التخطي إلى المحتوى الرئيسي

كيف تتعامل مع الظروف الغامضة؟


الحياة رحلة تحمل في طياتها العديد من المتغيرات و من هذه المتغيرات وجود الظروف الغامضة و التي غالباً ما نفقد معها القدرة على التصرف و الشعور بالتحكم و السيطرة و تتخبط عندها ردود أفعالنا فنجاوز الصواب و نجانب السداد
ودوماً نواجه الظروف هذه بمعلومات ناقصة و أدوات قاصرة و تحدث مفاجئات و أمور غير متوقعة فنقف عاجزين لا ندري ماذا يمكننا فعله و نسلم أنفسنا لانتظار حدوث شيء يغير جهلنا بماهية الغموض.
و علمتني الحياة أن الظروف الغامضة الصعبة تصقل المهارات النفسية لصاحبها و ترفع من مستوى ابداعه بشرط ان يتجاوب معها بالطريقة الصحيحة و السليمة.
وجزء من الحل في التعامل مع الظروف الغامضة هو التنبؤ بحدوثها، و لكن كيف يتسنى لنا ذلك و نحن لا نعلم الغيب. و كيف لنا أن نستعد لشيء لا نعرفه؟
إليك بعض الارشادات في التعامل مع الظروف الغامضة:
أولاً: توقف قليلاً
إذا اضطرتك متغيرات الوقت لاتخاذ قرار سريع لمواجهة التحديات المفاجئة فكل ما عليك فعله هو التأني و التمهل وعدم ابداء أي تصرف تجاه الأمر الطارئ فغالباً أن ردة الفعل المستعجلة تكون مضطربة وغير رشيدة.
ان مواجهة العواصف لا يمنع حدوثها ولكن الانحناء قليلاً لجعلها تمر يمنع حدوث كوارث و هذا الانحناء ليس هزيمة و خضوع و لكنه حكمة.
ثانياً: قيّم الخيارات الحقيقية التي بحوزتك
لحظات الظروف الصعبة هي لحظات من فوران العاطفة و الشعور السلبي و غالباً ما يصاحب هذا الفوران تطرف الشعور بالعجز، وغالباً ما تخيم غيمة الاحباط على الانسان فتبدو كل الحلول المتاحة مستحيلة، إن العودة للعقل و عدم الاندياح لمشاعر الظروف الصعبة يفتح أفاق واسعة من الحلول و لا ننسى دور الأمل في تبديد الظلام. و كم يقال إذا أردت حل مشكلتك فأطرها في نطاق ضيق
ثالثاً: تحرك بحذر و هدوء
بعد أن تكون حددت الخيارات المتاحة لك خذ قرار واعي وتحرك بخطوات حذرة و اختبر الأرض الي ستضع عليها قدميك قبل أن تخطو، و إذا لم تكن الارض آمنة فتوقف و لا تتعجل في المضي, وإذا وجدت الطريق سالك فامضي دون تردد.
عندما تخالف الحياة اتجاه سيرك لا تبذل جهد مضاعف في المدافعة، توقف قليلاً, و سوف تجد زخم الوقت يخفف من حدته, ثم بهدوء حاول تغيير الاتجاه

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سلامة النية - أول يوم إرادة

و نبدأ رحلتنا في الحديث عن الإرادة بالحديث عن إصلاح النية التي بصلاحها تصلح الإرادة و بفسادها تفسد. لو دخل الإنسان فندقاً و رأى كأساً ممتلئ و ظنه خمراً و نوى شربه و بعد ان شربه اكتشف انه ماء كتب له بنيته أثم شرب الخمر. و العكس صحيح. و النية أكثر ما يجب على المسلم أن يعمل على تصويبها لتصبح خالصة، فالعمل دون نية خالصة عناء و هباء: وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا. قل لمن لا يخلص: لا تتعب. يقول الله في الأثر: عبدي طلبت منك قلبك، و وهبت لك كلك، عبدي كلٌ يريدك له، و أنا أريدك لك. الله يعاملنا بما وقر في قلوبنا، و النية مقرها القلب، و القلب لا يتقيد و لا تكتمل السيطرة عليه، و لذلك سُمّي قلباً لأنه يتقلب. و يقول الرافعي: إنّ الله لا يُعامل إلا بالنية ولا يُكتب في سجل الحسنات إلا الأرقام القلبية . و النية: التوجه الروحي و الحضور القلبي عند مباشرة أي عمل، و ليست النية طلباً للأجر، و لكن طلباً للمرضاة و القرب. النية استحضار القلب في اللحظة الآنية، وخلاصة ما يميز أصحاب النوايا: عمل ما يجب بحب. قال الله تعالى: (منكم من يريد الد

محركات الإرادة – ثامن يوم إرادة

تتحرك الإرادة في حالة وجود قضية يؤمن بها صاحب الإرادة، أو في حالة وجود مواعيد لإتمام المهام أو الأهداف، أو أن يحيط الإنسان نفسه بأصحاب إرادة فذة. ثلاثية تحرك الإرادة و تلهبها. أن تعيش لقضية يعني أن تبذل الغالي و الرخيص في سبيلها، تشغل فؤادك و لبك و قلبك و تملئ عليك وقتك عملاً و هماً و أملاً و تخطيطاً و تدبيراً و رسم للمستقبل، قضيتنا نحن المسلمين تتمثل في نشر التوحيد للناس، من خلال تمثيل الدين على أحسن وجه، و أن نكون نماذج جذابة لمن يرانا و يتعامل معنا، قضيتنا أن يسود السلام العالم بنشر قيم الدين السمحة، قضيتنا أن نخفف معاناة الناس و نحسن جودة حياتهم من خلال تعاليم الدين التي توصي كل إنسان على أخيه الإنسان أن لا يظلمه و لا يبغي عليه و لا يخونه و لا يغشه و لا يكذب عليه، قضيتنا أن ينتشر الحق و تتحقق العدالة و يحظى كل إنسان بحريته التي كفلها له الدين و الله. و كيف تتحرك إرادة من لا قضية له. و العيش ضمن خطط عمل قصيرة و طويلة المدى و وضع أهداف مزمنة لتحقيقها، يضغط على الإنسان لتتحرك إرادته في استثمار وقته و جهده و طاقته في أداء ما عليه من مهام موصلة لأهدافه، إن العيش من غير هدف يعني

سجن الهوية

  سجن الهوية عندما كنت صغيراً تعلقت كثيراً برياضة كرة القدم، خصصت لها الوقت الطويل والجهد الكبير، حتى أني في ذات مرة رأيت أرض واسعة مفتوحة فيها العديد من الأحجار والنفايات والأشواك، فقمت بتجهيزها وتنظيفها لأيام طويلة لتصبح مناسبة للعب مباراة كرة قدم لفريق كامل، أصبحت هذه الأرض ملعباً لفترة وجيزة لبعض الشباب ولم أستطع أن ألعب فيها إلا مباراة واحدة، اليوم هذه الأرض الشاسعة تحوي بيتاً واسعاً وفخماً. كنت أفكر بكرة القدم وأشعر بها وأحلم بارتداء أحذية وملابس المشاهير من اللاعبين آنذاك مثل مارادونا وروماريو ورونالدوا والكابتن ماجد والكابتن رابح، إلا أنني بالحقيقة لم أكن أُحسن ممارسة كرة القدم، ومرات قليلة هي التي لعبت فيها مباريات كاملة، والذكرى الوحيدة المتبقية لي منها هي الركلة الشديدة التي تلقيتها على وجهي من أحد الشباب الذي مصادفةً رأيته قبل يومين بينما أنا أنفذ برنامج تدريبي في أحد الأماكن المخصصة لرعاية المناسبات.. ذكرت هذه القصة بعد رؤيتي لذلك الشخص وأنا أمارس مهنة التدريب. كان هناك سؤال واحد منعني من غض الطرف عن ممارسة الرياضة التي كنت فاشل فيها؛ السؤال هو "إذا لم أكن لاع