الحياة مسرح التجارب
و الفطن من اختار الخبرات التي يريد ان يكتسبها فالخبرات تشكل له الطريقة التي
يعيش عليها و يتجاوب بها مع الأحداث، و الانسان كلما خاض تجارب نقية و جيدة اكتسب
خبرات عظيمة و نقية تحفظ له سلامة نفسه و نقاوة شعوره، و مع التقدم في العمر يخوض الانسان
تجارب عديدة و يدرك أشياء كثيرة و يصبح أكثر نضجاً في التعامل مع الحياة و لن
يسيطر الانسان على حياته إذا لم يركز اهتمامه على الأشياء النافعة التي تنفعه في
دنياه التي هي ممر للآخرة.
و مما تعلمته و اتمنى
نقله للشباب الأقل خبرة و نضجاً أن الوقت المهدور في اللهو و السفاسف يجلب المزيد
من الحسرة و الأسف و الانسان يخسر أيما خسارة إذا وجد نفسه ينداح مع تجارب ضارة
تفقده صوابه و توازنه فيظل يغرق في لجات الخسارة حتى يجد الخسارة تطال كل شيء حتى
نفسه و مسكين من خسر نفسه. و خسارة النفس لا تكون إلا بالبعد عن المنهج الرباني
القويم الذي فرض قوانين لتقويم حياة البشر و سعادتهم و سلامتهم و معاندة السنن
الربانية حماقة لا يرتكبها إلا المغفلين فالإنسان لا قوة له و لا حول في تحدي
نوائب الدهر الناتجة عن التصرفات الحمقاء التي ارتكبها الإنسان جهلاً أو خضوعاً
لشهوات أو هوى.
تعلمت أن التجارب
السيئة تدمر صفاء النفس و تجعل الانسان يلف حول رقبته حبل موته بالتمادي و
الاستزادة من الملذات المحرمة و لو أن الشاب حزم أمره مبكراً و ضبط نفسه و قوم
هواه لفلح و عاش حياة هانئة مليئة بالاحترام و الهناء، إن الشهوات لها فم كبير و
معدة مفتوحة و مهما رغبت في اللتهام الملذات لتشبعها لا تصاب بتخمة و لكن بنهم
فتظل تتناول اللذة بنهم حتى يصيب روحك وهن و قلبك تلف فتصبح جسد خوار متعفن.
تعلمت أن التعب في
كبح جوامح الذات عاقبته حسنة و أن الاسترسال مع في خوض مغامرات اللذة تجلب الخسائر
الكبرى في حياة الانسان و إن الظروف الخارجية مهما قدمت من اغراءات و ملهيات فإن
صاحب الروح المشعة بالإيمان لا يطاله أثر سلبي من قبل تلك الملهيات المدمرة و
السلامة القلبية هي أثمن ما قد يجنيه الشاب في هذا العصر فهو شديد الاغراء و
مقاومته لا يطيقها صاحب نفس هشة يلبي نداءات الحرام. و لمقاومة التيار الشهواني
الهائج يجب على الشاب ان يتسلح بثورة روحية جامحة تصد محاولات الاقتحام القوية من
قبل جنود ابليس.
تعلمت أن القلب له
أبواب و أبوابه العين و الأذن و ان سلم الشاب مفاتيح هذه الأبواب لطارق اللذة
انتكس و سقط في بؤر الانحلال و الغي و اصبحت افاقته صعبة و عافيته ثقيلة فاحرص على
أن تجعل ما يدخل من هذه الأبواب الى القلب سليم نظيف صافي.
و تعلمت ان الباحثين
عن المتعة معذبون لان نهمهم لا يخبت و ان السعادة كل السعادة في السكينة الناتجة
عن الالتزام و الانضباط و ان من يعرض نفسه على مسرح الشهوات المبهرج كمن يحمل جبل
على ظهره و لا ينفك منه. و ان من ضبط نفسه مبكراً ارتاح و سكن و خف حمله.
تعلمت ان التخلص من
الذنوب افضل من مكابدة اخفاءها و التقي نقي صافي النفس عفيف الكلمة جميل الابتسامة
و ان الذنوب تُثقل على القلب فيسوء الوجه لذلك كان بسط الوجه دليل على فرح القلب و
مرح الروح.
و تعلمت أخيراً أنك
تفقد أعز الناس عن حاجتهم و أن الألم لا يقاسمك فيه قلب و أن الله هو القريب الذي
لا يبعد و الصاحب الذي لا يخذل و المغيث الذي لا يتركك تكابد مرارة الوقت دون
عونه.
تعليقات
إرسال تعليق