التخطي إلى المحتوى الرئيسي

نصائح للشباب ليعيشوا روح العصر الحديث

لكل زمان طبيعته و قوانينه و روحه التي تميزه عن غيره و مشكلة الانسان في كل عصر هي عدم القدرة على التأقلم مع روح العصر و نمط حركته ، فهو يُريد أن يعيش بعقلية قديمة بالية في واقع جديد مختلف فيحدث نوع من الطرد و عدم التناسب ، و حال العرب اليوم مثال واضح على هذا النوع من عدم التناسق فليس لديهم من روح العصر إلا شروره .
ان انتاج الأفكار الجديدة المناسبة لروح العصر ليس صعباً بقدر صعوبة التخلص من الأفكار القديمة البالية و مشكلة الانسان مع الأفكار تتلخص في ملمحين : تمسكه بأفكار بالية و عدم قدرته على انتاج أفكار جديدة.
للأسف أن المسلمين يعيشون في الوقت الراهن غربة زمانية و عصرية و إن التخلف المخيم على شتى جوانب حياتنا ما هو إلا نتاج طبيعي للمساوئ التي نحملها و نمارسها في جميع نشاطات حياتنا , نحن نعيش في زمن التكنولوجيا المتقدمة و نجد شركة مثل أمازون افتتحت أول متجر ذكى بدون "كاشير" تقوم فكرته على تطبيق موجود على هاتف المستخدم فقط، يتتبع ما يقوم بشرائه، ويقوم بسحب ثمنه من رصيد المستخدم، دون الحاجة للوقوف في طوابير عند نقاط الدفع و في المقابل تجد المرأة في بلداننا تقطع كيلو مترات يومياً لسقاية الماء من نقاط السبيل لترعى شؤون بيتها.

في النقاط التالية سوف أقدم للشباب نصائح موجزة تعينهم لعيش روح العصر الحديث :

أولاً : تعلم أو مُت
العملية العلمية ليست علمية رتيبة مملة، صحيح أن ليس لها جاذبية الجانب الترفيهي في الحياة و لكن بعد أن يقطع الانسان مراحل طويلة في عملية تدريس و تثقيف نفسه سيذوق لذة العلم و حلاوته عندما تنعكس المنافع و الفوائد على جميع مناحي حياته و وجوده, و صحيح أيضاً أن النظام التعليمي في بلادنا ممل و عتيق و يصنع البلادة و التخلف و لكن مع وجود الثورة التكنولوجية لا عذر للشباب بعدها في عدم صناعة بيئة تعليمية (من خلال الانترنت) جاذبة و ممتعة و مثمرة .العديد من المواقع تقدم تعليم حديث و ممتاز و مجاني أيضاً .. فلا عذر لك صديقي الشاب بعدم التعلم و التطور المستمر .

ثانياً : رفع مستوى الانتاجية ( اضف لعمرك أعماراً)
الانسان العصري يواكب رتم الحياة السريع من خلال انجاز العديد من المهام و تحقيق العديد من الاهداف بأقل وقت وجهد و تكلفة .
فلا وقت يكفي لإنجاز العديد من الاعمال المتراكمة و إني لأعجب من الشباب الذين يقتلون أعمارهم ( من خلال اهدار الوقت ) في نشاطات لا تنفعم في دين و لا دنيا. 
مشكلة الفاشلين لا تتمثل بعدم وجود وقت كافي ليحققوا النجاح و لكن  مشكلتهم هي في عدم وجود أهداف يضغطون بها على أوقاتهم و يشعرون من خلالها بمعنى جميل للحياة . 
يقول الدكتور عبدالكريم بكار : العجز عن تحقيق الأهداف ليس هو المشكلة التي يعاني منها معظم الناس، و إنما المشكلة في أنهم لا يملكون أي أهداف!
تعريف الانتاجية : هي ادارة الذات بتركيز و طاقة لتحقيق الاهداف .
و ترتبط الانتاجية بالمهارات أكثر من ارتباطها بالمعلومات و المهارات تتطلب ممارسة و تدريب و لا يمكن تعلمها من خلال الكتب .
إن امتلاك الانسان لمهارات عصرية تساعده على رفع مستوى انتاجيته و تسهل حركة معيشته في دوائر الحياة .

ثالثاً : التخصص و عدم الشتات
إن زماننا هذا هو زمن الوفرة و الكثرة و التضخم و الشاب الذي لا يتخصص بمجال و يصوب تركيزه عليه سيجد نفسه لا يتقن شيئاً ، لقد انتهى زمن العالم الموسوعي الذي يفقه بكل شيء و اصبح التخصص في مجال صغير هو مفتاح التفوق .
و الانسان المشتت بين شد و جذب مجالات عدة يجد نفسه غارق في السطح دون امتلاك تمكن و اتقان و متى ما خلّص نفسه لمجال يميل إليه و يمتلك به قدرات حقق ما عجز غيره عن تحقيقه .
إني اتعجب من قيام بعض المدربين بالتدريب بمجالات عديدة و مختلفة و في الغالب الذي يتحدث في أكثر من مجال لا يتقن أي مجال .
تخصص بمجال واحد فقط و حاول أن تضيف له و سوف تبدع به و تنجح بإذن الله .

و ختاماً أود أن أنهي حديثي عن أساليب عيش الحياة المعاصرة بمقولة للدكتور عبدالكريم بكار :

معظم الناس في الأرض يعيشون خارج عصرهم ، ولا سيما الشعوب التي تستهلك منتجات العصر دون المشاركة في إنتاجها.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سلامة النية - أول يوم إرادة

و نبدأ رحلتنا في الحديث عن الإرادة بالحديث عن إصلاح النية التي بصلاحها تصلح الإرادة و بفسادها تفسد. لو دخل الإنسان فندقاً و رأى كأساً ممتلئ و ظنه خمراً و نوى شربه و بعد ان شربه اكتشف انه ماء كتب له بنيته أثم شرب الخمر. و العكس صحيح. و النية أكثر ما يجب على المسلم أن يعمل على تصويبها لتصبح خالصة، فالعمل دون نية خالصة عناء و هباء: وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا. قل لمن لا يخلص: لا تتعب. يقول الله في الأثر: عبدي طلبت منك قلبك، و وهبت لك كلك، عبدي كلٌ يريدك له، و أنا أريدك لك. الله يعاملنا بما وقر في قلوبنا، و النية مقرها القلب، و القلب لا يتقيد و لا تكتمل السيطرة عليه، و لذلك سُمّي قلباً لأنه يتقلب. و يقول الرافعي: إنّ الله لا يُعامل إلا بالنية ولا يُكتب في سجل الحسنات إلا الأرقام القلبية . و النية: التوجه الروحي و الحضور القلبي عند مباشرة أي عمل، و ليست النية طلباً للأجر، و لكن طلباً للمرضاة و القرب. النية استحضار القلب في اللحظة الآنية، وخلاصة ما يميز أصحاب النوايا: عمل ما يجب بحب. قال الله تعالى: (منكم من يريد الد

محركات الإرادة – ثامن يوم إرادة

تتحرك الإرادة في حالة وجود قضية يؤمن بها صاحب الإرادة، أو في حالة وجود مواعيد لإتمام المهام أو الأهداف، أو أن يحيط الإنسان نفسه بأصحاب إرادة فذة. ثلاثية تحرك الإرادة و تلهبها. أن تعيش لقضية يعني أن تبذل الغالي و الرخيص في سبيلها، تشغل فؤادك و لبك و قلبك و تملئ عليك وقتك عملاً و هماً و أملاً و تخطيطاً و تدبيراً و رسم للمستقبل، قضيتنا نحن المسلمين تتمثل في نشر التوحيد للناس، من خلال تمثيل الدين على أحسن وجه، و أن نكون نماذج جذابة لمن يرانا و يتعامل معنا، قضيتنا أن يسود السلام العالم بنشر قيم الدين السمحة، قضيتنا أن نخفف معاناة الناس و نحسن جودة حياتهم من خلال تعاليم الدين التي توصي كل إنسان على أخيه الإنسان أن لا يظلمه و لا يبغي عليه و لا يخونه و لا يغشه و لا يكذب عليه، قضيتنا أن ينتشر الحق و تتحقق العدالة و يحظى كل إنسان بحريته التي كفلها له الدين و الله. و كيف تتحرك إرادة من لا قضية له. و العيش ضمن خطط عمل قصيرة و طويلة المدى و وضع أهداف مزمنة لتحقيقها، يضغط على الإنسان لتتحرك إرادته في استثمار وقته و جهده و طاقته في أداء ما عليه من مهام موصلة لأهدافه، إن العيش من غير هدف يعني

سجن الهوية

  سجن الهوية عندما كنت صغيراً تعلقت كثيراً برياضة كرة القدم، خصصت لها الوقت الطويل والجهد الكبير، حتى أني في ذات مرة رأيت أرض واسعة مفتوحة فيها العديد من الأحجار والنفايات والأشواك، فقمت بتجهيزها وتنظيفها لأيام طويلة لتصبح مناسبة للعب مباراة كرة قدم لفريق كامل، أصبحت هذه الأرض ملعباً لفترة وجيزة لبعض الشباب ولم أستطع أن ألعب فيها إلا مباراة واحدة، اليوم هذه الأرض الشاسعة تحوي بيتاً واسعاً وفخماً. كنت أفكر بكرة القدم وأشعر بها وأحلم بارتداء أحذية وملابس المشاهير من اللاعبين آنذاك مثل مارادونا وروماريو ورونالدوا والكابتن ماجد والكابتن رابح، إلا أنني بالحقيقة لم أكن أُحسن ممارسة كرة القدم، ومرات قليلة هي التي لعبت فيها مباريات كاملة، والذكرى الوحيدة المتبقية لي منها هي الركلة الشديدة التي تلقيتها على وجهي من أحد الشباب الذي مصادفةً رأيته قبل يومين بينما أنا أنفذ برنامج تدريبي في أحد الأماكن المخصصة لرعاية المناسبات.. ذكرت هذه القصة بعد رؤيتي لذلك الشخص وأنا أمارس مهنة التدريب. كان هناك سؤال واحد منعني من غض الطرف عن ممارسة الرياضة التي كنت فاشل فيها؛ السؤال هو "إذا لم أكن لاع