التخطي إلى المحتوى الرئيسي

قوة الحضور (صفات قيادية)


قوة الحضور (صفات قيادية)  
للقائد هيبة يشعر بها من يراه و انجذاب داخلي يجبر من حوله لسماع ما يقول و فعل ما يريد , مؤثر بحديثه مقنع بحواره يأسر القلوب بكلامه و يلفت الأنظار بأسلوبه , الحديث معه شيق النصح منه ممتع ما أن يتحدث إلا و تجد الجمع يسمعه بتركيز.

صاحب الحضور القوي و الجذاب يتمتع بهذه الصفات :

1. مؤمن ( لا يمكن تحقيق إنجاز عظيم دون وجود الإيمان )
لا أعني هنا بكلمة الإيمان كتلك التي نستخدمها بالمفهوم الديني و لكن ارنو للإشارة إلى أن القائد ذو الحضور القوي تراه مؤمن بالكلام الذي يقوله , بالمشروع الذي يعمل به , بالقضية التي يناصرها , بالعمل الذي يمارسه , مؤمن بما يقول و يعمل و يدعو إليه . هذه الكلمة قمت بترجمتها من كلمة (Passion) الذي يفضل الكثير ترجمتها (بالشغف), القائد المؤمن بما يقول من يسمعه يشعر بصدق حديثه و من يتصنع الإيمان بشيء سريعاً ما يفضح و ينفض الجميع من حوله فالإيمان لا يمكن تصنعه.
لتنمية مهارة قوة الحضور : حافظ على مصداقيتك , أخلص بكل ما تقوله و تعمله , كن على صلة عميقة مع من حولك , كن ايجابياً , ارفع مستوى ثقتك بنفسك.

أجب على هذه الثلاثة الأسئلة المهمة لتكتشف الشي الذي انت مؤمن به :
ماهي الصورة التي اريد ان تكون عليها حياتي حينما يكون عمري 60 عام ؟
ماذا اريد ان أحقق خلال الخمسة أعوام القادمة ؟
إذا تبقى لحياتك 6 اشهر ما هي أهم ثلاثة اشياء سوف تقوم بعملها ؟

2. الثقة بالنفس ( لا استطيع أن أتخيل وجود قائد لا يثق بنفسه , الأمر فعلاً مضحك )
الناس ترغب بإتباع قائد قوي واثق بنفسه فكيف لهم أن يثقوا بقدرات قائد لا يثق بقدراته , في الحقيقة ان هذه الصفة مهمة جدا و لا استطيع ان اتخيل صورة قائد مهزوز الثقة بقدراته و ذاته لأنه لن يستطيع اتخاذ قرار واحد جريء و صحيح . كثير من الناس تعاني من نقص في الثقة بأنفسهم و حينما يرون قائد متسم بالثقة فأنهم يلجئون إليه و يلتفون حوله تلقائياً . يلاحظ الناس ثقتك بذاتك من خلال نبرة صوتة , حركة جسدك , طريقة كلامك و الإشارات الغير لفظية . الثقة بالنفس حالة عقلية و نفسية في المقام الأول , الإخفاقات التي تقع فيها , الانتقادات الحادة التي تتلقاها , الرسائل السلبية التي تتداولها اثناء حديثك الذاتي , الصدمات الاجتماعية التي تحدث لك كل ذلك يساهم بطريقة ما في كسر ثقتك و احترامك لذاتك و ايمانك بقدراتك . سمعت مرة الدكتور عبدالكريم بكار يقول ( الثقة بالنفس هي ثمرة الإنجازات التي حققتها في حياتك ) و هذا الكلام صحيح جداً , في لحظات الانكسار و وصولك للحالة العقلية السلبية السابقة حاول تذكر بعض الإنجازات التي حققتها مسبقاً و سوف تجد تحول كبير بالحالة الشعورية التي تعتريك , و إن لم يكن لك إنجازات فأسعى من الآن لصناعتها ! المخاوف تشعل الشكوك و الشكوك تدمر الثقة لذلك تخلص حالاً من كل ما تخافه و تذكر أن الخوف معظمه من صنع الأوهام .

مفتاح سر الثقة بالنفس هي الاستمرارية , الاستمرارية في تطوير مهاراتك و قدراتك , الاستمرارية في محاولة تثقيف ذاتك و تحسين فكرك , الاستمرارية في البحث و السعي عن الأفضل و الأكمل و الأجمل .
نستمد ثقتنا من نفسنا بعنصرين : التقدير الذاتي و الكفاءة الذاتية , شعورك باحترام ذاتك و رفضك للسفاسف و التوافه و الدنايا و طلبك للجميل في كل شيء و الأفضل من كل أمر يرفع من تقديرك لذاتك . و يقينك بقدرتك على تحقيق اهدافك و السعي خلف طموحاتك و انجاز المرامي الصعبة و كفاءتك بتأدية المهام الشاقة ترفع شعورك بكفاءتك الذاتية.
الثقة بالنفس تعني الهدوء تعني المشاعر الايجابية تعني الأداء الأفضل.
اليقين بأنك قادر على عمل شيء بشكل جيد.
عدم الشعور بالأمان ذاتياً يعصف بالإنسان و يفتك بثقته بنفسه فيبدو مهزوزاً مهتزاً و قبل كل شيء على الانسان أن يتخلص من ظنونه الخائبة عن ذاته.
الثقة بالنفس هي ايمان المرء بقدراته و معتقداته و قيمه.
الثقة بالنفس كنز شخصي ثمين لأنها تشكل البوابة لخوض التجارب العظيمة.
الثقة بالنفس تحفز المرء على خوض مضمار الصعوبات و المخاطر لتحقيق مكاسب و نتائج مذهلة . و ضعف الثقة بالنفس سبب لكثير من الإخفاقات و كم من فرص تضيع على إنسان لا يمتلك ثقة في أداءه.
لا بد أن نفرق هنا بين الواثق بنفسه و المتكبر و المغرور , المغرور هو الشخص الموهوم بنفسه و الذي يرى ذاته على غير حقيقتها , المتكبر هو المتعالي الذي يرفض الحق إن أتى من غيره و يحتقر الآخرين و يتحاشى معاشرتهم و التجانس معهم . الواثق بنفسه إنسان واقعي بنظرته لذاته و متواضع رغم امتلاكه صفات عليا جليلة .

بناء الثقة بالنفس :
لتبني ثقتك بنفسك اسعى إلى :
التفت للماضي قليلاً و فكر بالإنجازات التي حققتها , اكتب في مفكرة صغيرة أهم عشرة إنجازات تفتخر بها , اقرأ هذه المفكرة كلما مررت بلحظات إخفاق و انكسار .
فكر بنقاط قوتك ( من عرف نفسه فقد مهد لحياته طريق شيق في رحلة النجاح ) .
فكر بما تريد و أين تريد الذهاب : حدد لك أهداف و اسعى في تحقيقها ( النجاح رحلة و ليس محطة ) تزداد ثقتك بنفسك في كل خطوة تمضي بها نحو النجاح .
سيطر على عقلك : لا تدع الأفكار السلبية تسيطر عليك ادفع كل شعور سلبي يعتريك , لا تسمح لليأس أن يقتل إيمانك بقدراتك , كافح الفكرة السلبية قبل ان تنتشر و انتصر عليها قبل أن تهزمك.
حدد المعرفة التي تريد أن تكتسبها : انظر إلى أهدافك و فتش عن جوانب قصورك المعرفي الذي يعيقك عن إحراز التفوق الذي تنشده .
حدد المهارات التي تريد أن تتقنها : ابحث عن المهارات التي اتقانك لها سيجعلك افضل .
ركز على الأولويات : لا تربك نفسك بالرغبة في تحقيق الكثير , اطلق قدراتك و ابذل جهودك في إنجاز الأهم و الأفضل , فالذي يحاول اتقان كل شيء يفشل و الفشل المتكرر مصدر مؤثر في إهتزاز الثقة.

مصادر الثقة بالنفس :
1. المعرفة و القدرات ( لديه علم جيد , يعي ما يدور حوله , يعلم نقاط ضعفه و قوته , يفهم كيف يراه الآخرون , يستوعب الأحداث جيداً , قادر على تحقيق انجازات ملموسة , قدراته التقنية متطورة )
2. التجربة و الخبرات ( الخبرة المتراكمة تمكنك من التعامل مع الأحداث و الأشياء و الأشخاص بحكمة و نضج فتصيب بما تقول و تحسن بما تعمل , و الخبرات الجيدة تمنحك إدراك واسع فلا يستعصي عليك غامض و لا تعجز عن التعامل مع الصعوبات )
3. الاكتفاء و الاستغناء ( مكتفي فلا تحتاج فضل غيرك , فقدان المال و الحاجة للبشر أكبر مصادر الإهانة و الذل )
4. الصدق و حسن الخلق ( الصادق لا يخفي شي و يخاف ظهوره , و صاحب الخلق الحسن لا يخزيه سوء و لا يعيبه ذم)
5. الإيمان و التوكل ( صلتك بربك و استعانتك به تُرقيك إلى اعلى مراتب الثقة فلن ينكسر من إتكل على العزيز القوي )

و  للحضور هيبة تطغى على القلوب و تملؤها جلالاً و بهاء. 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سلامة النية - أول يوم إرادة

و نبدأ رحلتنا في الحديث عن الإرادة بالحديث عن إصلاح النية التي بصلاحها تصلح الإرادة و بفسادها تفسد. لو دخل الإنسان فندقاً و رأى كأساً ممتلئ و ظنه خمراً و نوى شربه و بعد ان شربه اكتشف انه ماء كتب له بنيته أثم شرب الخمر. و العكس صحيح. و النية أكثر ما يجب على المسلم أن يعمل على تصويبها لتصبح خالصة، فالعمل دون نية خالصة عناء و هباء: وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا. قل لمن لا يخلص: لا تتعب. يقول الله في الأثر: عبدي طلبت منك قلبك، و وهبت لك كلك، عبدي كلٌ يريدك له، و أنا أريدك لك. الله يعاملنا بما وقر في قلوبنا، و النية مقرها القلب، و القلب لا يتقيد و لا تكتمل السيطرة عليه، و لذلك سُمّي قلباً لأنه يتقلب. و يقول الرافعي: إنّ الله لا يُعامل إلا بالنية ولا يُكتب في سجل الحسنات إلا الأرقام القلبية . و النية: التوجه الروحي و الحضور القلبي عند مباشرة أي عمل، و ليست النية طلباً للأجر، و لكن طلباً للمرضاة و القرب. النية استحضار القلب في اللحظة الآنية، وخلاصة ما يميز أصحاب النوايا: عمل ما يجب بحب. قال الله تعالى: (منكم من يريد الد

محركات الإرادة – ثامن يوم إرادة

تتحرك الإرادة في حالة وجود قضية يؤمن بها صاحب الإرادة، أو في حالة وجود مواعيد لإتمام المهام أو الأهداف، أو أن يحيط الإنسان نفسه بأصحاب إرادة فذة. ثلاثية تحرك الإرادة و تلهبها. أن تعيش لقضية يعني أن تبذل الغالي و الرخيص في سبيلها، تشغل فؤادك و لبك و قلبك و تملئ عليك وقتك عملاً و هماً و أملاً و تخطيطاً و تدبيراً و رسم للمستقبل، قضيتنا نحن المسلمين تتمثل في نشر التوحيد للناس، من خلال تمثيل الدين على أحسن وجه، و أن نكون نماذج جذابة لمن يرانا و يتعامل معنا، قضيتنا أن يسود السلام العالم بنشر قيم الدين السمحة، قضيتنا أن نخفف معاناة الناس و نحسن جودة حياتهم من خلال تعاليم الدين التي توصي كل إنسان على أخيه الإنسان أن لا يظلمه و لا يبغي عليه و لا يخونه و لا يغشه و لا يكذب عليه، قضيتنا أن ينتشر الحق و تتحقق العدالة و يحظى كل إنسان بحريته التي كفلها له الدين و الله. و كيف تتحرك إرادة من لا قضية له. و العيش ضمن خطط عمل قصيرة و طويلة المدى و وضع أهداف مزمنة لتحقيقها، يضغط على الإنسان لتتحرك إرادته في استثمار وقته و جهده و طاقته في أداء ما عليه من مهام موصلة لأهدافه، إن العيش من غير هدف يعني

سجن الهوية

  سجن الهوية عندما كنت صغيراً تعلقت كثيراً برياضة كرة القدم، خصصت لها الوقت الطويل والجهد الكبير، حتى أني في ذات مرة رأيت أرض واسعة مفتوحة فيها العديد من الأحجار والنفايات والأشواك، فقمت بتجهيزها وتنظيفها لأيام طويلة لتصبح مناسبة للعب مباراة كرة قدم لفريق كامل، أصبحت هذه الأرض ملعباً لفترة وجيزة لبعض الشباب ولم أستطع أن ألعب فيها إلا مباراة واحدة، اليوم هذه الأرض الشاسعة تحوي بيتاً واسعاً وفخماً. كنت أفكر بكرة القدم وأشعر بها وأحلم بارتداء أحذية وملابس المشاهير من اللاعبين آنذاك مثل مارادونا وروماريو ورونالدوا والكابتن ماجد والكابتن رابح، إلا أنني بالحقيقة لم أكن أُحسن ممارسة كرة القدم، ومرات قليلة هي التي لعبت فيها مباريات كاملة، والذكرى الوحيدة المتبقية لي منها هي الركلة الشديدة التي تلقيتها على وجهي من أحد الشباب الذي مصادفةً رأيته قبل يومين بينما أنا أنفذ برنامج تدريبي في أحد الأماكن المخصصة لرعاية المناسبات.. ذكرت هذه القصة بعد رؤيتي لذلك الشخص وأنا أمارس مهنة التدريب. كان هناك سؤال واحد منعني من غض الطرف عن ممارسة الرياضة التي كنت فاشل فيها؛ السؤال هو "إذا لم أكن لاع