التخطي إلى المحتوى الرئيسي

كيف تعيد الشغف إلى حياتك؟

 كيف تعيد الشغف إلى حياتك؟

يشعر الناس بالشغف عندما تكون أعمالهم وأنشطتهم اليومية متسقة مع ما يمنحهم إحساساً بالمعنى والهدف، بمعنى آخر، عندما يكون العمل الذي يقومون به متصل بغاية عزيزة بالنسبة لهم، هذا الإحساس بالارتباط بالغاية يمدهم بطاقة إيجابية كبرى، ويرفع من مستوى تركيزهم وبالتالي تزيد المثابرة والمعافرة والحماس.

لسوء حظ من يعيش في العصر الحديث فإن مطالب الحياة المعاصرة ونمط العيش والوتيرة السريعة لحركتنا اليوم لا تترك لنا الوقت لنهتم قليلاً بمثل هذه القضايا المحورية في وجودنا، ولا يدرك الكثير من الناس المعنى والغرض من حياتهم، وأثناء تلك الدوشة والفوضى والركض السريع يفقد الإنسان بوصلته وتركيزه وتستنزف طاقته بأمور غير ذات أهمية، في هذه الحالة نحن نكون في حاجة ملحة إلى التوقف والتفكر أكثر باحتياجاتنا العميقة ونهتم بمعانينا الإنسانية.

إذن الخطوة الأولى هي التوقف ووضع أسئلة محورية تحدد ما يمثل لنا أهمية قصوى في وجودنا وحياتنا المؤقتةـ بلغة أخرى تحديد أولوياتنا في الحياة. 

لإعادة إحياء الشغف كما قلنا نحتاج إلى توضيح الأولويات وتفحص خمسة أمور مهمة:

•   اكتشاف نقاط التفرد والتمكن

•   تمحيص الأعمال التي نستمتع عند القيام بها.

•   تخصيص وقت للوعي والمشاركة الفاعلة في بعض النشاطات المهمة والتي أهملناها، مثل العبادات، جلسات العائلة، لقاءات الأصدقاء، التخطيط، جلسات تنظيم ذاتية.

•   تطبيق القيم الأساسية في السلوكيات اليومية.

•   تجربة شيء جديد.

عندما تحاول اكتشاف أكثر المجالات التي تستمتع بها وبنفس الوقت أنت متمكن منها جيداً، من المهم أن تدرك أن استمتاعك بمجال لا يدل على إتقانك له، والعكس صحيح. قد يثني الناس عليك حول شيء تجيده وأنت لا تستمتع به، ومن وجهة نظري أن مأساة الإنسان تكمن في كونه موهوب بمجال لا يحبه.

حتى تكتشف نقاط تفرد، حاول تذكر تجربتين على أقل تقدير في الأشهر الماضية وجدت معها بأنك في "مكانك المناسب"، شعرت بفعالية ونشاط واستيعاب وإلهام، ثم حاول تفكيك وتحليل تلك التجارب لفهم ما الذي بالضبط منحك الشغف وما هي المواهب المحددة التي كنت تعتمد عليها.

البعض يشعر بالشغف عندما يترأس فريق ويقوده لتحقيق هدف صعب، والبعض يجد نفسه أكثر نشاطاً عندما يشارك في مسعى إبداعي.

ماذا يجب عليك عمله بعد هذا الحديث؟

عليك أن تكرس الوقت والتركيز لما هو مهم بالنسبة لك، وألا تستنفذ طاقتك في أمور غير متصلة بالمعنى والغرض، دائماً نلحظ وجود فجوة كبيرة بين ما يفعله الناس وما يمثل لهم أهمية قصوى بحياتهم، يمكن أن يساعد استحضار الوعي في سد هذه الفجوة.

أعرف أحدهم عندما بدأ باستحضار وعيه وفكر بجدية في أولوياته الشخصية، أدرك أن قضاء الوقت مع عائلته هو أكثر ما يهمه وبنفس الوقت أكثر ما قصر به، ماذا عمل لردم هذه الفجوة؟

قرر أن يتوقف عن استخدام هاتفه عندما يعود إلى المنزل ويقضي ساعتين خالصتين مع أسرته ويطفئ كل إشعارات الهاتف، واضطر إلى تعلم لعبة البلايستيشن حتى تزيد الألفة بينه وبين أطفاله.

تساعد هذه المعالجات على قطع شوط طويل في إعادة إحياء الشغف وتحقيق شعور أكبر بالمواءمة والرضا في الحياة، وهذه المشاعر هي مصدر الطاقة الإيجابية في الحياة.

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سلامة النية - أول يوم إرادة

و نبدأ رحلتنا في الحديث عن الإرادة بالحديث عن إصلاح النية التي بصلاحها تصلح الإرادة و بفسادها تفسد. لو دخل الإنسان فندقاً و رأى كأساً ممتلئ و ظنه خمراً و نوى شربه و بعد ان شربه اكتشف انه ماء كتب له بنيته أثم شرب الخمر. و العكس صحيح. و النية أكثر ما يجب على المسلم أن يعمل على تصويبها لتصبح خالصة، فالعمل دون نية خالصة عناء و هباء: وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا. قل لمن لا يخلص: لا تتعب. يقول الله في الأثر: عبدي طلبت منك قلبك، و وهبت لك كلك، عبدي كلٌ يريدك له، و أنا أريدك لك. الله يعاملنا بما وقر في قلوبنا، و النية مقرها القلب، و القلب لا يتقيد و لا تكتمل السيطرة عليه، و لذلك سُمّي قلباً لأنه يتقلب. و يقول الرافعي: إنّ الله لا يُعامل إلا بالنية ولا يُكتب في سجل الحسنات إلا الأرقام القلبية . و النية: التوجه الروحي و الحضور القلبي عند مباشرة أي عمل، و ليست النية طلباً للأجر، و لكن طلباً للمرضاة و القرب. النية استحضار القلب في اللحظة الآنية، وخلاصة ما يميز أصحاب النوايا: عمل ما يجب بحب. قال الله تعالى: (منكم من يريد الد

محركات الإرادة – ثامن يوم إرادة

تتحرك الإرادة في حالة وجود قضية يؤمن بها صاحب الإرادة، أو في حالة وجود مواعيد لإتمام المهام أو الأهداف، أو أن يحيط الإنسان نفسه بأصحاب إرادة فذة. ثلاثية تحرك الإرادة و تلهبها. أن تعيش لقضية يعني أن تبذل الغالي و الرخيص في سبيلها، تشغل فؤادك و لبك و قلبك و تملئ عليك وقتك عملاً و هماً و أملاً و تخطيطاً و تدبيراً و رسم للمستقبل، قضيتنا نحن المسلمين تتمثل في نشر التوحيد للناس، من خلال تمثيل الدين على أحسن وجه، و أن نكون نماذج جذابة لمن يرانا و يتعامل معنا، قضيتنا أن يسود السلام العالم بنشر قيم الدين السمحة، قضيتنا أن نخفف معاناة الناس و نحسن جودة حياتهم من خلال تعاليم الدين التي توصي كل إنسان على أخيه الإنسان أن لا يظلمه و لا يبغي عليه و لا يخونه و لا يغشه و لا يكذب عليه، قضيتنا أن ينتشر الحق و تتحقق العدالة و يحظى كل إنسان بحريته التي كفلها له الدين و الله. و كيف تتحرك إرادة من لا قضية له. و العيش ضمن خطط عمل قصيرة و طويلة المدى و وضع أهداف مزمنة لتحقيقها، يضغط على الإنسان لتتحرك إرادته في استثمار وقته و جهده و طاقته في أداء ما عليه من مهام موصلة لأهدافه، إن العيش من غير هدف يعني

سجن الهوية

  سجن الهوية عندما كنت صغيراً تعلقت كثيراً برياضة كرة القدم، خصصت لها الوقت الطويل والجهد الكبير، حتى أني في ذات مرة رأيت أرض واسعة مفتوحة فيها العديد من الأحجار والنفايات والأشواك، فقمت بتجهيزها وتنظيفها لأيام طويلة لتصبح مناسبة للعب مباراة كرة قدم لفريق كامل، أصبحت هذه الأرض ملعباً لفترة وجيزة لبعض الشباب ولم أستطع أن ألعب فيها إلا مباراة واحدة، اليوم هذه الأرض الشاسعة تحوي بيتاً واسعاً وفخماً. كنت أفكر بكرة القدم وأشعر بها وأحلم بارتداء أحذية وملابس المشاهير من اللاعبين آنذاك مثل مارادونا وروماريو ورونالدوا والكابتن ماجد والكابتن رابح، إلا أنني بالحقيقة لم أكن أُحسن ممارسة كرة القدم، ومرات قليلة هي التي لعبت فيها مباريات كاملة، والذكرى الوحيدة المتبقية لي منها هي الركلة الشديدة التي تلقيتها على وجهي من أحد الشباب الذي مصادفةً رأيته قبل يومين بينما أنا أنفذ برنامج تدريبي في أحد الأماكن المخصصة لرعاية المناسبات.. ذكرت هذه القصة بعد رؤيتي لذلك الشخص وأنا أمارس مهنة التدريب. كان هناك سؤال واحد منعني من غض الطرف عن ممارسة الرياضة التي كنت فاشل فيها؛ السؤال هو "إذا لم أكن لاع