التخطي إلى المحتوى الرئيسي

بُنَيّ


بُنَيّ
ليت الجروح تكتب على الورق لقدمت لك تجاربي على طبق من حروف لتستسيغها و تأخذ حكمتك دون معاناة.

بُنَيّ
كنت في يومِ من الأيام مثلك نفس العمر و الهموم و الشغف و الطموح، كنتُ طفلاً أحلم كما تحلم و أبكي لما تبكي، و ها هي الحياة تمضي و أصبحت كهل لديه الكثير من التجارب و القليل من الحكمة و هنا تكمن مأساة الإنسان في كل زمان، أن يعيش تجارب كثيرة هدامة و غير هامة.

بُنَيّ
خذ عني فإني شفيق عليك و قلبي حريص بالحب فليت كلماتي تخترق حجب عقلك و تستوطن فؤادك فتكتسب خبرات دون تعب تصوّب حركتك في الحياة.

بُنَيّ
إن الحياة الثرية هي الحياة الصعبة التي تكابد فيها الوقت بفعل الأمور الغير محببة للنفس، اللعب أمر محبب و لكنه غير نافع، النوم يحتاجه الجسم بمقدار و كثرته مرض، الطعام لقيمات ليشتد صلبك و ليس للمتعة، الجنس للتكاثر و ليس للتلذذ، المال لتصريف أمور الحياة و ليس غاية و مقصد، إن أولى خطوات العظمة هي في إكراه النفس للانخراط في الأعمال الشاقة حتى تصبح محببة و مستساغة للذات.

بُنَيّ
اضغط على نفسك لمفارقة هواها، إن الرجل الحقيقي هو الذي قاد هواه و ضبط شهواته و لم أرى ذليلاً مثل متبع الهوى، و لم أرى هيناً مثل اللاهث في حصاد الشهوات، إن الغرائز تمثل الجانب البهيمي منك فلا تكن بهيمة همك الأكل و الشرب و الجماع و النوم، أنت إنسان بقدر ما تستطيع كبح جوامح غرائزك و اشباعها من قنواتها النظيفة و بالمقدار الكافي لا زيادة و لا نقصان و لا افراط او تفريط، كثير من صرعى الدهر هانواً لما تمادوا في اشباع هذه الغرائز يأكلون كثيراً و يلهثون لإشعال لهيب الجنس المُهلك في حديثهم و مسامراتهم و أنسهم، و سخروا حياتهم لجمع المال.

بُنَيّ
هناك صنوف مختلفة من البشر, الجميل و القبيح، النقي و الخبيث، الطيب و القاسي، ألوان متنوعة و متعددة ، و إني لك ناصح أن لا تماشي من تشربت نفسه القذارة و امتهن الخيانة لتحقيق مصالحه الدنيئة، و علامته الكذب و النرجسية (حب الذات و الفخر بها)، و تأكد أن من خان الله لن يمنعه شيء من خيانتك، و من خان غيرك لأجلك سيخونك لغيرك. و لا تسأل الخائن لماذا خان و لكن اسأل الكريم لماذا هان.

بُنَيّ
بعض التجارب مقبرة المستقبل تترك فيك جروح لا تندمل و تحفر بقلبك أوجاع غائرة ترافقك لزمن أو زمنين لا تغادرك، تظل تقرع أبواب ذاكرتك بساطور الخزي و العار، تهدم تقديرك لذاتك و احترامك لنفسك و تهد كرامتك هدا حتى لا تشعر بإنسانيتك, فاحذر قبل أن تخوض أي تجربة فالمعافاة صعبة و التشافي يُستعصى و خير لك أن تتراجع من أن تخوض و تعجز عن الخلاص، وانظر لصرعى الدهر كم من عبر يحملون.

بُنَيّ
خير لك أن تقضي وقتك في عزلة ما دام الناس في هرج و مرج و عبث، لا تقترب من شرارة العلاقات المحرمة فكثير من الشهوات ترتدي رداء الحب. و أي حب لغير الله أو الأبوين أو الزوجة أو الصديق الصدوق فهو باطل و يقود للتناقض.
فاحذر أن تبحث عن علاقة حب لتكتشف فيها ذاتك، ابحث عن ذاتك في حب الخير و العلم و المنفعة و الاحسان، كثير من الذوات القذرة تسعى لإشباع شهواتها من خلال ادعاء الحب.

بُنَيّ
إن الحياة مليئة بالتناقضات و التوجهات المتشعبة و الله رسم للمؤمن سبيل الهدى و هو سبيل قائم على الحرمان من كثير من ما يلهث خلفه الكثير من الناس حولك ... كن غريباً عنهم و خالفهم فقد قال النبي منذُ زمن بعيد طوبي للغرباء... بُنَيّ

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سلامة النية - أول يوم إرادة

و نبدأ رحلتنا في الحديث عن الإرادة بالحديث عن إصلاح النية التي بصلاحها تصلح الإرادة و بفسادها تفسد. لو دخل الإنسان فندقاً و رأى كأساً ممتلئ و ظنه خمراً و نوى شربه و بعد ان شربه اكتشف انه ماء كتب له بنيته أثم شرب الخمر. و العكس صحيح. و النية أكثر ما يجب على المسلم أن يعمل على تصويبها لتصبح خالصة، فالعمل دون نية خالصة عناء و هباء: وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا. قل لمن لا يخلص: لا تتعب. يقول الله في الأثر: عبدي طلبت منك قلبك، و وهبت لك كلك، عبدي كلٌ يريدك له، و أنا أريدك لك. الله يعاملنا بما وقر في قلوبنا، و النية مقرها القلب، و القلب لا يتقيد و لا تكتمل السيطرة عليه، و لذلك سُمّي قلباً لأنه يتقلب. و يقول الرافعي: إنّ الله لا يُعامل إلا بالنية ولا يُكتب في سجل الحسنات إلا الأرقام القلبية . و النية: التوجه الروحي و الحضور القلبي عند مباشرة أي عمل، و ليست النية طلباً للأجر، و لكن طلباً للمرضاة و القرب. النية استحضار القلب في اللحظة الآنية، وخلاصة ما يميز أصحاب النوايا: عمل ما يجب بحب. قال الله تعالى: (منكم من يريد الد

محركات الإرادة – ثامن يوم إرادة

تتحرك الإرادة في حالة وجود قضية يؤمن بها صاحب الإرادة، أو في حالة وجود مواعيد لإتمام المهام أو الأهداف، أو أن يحيط الإنسان نفسه بأصحاب إرادة فذة. ثلاثية تحرك الإرادة و تلهبها. أن تعيش لقضية يعني أن تبذل الغالي و الرخيص في سبيلها، تشغل فؤادك و لبك و قلبك و تملئ عليك وقتك عملاً و هماً و أملاً و تخطيطاً و تدبيراً و رسم للمستقبل، قضيتنا نحن المسلمين تتمثل في نشر التوحيد للناس، من خلال تمثيل الدين على أحسن وجه، و أن نكون نماذج جذابة لمن يرانا و يتعامل معنا، قضيتنا أن يسود السلام العالم بنشر قيم الدين السمحة، قضيتنا أن نخفف معاناة الناس و نحسن جودة حياتهم من خلال تعاليم الدين التي توصي كل إنسان على أخيه الإنسان أن لا يظلمه و لا يبغي عليه و لا يخونه و لا يغشه و لا يكذب عليه، قضيتنا أن ينتشر الحق و تتحقق العدالة و يحظى كل إنسان بحريته التي كفلها له الدين و الله. و كيف تتحرك إرادة من لا قضية له. و العيش ضمن خطط عمل قصيرة و طويلة المدى و وضع أهداف مزمنة لتحقيقها، يضغط على الإنسان لتتحرك إرادته في استثمار وقته و جهده و طاقته في أداء ما عليه من مهام موصلة لأهدافه، إن العيش من غير هدف يعني

سجن الهوية

  سجن الهوية عندما كنت صغيراً تعلقت كثيراً برياضة كرة القدم، خصصت لها الوقت الطويل والجهد الكبير، حتى أني في ذات مرة رأيت أرض واسعة مفتوحة فيها العديد من الأحجار والنفايات والأشواك، فقمت بتجهيزها وتنظيفها لأيام طويلة لتصبح مناسبة للعب مباراة كرة قدم لفريق كامل، أصبحت هذه الأرض ملعباً لفترة وجيزة لبعض الشباب ولم أستطع أن ألعب فيها إلا مباراة واحدة، اليوم هذه الأرض الشاسعة تحوي بيتاً واسعاً وفخماً. كنت أفكر بكرة القدم وأشعر بها وأحلم بارتداء أحذية وملابس المشاهير من اللاعبين آنذاك مثل مارادونا وروماريو ورونالدوا والكابتن ماجد والكابتن رابح، إلا أنني بالحقيقة لم أكن أُحسن ممارسة كرة القدم، ومرات قليلة هي التي لعبت فيها مباريات كاملة، والذكرى الوحيدة المتبقية لي منها هي الركلة الشديدة التي تلقيتها على وجهي من أحد الشباب الذي مصادفةً رأيته قبل يومين بينما أنا أنفذ برنامج تدريبي في أحد الأماكن المخصصة لرعاية المناسبات.. ذكرت هذه القصة بعد رؤيتي لذلك الشخص وأنا أمارس مهنة التدريب. كان هناك سؤال واحد منعني من غض الطرف عن ممارسة الرياضة التي كنت فاشل فيها؛ السؤال هو "إذا لم أكن لاع