لا ندعو لعدم التصرف بناءً على كل فكرة أو الاستسلام للسلبية ولكن نشجع على الاستجابة لأفكارك وعواطفك بموقف منفتح، والاهتمام بها والسماح لنفسك بتجربتها. الشيء المهم هو أن تظهر لنفسك (وللآخرين) بعض التعاطف وتفحص حقيقة الموقف. ما الذي يحدث - داخليًا وخارجيًا؟ افسح المجال لمشاعر الإحباط والغضب بدلاً من رفضها أو سحقها أو إخراجها من الآخرين، وستلاحظ صفتها النشطة، وأنها كانت إشارة إلى أن شيئًا مهمًا كان على المحك وأنه بحاجة إلى اتخاذ إجراءات مثمرة.

-        تصرف وفق قيمك.

مهما كانت المشاعر متطرفة ومهما كانت إيجابية أو سلبية تصرف وفق قيمك، هنا يكمن الفرق بين الأشخاص الأسوياء وغيرهم، الجيدين وغيرهم.  اسأل نفسك: هل ستفيدك استجابتك لتلك المشاعر على المدى الطويل؟
متى ما تكون واثق من أن قيمك، وليس فقط عواطفك، هي التي ترشدك، ستجد أخيرًا السلام الذي تنشده.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سلامة النية - أول يوم إرادة

و نبدأ رحلتنا في الحديث عن الإرادة بالحديث عن إصلاح النية التي بصلاحها تصلح الإرادة و بفسادها تفسد. لو دخل الإنسان فندقاً و رأى كأساً ممتلئ و ظنه خمراً و نوى شربه و بعد ان شربه اكتشف انه ماء كتب له بنيته أثم شرب الخمر. و العكس صحيح. و النية أكثر ما يجب على المسلم أن يعمل على تصويبها لتصبح خالصة، فالعمل دون نية خالصة عناء و هباء: وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا. قل لمن لا يخلص: لا تتعب. يقول الله في الأثر: عبدي طلبت منك قلبك، و وهبت لك كلك، عبدي كلٌ يريدك له، و أنا أريدك لك. الله يعاملنا بما وقر في قلوبنا، و النية مقرها القلب، و القلب لا يتقيد و لا تكتمل السيطرة عليه، و لذلك سُمّي قلباً لأنه يتقلب. و يقول الرافعي: إنّ الله لا يُعامل إلا بالنية ولا يُكتب في سجل الحسنات إلا الأرقام القلبية . و النية: التوجه الروحي و الحضور القلبي عند مباشرة أي عمل، و ليست النية طلباً للأجر، و لكن طلباً للمرضاة و القرب. النية استحضار القلب في اللحظة الآنية، وخلاصة ما يميز أصحاب النوايا: عمل ما يجب بحب. قال الله تعالى: (منكم من يريد الد

محركات الإرادة – ثامن يوم إرادة

تتحرك الإرادة في حالة وجود قضية يؤمن بها صاحب الإرادة، أو في حالة وجود مواعيد لإتمام المهام أو الأهداف، أو أن يحيط الإنسان نفسه بأصحاب إرادة فذة. ثلاثية تحرك الإرادة و تلهبها. أن تعيش لقضية يعني أن تبذل الغالي و الرخيص في سبيلها، تشغل فؤادك و لبك و قلبك و تملئ عليك وقتك عملاً و هماً و أملاً و تخطيطاً و تدبيراً و رسم للمستقبل، قضيتنا نحن المسلمين تتمثل في نشر التوحيد للناس، من خلال تمثيل الدين على أحسن وجه، و أن نكون نماذج جذابة لمن يرانا و يتعامل معنا، قضيتنا أن يسود السلام العالم بنشر قيم الدين السمحة، قضيتنا أن نخفف معاناة الناس و نحسن جودة حياتهم من خلال تعاليم الدين التي توصي كل إنسان على أخيه الإنسان أن لا يظلمه و لا يبغي عليه و لا يخونه و لا يغشه و لا يكذب عليه، قضيتنا أن ينتشر الحق و تتحقق العدالة و يحظى كل إنسان بحريته التي كفلها له الدين و الله. و كيف تتحرك إرادة من لا قضية له. و العيش ضمن خطط عمل قصيرة و طويلة المدى و وضع أهداف مزمنة لتحقيقها، يضغط على الإنسان لتتحرك إرادته في استثمار وقته و جهده و طاقته في أداء ما عليه من مهام موصلة لأهدافه، إن العيش من غير هدف يعني

سجن الهوية

  سجن الهوية عندما كنت صغيراً تعلقت كثيراً برياضة كرة القدم، خصصت لها الوقت الطويل والجهد الكبير، حتى أني في ذات مرة رأيت أرض واسعة مفتوحة فيها العديد من الأحجار والنفايات والأشواك، فقمت بتجهيزها وتنظيفها لأيام طويلة لتصبح مناسبة للعب مباراة كرة قدم لفريق كامل، أصبحت هذه الأرض ملعباً لفترة وجيزة لبعض الشباب ولم أستطع أن ألعب فيها إلا مباراة واحدة، اليوم هذه الأرض الشاسعة تحوي بيتاً واسعاً وفخماً. كنت أفكر بكرة القدم وأشعر بها وأحلم بارتداء أحذية وملابس المشاهير من اللاعبين آنذاك مثل مارادونا وروماريو ورونالدوا والكابتن ماجد والكابتن رابح، إلا أنني بالحقيقة لم أكن أُحسن ممارسة كرة القدم، ومرات قليلة هي التي لعبت فيها مباريات كاملة، والذكرى الوحيدة المتبقية لي منها هي الركلة الشديدة التي تلقيتها على وجهي من أحد الشباب الذي مصادفةً رأيته قبل يومين بينما أنا أنفذ برنامج تدريبي في أحد الأماكن المخصصة لرعاية المناسبات.. ذكرت هذه القصة بعد رؤيتي لذلك الشخص وأنا أمارس مهنة التدريب. كان هناك سؤال واحد منعني من غض الطرف عن ممارسة الرياضة التي كنت فاشل فيها؛ السؤال هو "إذا لم أكن لاع