بُنَيّ
ليت الجروح تكتب على
الورق لقدمت لك تجاربي على طبق من حروف لتستسيغها و تأخذ حكمتك دون معاناة.
بُنَيّ
كنت في يومِ من
الأيام مثلك نفس العمر و الهموم و الشغف و الطموح، كنتُ طفلاً أحلم كما تحلم و
أبكي لما تبكي، و ها هي الحياة تمضي و أصبحت كهل لديه الكثير من التجارب و القليل
من الحكمة و هنا تكمن مأساة الإنسان في كل زمان، أن يعيش تجارب كثيرة هدامة و غير
هامة.
بُنَيّ
خذ عني فإني شفيق عليك
و قلبي حريص بالحب فليت كلماتي تخترق حجب عقلك و تستوطن فؤادك فتكتسب خبرات دون تعب تصوّب
حركتك في الحياة.
بُنَيّ
إن الحياة الثرية هي
الحياة الصعبة التي تكابد فيها الوقت بفعل الأمور الغير محببة للنفس، اللعب أمر
محبب و لكنه غير نافع، النوم يحتاجه الجسم بمقدار و كثرته مرض، الطعام لقيمات
ليشتد صلبك و ليس للمتعة، الجنس للتكاثر و ليس للتلذذ، المال لتصريف أمور الحياة و
ليس غاية و مقصد، إن أولى خطوات العظمة هي في إكراه النفس للانخراط في الأعمال
الشاقة حتى تصبح محببة و مستساغة للذات.
بُنَيّ
اضغط على نفسك
لمفارقة هواها، إن الرجل الحقيقي هو الذي قاد هواه و ضبط شهواته و لم أرى ذليلاً
مثل متبع الهوى، و لم أرى هيناً مثل اللاهث في حصاد الشهوات، إن الغرائز تمثل الجانب
البهيمي منك فلا تكن بهيمة همك الأكل و الشرب و الجماع و النوم، أنت إنسان بقدر ما
تستطيع كبح جوامح غرائزك و اشباعها من قنواتها النظيفة و بالمقدار الكافي لا زيادة
و لا نقصان و لا افراط او تفريط، كثير من صرعى الدهر هانواً لما تمادوا في اشباع هذه الغرائز يأكلون
كثيراً و يلهثون لإشعال لهيب الجنس المُهلك في حديثهم و مسامراتهم و أنسهم، و سخروا حياتهم لجمع المال.
بُنَيّ
هناك صنوف مختلفة من
البشر, الجميل و القبيح، النقي و الخبيث، الطيب و القاسي، ألوان متنوعة و متعددة ،
و إني لك ناصح أن لا تماشي من تشربت نفسه القذارة و امتهن الخيانة لتحقيق مصالحه
الدنيئة، و علامته الكذب و النرجسية (حب الذات و الفخر بها)، و تأكد أن من خان الله
لن يمنعه شيء من خيانتك، و من خان غيرك لأجلك سيخونك لغيرك. و لا تسأل الخائن لماذا
خان و لكن اسأل الكريم لماذا هان.
بُنَيّ
بعض التجارب مقبرة
المستقبل تترك فيك جروح لا تندمل و تحفر بقلبك أوجاع غائرة ترافقك لزمن أو زمنين
لا تغادرك، تظل تقرع أبواب ذاكرتك بساطور الخزي و العار، تهدم تقديرك لذاتك و
احترامك لنفسك و تهد كرامتك هدا حتى لا تشعر بإنسانيتك, فاحذر قبل أن تخوض أي تجربة
فالمعافاة صعبة و التشافي يُستعصى و خير لك أن تتراجع من أن تخوض و تعجز عن
الخلاص، وانظر لصرعى الدهر كم من عبر يحملون.
بُنَيّ
خير لك أن تقضي وقتك
في عزلة ما دام الناس في هرج و مرج و عبث، لا تقترب من شرارة العلاقات المحرمة فكثير
من الشهوات ترتدي رداء الحب. و أي حب لغير الله أو الأبوين أو الزوجة أو الصديق
الصدوق فهو باطل و يقود للتناقض.
فاحذر أن تبحث عن
علاقة حب لتكتشف فيها ذاتك، ابحث عن ذاتك في حب الخير و العلم و المنفعة و
الاحسان، كثير من الذوات القذرة تسعى لإشباع شهواتها من خلال ادعاء الحب.
بُنَيّ
إن الحياة مليئة
بالتناقضات و التوجهات المتشعبة و الله رسم للمؤمن سبيل الهدى و هو سبيل قائم على
الحرمان من كثير من ما يلهث خلفه الكثير من الناس حولك ... كن غريباً عنهم و
خالفهم فقد قال النبي منذُ زمن بعيد طوبي للغرباء... بُنَيّ
تعليقات
إرسال تعليق