التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الثبات عند المواقف المربكة


من السهل جداً أن تنتكس و ترتبك عند مواجهتك لأحداث صعبة و مواقف مربكة، لكن كونك شاب يطمح لأن يكون أفضل فلا بد أن تقدم نموذج بهي و تعزم على تحمل مسئولية ثباتك و تصبح أكثر قدرة على تخطي هذه المواقف بحنكة و حصافة و رباطة جأش.
إذا وجه لك أحدهم نقد حاد أمام جمع من الناس، يحمر وجهك يثقل لسانك، تتلاطم حروفك، ينظر الجميع لوجهك فيراك منكسراً خجولا.
أو تتعرض لصدمة قاسية، مفاجأة غير سارة فقدت فيها شيء عزيز أو حدث موقف خيب آمالك العريضة، تنهار قواك، تشعر بخواء، تتلعثم شفتيك، ترتجف و تسقط سقوط مدوي.
حينها يدرك الإنسان حقيقته!
يا الله كم نحن ضعفاء!
مواقف عابرة تهزنا و تربك حضورنا.
و إليك هذه الخطوات التي تساعد على تمكينك من الثبات عند الارتباك:
أولاً كن دوماً بجانب الصواب و لا تكن صاحب عيوب بارزة
إن الانسان الذي يرتكب خطأ يعيش مهزوزاً و يركبه قلق دائم و مجرد أن يذكر اسمه يرتبك، لأنه يعلم بقرارة نفسه أنه صاحب خطأ و عيب و يخشى في أي لحظة أن ينكشف ما يواري.
إن المذنب يعيش بخوف دائم و ترى في وجهه كآبة المحيا و أما صاحب الاستقامة و العمل الحسن فهو آمن مطمئن و لا خوف عليه و لا هو يحزن.
و هكذا فإن التقصير و اساءة العمل أحد أهم أسباب الارتباك.
ثانياً قُل الصدق ... و لا تزيد على ذلك
لا تكذب على الناس و قبل ذلك لا تكذب على نفسك، الكذاب ضعيف و أمره مفضوح طال الزمن أو قصر و مهما وارى الحقائق فإن عينيه ستكشف الحقيقة يوماً ما. و أنت تحتاج للحقيقة لتضع خطوات ثابتة لك في الحياة.
و الكذاب انسان ضعيف و جبان و لولا ضعفه لما هرب من قول الحقيقة.
و إذا وقعت في خطأ و ارتبكت و أردت أن تعالجه بالكذب فاعلم أنك تزيد الطين بلة و تجعل الأمور أكثر سوءً و خراب.
ثالثاً تخلص من الخوف حالاً
إذا ركبك خوف من حدوث شيء تخشاه فإن أي اشارة لحدوث هذا الشيء يصيبك بالارتباك و العجز، مثلاً هناك موظفة لديها هاجس غير عقلاني من احتمالية الاستغناء عنها من العمل، هذه المسكينة بمجرد أن يناديها مديرها المباشر سوف ترتبك و تخاف مع عدم وجود أي داعي.
إن الخوف لا يمنعك من الموت و لكن يمنعك من الحياة، و نصيحتي لك أن تهجم على خوفك قبل أن يثبطك و الشيء الذي تخافه اعمله و ستجد ان الكثير من مخاوفك لا أصل و لا داعي لها.
رابعاً كن ممتلئاَ
الإنسان الفارغ من المعني هو الذي تتلطم به أمواج الحياة يمنة و يسرة دون رحمة، حيث أنه خاوي الروح و خفيف الوجود و لا يحمل بداخله سوى بعض الغرائز التي تقود حركته في الحياة فترديه خائباً.
هل سمعت وصف الناس لهذا النوع من البشر (إنسان فارغ) نعم هو مفرغ من كل شيء إلا التفاهة.
إن الانسان الحصيف الذي يحمل بداخله قيم و علم و يقضي أيامه بتعلم الشيء المفيد و فعل الخير هو إنسان ثقيل المعنى أو بوصف آخر (رزين) أي ممتلئ بالحكمة و العلم.
خامساً توازن في تعاملك مع حاجاتك
لم أرى ذليلاً مرتبكاً مثل اللاهث خلف المتعة ، و انظروا وصف القرآن العظيم لحال هذا الانسان  {وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ}.
إن الإنسان العزيز الشامخ هو الذي يوازن في اشباع غرائزه و لا تذله شهوة و لا تهينه نزوة، أدب نفسه فجنى احترام الناس. إرادته صلبة فلا يخضع لحاجة ملحة كانت أو غير ملحة إلا بحسب منافعها و تناسبها مع قيمه و مصالح وجوده.
المرتبك شخص أهانته نفسه و ذله هواه.

في الختام تأكد أن القرار قرارك، قرر ان تعيش بكرامة و تواجه تقلبات الحياة بثبات و يمكنك ذلك من خلال تجاوز الهزائم الذاتية و الشعور بالخوف جراء الأخطاء التي تقترفها و القصور الذي تحدثه، و بحسن صلتك مع ربك سوف تستطيع تجاوز هذه المواقف بثبات.



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سلامة النية - أول يوم إرادة

و نبدأ رحلتنا في الحديث عن الإرادة بالحديث عن إصلاح النية التي بصلاحها تصلح الإرادة و بفسادها تفسد. لو دخل الإنسان فندقاً و رأى كأساً ممتلئ و ظنه خمراً و نوى شربه و بعد ان شربه اكتشف انه ماء كتب له بنيته أثم شرب الخمر. و العكس صحيح. و النية أكثر ما يجب على المسلم أن يعمل على تصويبها لتصبح خالصة، فالعمل دون نية خالصة عناء و هباء: وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا. قل لمن لا يخلص: لا تتعب. يقول الله في الأثر: عبدي طلبت منك قلبك، و وهبت لك كلك، عبدي كلٌ يريدك له، و أنا أريدك لك. الله يعاملنا بما وقر في قلوبنا، و النية مقرها القلب، و القلب لا يتقيد و لا تكتمل السيطرة عليه، و لذلك سُمّي قلباً لأنه يتقلب. و يقول الرافعي: إنّ الله لا يُعامل إلا بالنية ولا يُكتب في سجل الحسنات إلا الأرقام القلبية . و النية: التوجه الروحي و الحضور القلبي عند مباشرة أي عمل، و ليست النية طلباً للأجر، و لكن طلباً للمرضاة و القرب. النية استحضار القلب في اللحظة الآنية، وخلاصة ما يميز أصحاب النوايا: عمل ما يجب بحب. قال الله تعالى: (منكم من يريد الد

محركات الإرادة – ثامن يوم إرادة

تتحرك الإرادة في حالة وجود قضية يؤمن بها صاحب الإرادة، أو في حالة وجود مواعيد لإتمام المهام أو الأهداف، أو أن يحيط الإنسان نفسه بأصحاب إرادة فذة. ثلاثية تحرك الإرادة و تلهبها. أن تعيش لقضية يعني أن تبذل الغالي و الرخيص في سبيلها، تشغل فؤادك و لبك و قلبك و تملئ عليك وقتك عملاً و هماً و أملاً و تخطيطاً و تدبيراً و رسم للمستقبل، قضيتنا نحن المسلمين تتمثل في نشر التوحيد للناس، من خلال تمثيل الدين على أحسن وجه، و أن نكون نماذج جذابة لمن يرانا و يتعامل معنا، قضيتنا أن يسود السلام العالم بنشر قيم الدين السمحة، قضيتنا أن نخفف معاناة الناس و نحسن جودة حياتهم من خلال تعاليم الدين التي توصي كل إنسان على أخيه الإنسان أن لا يظلمه و لا يبغي عليه و لا يخونه و لا يغشه و لا يكذب عليه، قضيتنا أن ينتشر الحق و تتحقق العدالة و يحظى كل إنسان بحريته التي كفلها له الدين و الله. و كيف تتحرك إرادة من لا قضية له. و العيش ضمن خطط عمل قصيرة و طويلة المدى و وضع أهداف مزمنة لتحقيقها، يضغط على الإنسان لتتحرك إرادته في استثمار وقته و جهده و طاقته في أداء ما عليه من مهام موصلة لأهدافه، إن العيش من غير هدف يعني

سجن الهوية

  سجن الهوية عندما كنت صغيراً تعلقت كثيراً برياضة كرة القدم، خصصت لها الوقت الطويل والجهد الكبير، حتى أني في ذات مرة رأيت أرض واسعة مفتوحة فيها العديد من الأحجار والنفايات والأشواك، فقمت بتجهيزها وتنظيفها لأيام طويلة لتصبح مناسبة للعب مباراة كرة قدم لفريق كامل، أصبحت هذه الأرض ملعباً لفترة وجيزة لبعض الشباب ولم أستطع أن ألعب فيها إلا مباراة واحدة، اليوم هذه الأرض الشاسعة تحوي بيتاً واسعاً وفخماً. كنت أفكر بكرة القدم وأشعر بها وأحلم بارتداء أحذية وملابس المشاهير من اللاعبين آنذاك مثل مارادونا وروماريو ورونالدوا والكابتن ماجد والكابتن رابح، إلا أنني بالحقيقة لم أكن أُحسن ممارسة كرة القدم، ومرات قليلة هي التي لعبت فيها مباريات كاملة، والذكرى الوحيدة المتبقية لي منها هي الركلة الشديدة التي تلقيتها على وجهي من أحد الشباب الذي مصادفةً رأيته قبل يومين بينما أنا أنفذ برنامج تدريبي في أحد الأماكن المخصصة لرعاية المناسبات.. ذكرت هذه القصة بعد رؤيتي لذلك الشخص وأنا أمارس مهنة التدريب. كان هناك سؤال واحد منعني من غض الطرف عن ممارسة الرياضة التي كنت فاشل فيها؛ السؤال هو "إذا لم أكن لاع