التخطي إلى المحتوى الرئيسي

هل تُريد أن تسيطر على حياتك ... إليك هذه الخطوات الفعالة!


تأتي الأحداث القاصمة فتفعل بنا ما تشاء و تأخذنا حيث ما شاءت و كأننا بلا ارادة أو رغبة و يحدث ما لا نريد و يأتي ما نحذر و نأخذ ما نحن له كارهون, نشتهي فنحصل على ما ينغصنا و نرتجي فنجد ما نخاف، و الحياة لا تمنحك امنياتك إلا بعد أن تكون كارهاً لها و الحرمان هو الصفة الملازمة لحظوظنا المتعثرة.

هل تعلم لماذا يحدث كل هذا ؟

بسبب الاهتمام .... نعم الاهتمام
ادارة الاهتمام تشكل فارق في حياة الكثيرين و تصنع التعاسة و السعادة و الحكمة أو البلادة و تؤثر بشكل عميق على شخصية و حياة العديد من الناس فالاهتمام يغذي العقل الذي ينتج الافكار و يحدد نوعية المشاعر التي تعترينا و يختار لنا نوعية التجارب التي نخوضها و الخبرات التي نكتسبها و كل ما سبق يصنع لنا حياتنا التي نعيشها.
و قد نصح ناصح و قال إذا أردت أن تسيطر على حياتك فسيطر أولاً على اهتماماتك و في العالم اليوم اصبحت هذه المهمة صعبة جداً فالمُشتتات كثيرة جداً و التركيز اصبح عملية شاقة.
و مسكين هو ذلك الانسان الذي يسلط اهتمامه على ما لا ينفع و الأسوأ منه هومن يسلط اهتمامه على أمور تجلب المساوئ و الضرر.
و كلما تحسنت قدرة الانسان في ادارة اهتماماته زادت انتاجيته و قلّ توتره و تمكن اكثر من التأثير على مجرى الأحداث التي تمضي بحياته.
و ادارة الاهتمام تعني القدرة على تقليص المقاطعات و الحضور اليقظ في اللحظة و مضاعفة التركيز و الانخراط في الاستغراق في الأمور المهمة و التي يجب أن نهتم بها. و أن تكون مبادراً و قاصداً و تحضر قبل الحدث لا أن تكون كل افعالك استجابات و تلقائية غير مدروسة. و أن تعرف تماماً متى سُرق اهتمامك منك و بدلاً من أن تركز في أمور اخترتها يمضي اهتمامك على أمور غير نافعة و مضرة و لم تخطط لها.
إن أهم ثمار ادارة الاهتمام هو أن نصنع لأنفسنا حياة من اختيارنا تدور في محيط احلامنا و اولوياتنا و ما هو مهم بالنسبة لنا
فكيف يمكن لنا أن نُدير اهتمامنا و نصنع الحياة التي نُريدها:
أولاً : تعرف على المقاطعات التي تشتت اهتمامك
حرام أن تمضي ايامك و اوقاتك في التجاوب مع المقاطعات و التنبيهات التي تسرق اهتمامك و تستهلك تركيزك و تخض تجارب لم تختارها و تكتسب خبرات لم تكن تريدها بتاتاً.
إن الفجوة التي بين أحلامنا و واقعنا هي المسافة التي نقطعها في التركيز بأمور لا تمثل لنا أي أهمية و لا تدخل ضمن نطاق اولوياتنا, و التباين الذي تجده بينك و بين الانسان الذي تريد أن تكونه هو اندياحك خلف الأشياء التي لا تمثل ذاتك.
و زماننا هذا كثير التشتت و الفوضى و العالم اشتكى ظهور التشتت في السبعينات عند اكتشاف الهاتف و الاذاعة فما هو شكل شكوانا اليوم مع ظهور الانترنت و الأجهزة المتصلة به و الملتصقة بنا طوال الوقت؟
لذا كان الاستحواذ على الانتباه و الاهتمام أكثر زخماً من ذي قبل و المنافسة على ذلك في احتدام.
دلت الدراسات انه حتى تتعمق في التركيز على أمر محدد فإنه يتوجب عليك أن تقضي على الاقل 15 دقيقة تركيز تام دون مقاطعة حتى تدخل مرحلة الاستغراق و التدفق (و التي توصلك بدورها لمدارج التمكن و الاتقان)، فما الجرائم التي ترتكبها المقاطعات فتحرمنا من هذه الميزة.
مقاطعات التكنولوجيا:
صنعت التكنولوجيا لخدمتك و ليس للسيطرة عليك، و التنبيهات صُممت بطريقة لتلقط انتباهك و تسرق اهتمامك، فحاول ان تخصص وقت محدد لمراجعة التنبيهات (إيميل – و مواقع تواصل اجتماعي) و الا ستضيع الساعات تلو الساعات في لا شيء.
و استجابتك السريعة لهذه الاشعارات تمنعك من الاندماج الايجابي مع المهام التي بين يديك و الأهداف التي تعمل في تحقيقها. لذا ننصح اثناء انهماكك في اعمال مهمة ان تضع هاتفك على وضع الصامت.
مقاطعات البيئة:
ضع حدوداً مع الاخرين لا تجعل باب حياتك مفتوحاً على مصراعيه للداخلين في كل وقت و خصص وقت للزيارات و العلاقات و الارتباطات الاجتماعية فلنفسك و حياتك عليك حق فاحفظه بإدارة علاقاتك بكل وقت.
مقاطعات العادات:
اضبط سلوكك و ركز اهتمامك في المهمة التي بين يديك دون ان تستجيب لأي مقاطعات على الأقل لفترة تتراوح ما بين 15 إلى 20 دقيقة، ذكرت بيث كوموستك نائب الرئيس التنفيذي لشركة ثري ام أنها تضغط على نفسها بالتركيز بالمهمة التي بين يديها لأكثر من 120 دقيقة متواصلة دون مقاطعات ثم بعد ذلك تكافئ نفسها إذا نجحت بذلك.
ثانياً: اختر بعناية ما سوف تسلط اهتمامك عليه
بعد أن تعلمنا كيف نتعامل مع المقاطعات التي تشتت اهتمامنا و تركيزنا علينا الآن أن نعرف كيف يمكن لنا أن نُدير اهتمامنا و نختار بعناية الاشياء التي تستحق تركيزنا و اهتمامنا.
ركز على أهدافك:
لكل انسان في هذه الحياة تطلعات و غايات و وجود الاهداف في حياة الواحد منا يمنحها معنى و يمنحنا همة وثقة و الوقت بدون اهداف نسعى لتحقيقها يضيع سدى و يبدد في لا شيء.
مرن عضلات اهتمامك
حدد لك مهمة هامة و استغرق فيها و ركز عليها و حدد لنفسك وقت خالص دون مقاطعات لإنجازها ... و بعد ان تنجح كافئ نفسك.
امنح الاشياء المهمة جُل اهتمامك
إياك ثم إياك أن تمنح شيئاً أو شخصاً أو مهمة أو تجربة اهتمام مجزأ فبذلك مهانة و عدم اتقان و ضعف و عدم استنفاع و لا شيء يدمر العلاقات مثل الاهتمام المتقاطع و تخيل و أنت تتحادث مع أحدهم و إذا به يقاطع حديثك لينظر بهاتفه... أمر مزعج جداً.
ركز دوماً على الاشياء الجميلة
المتشائمون دائماً ينظرون للأحداث الغير جيدة على أنها شخصية مرتبطة بهم و أن القادم دوماً أسوأ و أنه لا بصيص أمل يبدو في الأفق و أن لا أمل في شيء .
و تؤكد الدراسات أن مع الممارسة المنتظمة يمكن أن يحور الانسان تركيزه على الاشياء الايجابية و الممكن في الأحداث و يقوده اهتمامه الايجابي ليرى الحياة بصورة أجمل و من ثم يتخلص العقل من السلبية في الرؤية و المحاكمة. و قيل أن الاهتمام يُشكل الدماغ.

علينا دوماً أن نتمكن من ادارة اهتمامنا بالطريقة التي تعود لنا بالمنافع و تجنبنا المضار التي يجلبها سوء استخدام الاهتمام أو اهماله و تركه دون تحكم تتخبط به المقاطعات و تُديره أحداث الحياة الغير محببة، و مع الوعي لخطورة دور الاهتمام في صناعة الحياة يجب علينا أن نجعله في دوائر اولوياتنا لنعيش الحياة التي نريدها.





تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سلامة النية - أول يوم إرادة

و نبدأ رحلتنا في الحديث عن الإرادة بالحديث عن إصلاح النية التي بصلاحها تصلح الإرادة و بفسادها تفسد. لو دخل الإنسان فندقاً و رأى كأساً ممتلئ و ظنه خمراً و نوى شربه و بعد ان شربه اكتشف انه ماء كتب له بنيته أثم شرب الخمر. و العكس صحيح. و النية أكثر ما يجب على المسلم أن يعمل على تصويبها لتصبح خالصة، فالعمل دون نية خالصة عناء و هباء: وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا. قل لمن لا يخلص: لا تتعب. يقول الله في الأثر: عبدي طلبت منك قلبك، و وهبت لك كلك، عبدي كلٌ يريدك له، و أنا أريدك لك. الله يعاملنا بما وقر في قلوبنا، و النية مقرها القلب، و القلب لا يتقيد و لا تكتمل السيطرة عليه، و لذلك سُمّي قلباً لأنه يتقلب. و يقول الرافعي: إنّ الله لا يُعامل إلا بالنية ولا يُكتب في سجل الحسنات إلا الأرقام القلبية . و النية: التوجه الروحي و الحضور القلبي عند مباشرة أي عمل، و ليست النية طلباً للأجر، و لكن طلباً للمرضاة و القرب. النية استحضار القلب في اللحظة الآنية، وخلاصة ما يميز أصحاب النوايا: عمل ما يجب بحب. قال الله تعالى: (منكم من يريد الد

محركات الإرادة – ثامن يوم إرادة

تتحرك الإرادة في حالة وجود قضية يؤمن بها صاحب الإرادة، أو في حالة وجود مواعيد لإتمام المهام أو الأهداف، أو أن يحيط الإنسان نفسه بأصحاب إرادة فذة. ثلاثية تحرك الإرادة و تلهبها. أن تعيش لقضية يعني أن تبذل الغالي و الرخيص في سبيلها، تشغل فؤادك و لبك و قلبك و تملئ عليك وقتك عملاً و هماً و أملاً و تخطيطاً و تدبيراً و رسم للمستقبل، قضيتنا نحن المسلمين تتمثل في نشر التوحيد للناس، من خلال تمثيل الدين على أحسن وجه، و أن نكون نماذج جذابة لمن يرانا و يتعامل معنا، قضيتنا أن يسود السلام العالم بنشر قيم الدين السمحة، قضيتنا أن نخفف معاناة الناس و نحسن جودة حياتهم من خلال تعاليم الدين التي توصي كل إنسان على أخيه الإنسان أن لا يظلمه و لا يبغي عليه و لا يخونه و لا يغشه و لا يكذب عليه، قضيتنا أن ينتشر الحق و تتحقق العدالة و يحظى كل إنسان بحريته التي كفلها له الدين و الله. و كيف تتحرك إرادة من لا قضية له. و العيش ضمن خطط عمل قصيرة و طويلة المدى و وضع أهداف مزمنة لتحقيقها، يضغط على الإنسان لتتحرك إرادته في استثمار وقته و جهده و طاقته في أداء ما عليه من مهام موصلة لأهدافه، إن العيش من غير هدف يعني

سجن الهوية

  سجن الهوية عندما كنت صغيراً تعلقت كثيراً برياضة كرة القدم، خصصت لها الوقت الطويل والجهد الكبير، حتى أني في ذات مرة رأيت أرض واسعة مفتوحة فيها العديد من الأحجار والنفايات والأشواك، فقمت بتجهيزها وتنظيفها لأيام طويلة لتصبح مناسبة للعب مباراة كرة قدم لفريق كامل، أصبحت هذه الأرض ملعباً لفترة وجيزة لبعض الشباب ولم أستطع أن ألعب فيها إلا مباراة واحدة، اليوم هذه الأرض الشاسعة تحوي بيتاً واسعاً وفخماً. كنت أفكر بكرة القدم وأشعر بها وأحلم بارتداء أحذية وملابس المشاهير من اللاعبين آنذاك مثل مارادونا وروماريو ورونالدوا والكابتن ماجد والكابتن رابح، إلا أنني بالحقيقة لم أكن أُحسن ممارسة كرة القدم، ومرات قليلة هي التي لعبت فيها مباريات كاملة، والذكرى الوحيدة المتبقية لي منها هي الركلة الشديدة التي تلقيتها على وجهي من أحد الشباب الذي مصادفةً رأيته قبل يومين بينما أنا أنفذ برنامج تدريبي في أحد الأماكن المخصصة لرعاية المناسبات.. ذكرت هذه القصة بعد رؤيتي لذلك الشخص وأنا أمارس مهنة التدريب. كان هناك سؤال واحد منعني من غض الطرف عن ممارسة الرياضة التي كنت فاشل فيها؛ السؤال هو "إذا لم أكن لاع