تعتبر العلاقات ركن مهم من أركان الحياة الهانئة ،و أحد أسباب السعادةأن يعيش الانسان
في إطار علاقات صحية ، و جزء كبير من الاوقات نقضيها مع من حولنا على
اختلاف الارتباطات، و خلال هذه المعايشة تحدث احتكاكات و اختلافات و تقاطع للمصالح
و تعارض لوجهات النظر و إني أجزم أن سبب الكثير من المشكلات التي يعانيها الانسان في
حياته ناتجة عن تفاعلاته مع الآخرين.
و أقدس علاقة تجمع بين البشر هي علاقة الانسان بوالديه و أشرفها
علاقة الأزواج ببعضهم و أجملها علاقة الاصدقاء الذين لا يجمع بينهم إلا الحب، و أصعبها
علاقة زملاء العمل.
و العلاقات على خمسة مستويات( مرتبة على حسب الأهمية):
1. علاقتك بالله عز وجل.
2. علاقتك بالوالدين.
3.علاقتك بالزوج/ة و الأولاد.
4.علاقتك بالأهل و الجيران.
5.علاقتك مع الأصدقاء و الزملاء.
و يجب أن لا يتعدى مستوى على آخر و العلاقة مع الله هي الأهم
ثم و الوالدين و هكذا.
قواعد في بناء العلاقات
أولاً الإنسان روح
أمر مستنكر أن نتعامل مع الآخرين و كأنهم أدوات جامدة بلا روح
و نتغاضى عن التركيبة العاطفية الأصيلة في كينونة الإنسان ...أي إنسان. و في عالم الأعمال
نحن ندير الاجراءات و نتفاعل مع البشر و مصطلح ادارة البشر يعطي معنى غير منطقي لطبيعة
العلاقة الواجبة بين الناس ببعضهم، و الإنسان اليوم قد يتحول إلى وحش كاسر إذا لم ينمي
النزعة الروحية لديه، و إذا تغافلنا عن الروح خلال تعاملنا مع من حولنا فإننا نعزز
مبدأ المصلحة و النفع لبناء العلاقات دون لمس الجوانب الجميلة الأخرى القابعة في ذات
الانسان فتتحول الحياة لساحة مفتوحة للصراعات.
إذا تعاملنا مع بعضنا على أساس من المنافع المادية الخالصة و
أقمنا علاقتنا وفقاً لتلك الدوافع فإننا بذلك نحول الانسان إلى أداة لا قيمة له سوى
بما ينتجه و ما نستفيد منه.
خلو التعامل من التعاطف و التقدير يُحيل العلاقات إلى معارك
شرسة تحوي على العديد من الغش و الخداع. و فرض القوانين مع غياب الثقة لا يمنع من ارتكاب
الجرائم و المخالفات ، و وجود الأنظمة و اللوائح مع غياب الألفة لا يصنع فريق متعاون
متجانس، و كلما تضاءلت النزعات الروحية في العلاقات احتجنا لفرض وسائل وحشية لتنظيمها
كالعقاب و الإيذاء النفسي و الحرمان.
إن تنمية العلاقات الصحية بين البشر تأتي من فضيلة الاهتمام
و الذي يعني الاحساس الصادق بوجودهم و حقوقهم و اشكال معاناتهم و الوان حاجاتهم (عبدالكريم
بكار).
إن موضوع تنمية المشاعر الانسانية في العلاقات يساهم في تأطير
العلاقات في نطاق الحب و النبل و التآزر و هذا يعني المزيد من النفع و الخير للجميع.
ثانياً التعاطف
قامت شركة فورد بتجربة فريدة، أجبروا المهندسين على ارتداء
(حاضنة التعاطف) و هو جهاز يجعل من يرتديه يحاكي تجربة المرأة الحامل (ألم بالظهر،
ضغط بالمثانة، وزن زائد ... و استشعار حركات تحاكي ركل الجنين) و الهدف من هذه الفكرة
هو جعل المهندسين يستشعرون التحديات و الصعوبات التي تواجهها المرأة الحامل عند قيادة
السيارة لتصميم سيارات تتناسب مع الحالات التي تعتريهنّ ..و أظن أن كل مهندس ارتدى
هذا الجهاز غيّر تعامله تماماً مع زوجته و اصبح أكثر قدرة على فهم نفسيتها.
التعاطف هو ادراك شعور و موقف الطرف الآخر.
مهارة التعاطف هي القدرة على استشعار ما يدور في خلج الطرف الآخر
بمعنى " أن تضع نفسك مكانهم " باختصار المتعاطف هو شخص غير أناني يدرك قيمة
مشاعر من حوله.
إن الأشخاص الذين يفتقرون لمهارة التعاطف يجدون أنفسهم في قلب
صراعات جانبية غير ضرورية تعيقهم عن تحقيق أهدافهم و تحرمهم من صفاء حياتهم و هناء
وقتهم.
من مظاهر افتقار العاطفة عند التعامل مع الآخرين: طلب الأشياء
بحدة , مقاطعة الحديث , الرد العنيف قبل معرفة مقصود المتكلم , عدم الاستماع الجيد
لأقوال المتحدث , التفاعل بغضب مع الانتقادات.
إن العالم مليء بالبشر الأنقياء و الأشقياء و أنت ليس بمقدورك
تفادي تأثير من حولك على وجودك، عليك تقبل ذلك و لكن عليك أن تعلم كيف تحافظ على تألقك
العاطفي و تبني من خلالها علاقات متوازنة و ذلك من خلال الخطوات التالية:
- تجرد من خبراتك و آرائك و حاول أن تتبنى و تحاكي
شعور الآخرين، أنت عندما تتفهم دوافع الآخرين و تضع نفسك مكانهم من المؤكد أنك سوف
تعذرهم بل أكثر من ذلك ستبرر لهم أفعالهم و لن تراهم أشرار أو غير منطقيين، فغالباً
ما تجبر الظروف الإنسان على تبنى موقف أو سلوكيات محددة تجاوباً مع معطيات متوفرة.
- تحقق من صحة أراء الأخرين و قناعاتهم، و بعد أن تُدرك وجهات
نظر الآخرين تحقق من صحة معتقداتهم فإن تقبل آرائهم لا يعني أبداً أن تتبناها، فإن
كانت صائبة فأيدها و إن كانت خاطئة فحاول أن تنقدها و تبحث عن جذور نشاءتها و حاول
تصويبها.
- تواصل بعمق و تحدث باللغة التي يفهمها المستهدفين و انصت من
أجل الفهم و الاستيعاب و ليس من أجل انتظار دورك لترد.
-تفحص مواقفك : هل يهمك أن يظهر الحق و يتحقق الصح و توجد الحلول
أم أن أكثر ما يهمك هو إثبات صحة ادعائك و إبراز رأيك و إظهار تفوقك , أجعل الحق مقدم
على كل شيء و اعترف بخطئك إذا كان الحق عند غيرك.
-راقب أسلوبك : هل تتحدث بلطف و أدب , هل تبتسم , هل نظراتك
تعبر عن الود و الإعجاب , هل حركات جسدك تعبر عن الحب و الاحترام ! أم أن اسلوبك في
الحديث مزعج و حركاتك تبوح بالعدوانية و الكراهية ! راقب أسلوبك فطريقة الحديث أهم
من الحديث نفسه.
- انصت باهتمام : انصت للرسالة التي يحاول الآخرين إيصالها لك
-استمع بـ ( أذنك ) لما يقال و ركز على نغمة صوت المتحدث !
-استمع بـ ( عينك ) كيف هي حركات و أسلوب و تعابير جسد المتحدث
!
-استمع بـ ( عاطفتك ) لمشاعر و إحساس المتحدث !
-استمع بـ ( عقلك ) لأهمية ما يقوله المتحدث !
-وضح شكوك : حينما يريبك حدث أو موقف اسأل الطرف الآخر ليوضح
لك عند دوافع و مبررات تصرفاته و استمع لما يقوله بوعي و إنصاف . اسأل فهي اسهل و آخر
طريقة لفهم الآخرين.
-اهتم بما يحدث و استمع بإخلاص و اهتمام، لا تتجاوب مع الكلام
و لكن مع الرسالة المتضمنة و تفهم التغيير الطارئ
على الآخرين و ابحث عن المعاني الغير ملفوظة.
استخدم هذه الأدوات حينما تقوم بالتواصل مع الآخرين لتصبح أكثر
فاعلية و تأثير و لتزيد من رصيدك العاطفي لدى الآخرين.
و سنتحدث بالجزء التالي لهذه المقالة عن القواعد الأخرى في بناء
علاقات صحية مع الآخرين.
تعليقات
إرسال تعليق