ببساطة، معرفة ما تفعله بشكل خاطئ يتطلب مستوى معين من المعرفة والمهارة - وإذا كانت لديك المعرفة والمهارة للتعرف على أخطاءك، فمن المحتمل أنك لن ترتكبها في المقام الأول!
في هذا الحديث ستكتسب هذه المعرفة، أما المهارة فيجب عليك تطبيق ما قرأته.
تفكر في آخر خطأ ارتكبته، حتى وإن كان تافهاً، مثل دلق القهوة على مستند مهم قبل ثوانٍ من موعد تقديمه، أكيد شعورك بهذه الحالة مثل شعور أي إنسان طبيعي يتمنى يصيح حتى تنقطع حباله الصوتية.
لكين ما يجب أن تعرفه عزيزي القارئ أن ليس هناك إنسان محصن من ارتكاب الأخطاء، فنحن بشر، لكن المشكلة أن تكرر نفس الخطأ، ويحدث الخطأ تلو الخطأ دون أن نتعلم منه أولاً، ولا نتوقف عنه وهذا الأهم ثانياً.
الذي لا يتعلم من أخطاءه يضيع على نفسه فرصة سانحة للتعلم ويخسر ثقته بذاته وثقة الآخرين به، في السطور القادمة سنتعلم كيفية التعلم من الأخطاء وتقليل فرص تكرار حدوثها.
كيف تتوقف عن تكرار الأخطاء
فيما يلي خمس خطوات لمساعدتك على التعلم من أخطاءك، ووضع ما تتعلمه موضع التنفيذ.
(لكن قبل ذلك دعني أوضح لك الفرق بين الخطأ والفشل، ارتكاب خطأ ليس هو نفسه الفشل. الفشل هو نتيجة فعل خاطئ أو الإخفاق في الالتزام بتنفيذ الإجراءات للوصول للنتيجة المرجوة، في حين أن الخطأ عادة ما يكون إخفاق غير متعمد، والخطأ يمكن التعلم منه وإصلاحه، أما الفشل يمكنك أن تتعلم منه وغالباً لا تستطيع إصلاحه).
1. تحمل مسؤولية أخطاءك
لا يمكنك تعلم أي شيء من الخطأ حتى تعترف بارتكابه. لذا، خذ نفسًا عميقًا واعترف بذلك. اعترف بذلك للأشخاص الذي يتوجب أن يعرفوا ذلك، واعتذر لهم إذا وجب الأمر، وصرح بأنك تعمل على معالجته.
قول "آسف" تتطلب جسارة، ومن الأليق بك أن تكون واضحاً بدلاً من مواراة خطأك، ولا أسوأ من الخطأ الذي ارتكبته إلا أن تلوم غيرك على أخطاءك. على المدى البعيد سيتذكر الناس شجاعتك ونزاهتك عندما اعترفت وسينسون خطأك، أما الجبان فلا يحظى باحترام الناس.
ومصيبة أن يسمع الناس عن خطأك من مصادر أخرى، فستتأثر سمعتك وتكون هنا فوّت فرصة التعلم من الأخطاء.
2. إعادة صياغة الخطأ
أعد النظر بالخطأ، واختر طريقة فعالة للتفاعل معه، ورتب لخطوات معالجته.
من المحتمل أن ترى خطأك في ضوء سلبي بحت طالما استمرت آثاره ويستمر الشعور بعدم الارتياح بشأنه. ولكن، إذا تمكنت من إعادة صياغة خطأك كفرصة للتعلم، فسوف تحفز نفسك على أن تصبح أكثر معرفة ومرونة.
عندما تستوعب خطأك، فكر فيما يمكنك فعله لمنع حدوثه مرة أخرى، مثلاً، إذا تعثرت بتنفيذ خطوة مهمة في عملية تنفيذ المشروع، فكر بأن تكتب الخطوات على ورقة بارزة على مكتبك ليسهل عليك تتبع الخطوات وتنفيذها، أو إذا جرحت عزيزاً عليك بكلامك، اتبع قاعدة "استمع، فكر، تحدث" والتي تدعوك إلى التفكر قبل الرد أو الحديث.
هنا حان الوقت لأن أقول لك توقف قليلاً عن جلد ذاتك، توقف لحظة للتفكير، وابدأ في التفكير في كيفية الاستفادة من الموقف.
تلعب عقليتك دوراً مهمًا في كيفية رؤيتك لأخطائك، والأهم من ذلك، في كيفية تفاعلك معها.
إذا كان لديك عقلية "مزدهرة"، فمن المحتمل أن ترى الأخطاء كفرصة للتحسين، وليس كصاحب العقلية "السَرْمَدِية " الذي يرى الخطأ كقدر محكوم عليه ولا يمكنه التحسين.
وتذكر أن فرصة التعلم ليست ذريعة لسلوك الإهمال وتكرار الخطأ!
3. تحليل الخطأ
بعد ذلك، تحتاج إلى تحليل خطأك بأمانة وموضوعية. اسأل نفسك الأسئلة التالية:
1. ماذا كنت أحاول أن افعل؟
2. ماذا حصل؟
3. متى حدث خطأ؟
4. لماذا حدث خطأ؟
هذا التحليل سوف يكشف ما الذي أدى إلى الخطأ، ويبرز ما يجب تغييره لتجنب التكرار.
4. ضع الدروس المستفادة في الممارسة
يكمن الخطر في هذه المرحلة في أن ضغوط الحياة المهنية والشخصية ستجبرك على العودة إلى مهامك الروتينية وسلوكياتك المعتادة. الدروس التي حددتها في الخطوة 3 يمكن أن تضعف، لا تتحقق، وتصبح فكرة سطعت في لحظة صفاء. بمعنى آخر، تعلم الدروس شيء، لكن وضعها موضع التنفيذ شيء آخر تمامًا!
عليك أن تلتزم، العمل على ما تعلمته سيتطلب الانضباط والحافز لتغيير عاداتك.
هنا تحتاج إلى تحديد المهارات أو المعرفة أو الموارد أو الأدوات التي ستمنعك من تكرار الخطأ.
على سبيل المثال، إذا علمت أن خطأً قد حدث بسبب نسيانك، فقد تساعدك المذكرات أو زيادة الاهتمام بالتفاصيل. إذا وجدت أن مهاراتك التنظيمية كانت دون المستوى، فستكون المخططات الرقمية وجداول البيانات مفيدة.
أو، إذا اكتشفت أن خطأً قد حدث بسبب سوء فهم، فقد تحتاج مهارات الاتصال لديك إلى تحسين.
5. مراجعة التقدم المحرز
قد تضطر إلى تجربة عدة طرق لوضع ما تعلمته موضع التنفيذ قبل أن تجد طريقة تساعدك على عدم تكرار أخطاء الماضي. من هنا، راقب فعالية التكتيك الذي اخترته من خلال مراجعة عدد وطبيعة الأخطاء التي ارتكبتها – والتي لم ترتكبها! – أو التي أنت على وشك ارتكابها. يمكن أن تساعدك الاستعانة بشخص ما بمتابعتك على البقاء ملتزماً بمسار عملك الجديد.
أن نخطئ هو أمر بشري، ولا يتعين علينا معاقبة أنفسنا على الأخطاء التي نرتكبها. يمكن أن تكون فرصًا رائعة للتعلم والتطور على المستوى الشخصي وكذلك على المستوى المهني. نحتاج فقط لأن نتعلم منها، وأن نضع هذا التعلم موضع التنفيذ
تعليقات
إرسال تعليق