هناك شيء واحد يمكن
التنبؤ به في هذه الحياة ، هو أنك ستصاب بخيبة أمل بطريقة ما. و قد يحدث لك هذا
مبكرا، والديك يسيئون التعامل معك، تُهان من أساتذتك، صديق يتركك ، حبيب أخصلت له
و خانك، تُفصل من وظيفة كنت تعمل فيها بإخلاص لفترة طويلة.
و الحقيقة أن الإنسان
الذي لا يحمل توقعات كثيرة قلما يخيب ظنه. و ببساطة إذا لم تحمل أي توقعات من أي
أحد أو من أي شيء فلن تصاب بالخيبة.
تصاب بالخيبة حينما
تحمل توقعات مرتفعة.
طبيعي عندما تتوقع
الأفضل ثم لا تحصل إلا على السيء .. تخيب ظنونك.
و كلما كانت ظنونك
كبيرة زادت خيبتك و يتجاوب الدماغ مع هذه الخيبات أحياناً بطريقة غير طبيعية و
تصاب باكتئاب.
تحدث لخبطة في كيمياء
الدماغ من هول الصدمة.
و يقول العلماء إنك قد
تجد صعوبة في تجاوز هذه الخيبة و استعادة الأمل في الحياة بسبب أن دماغك يمنعك من
ذلك. يصبح المرض عضوي و يحتاج لعلاج.
و لكن البقاء في نطاق
الخيبة و قوقعة النفس خيار يؤدي لدمار الذات.
هنا أنت تحتاج لتحليل
الموقف بحكمة
الحدث حدث و انتهى و
أصبح ماضياً و ليس لك قدرة على تغييره.
هناك حلول قد تفيد في
تخلصك من تبعات الخيبة و لكني لا أضمن لك ذلك
أولاً:تقبل حقيقة أن الخيبات تحدث لكل الناس في كل زمان
يجب أن تدرك أن حدوث
خيبات شيء طبيعي فلا أحد على وجه هذه الأرض إلا و واجه خيبات في حياته حتى الشخص
الذي تسبب بخيبتك و خذلك و خانك ... تعرض هو لذلك.
ثانياً: أكتب خيبتك على ورقة
الكتابة تخلصك قليلاً من التوتر و تجعلك أكثر قدرة على
تحليل حقيقة ما جرى، فصل بورقة خاصة فيك الحادثة التي تسببت بخيبتك و صفها و حلل
أسبابها و لخص اخطاءك التي ارتكبتها لغرض تفاديها و عدم تكرارها مستقبلاً ... ثم
مزق الورقة. ستجد أنك كنت تبالغ كثيراً في تفكيرك بأسباب ما حدث لك و تندب حظك
كثيراً على أشياء غير واقعية.
ثالثاً: تحدث لنفسك بإيجابية
غير حديثك مع ذاتك حول هذه الخيبة و تنقى كلمات ليس فيها
مبالغة أو تنكيل و ندب حظ. فقد تقل لنفسك أنك (أهبل لهذا خانوك) أو أنك (غير مؤهل
و لهذا فصلوك) أو أو .. فالأسباب قد لا تكون كذلك. بدل عن ذلك كن حازماً مع نفسك و
قل ( هذا حدث على كل حال و الحمد لله و لكن يجب أن أعرف ماذا يجب عليا أن أفعله) و
قل أيضاً ( مثل هذه الخيبات تحدث للجميع و ليس لي أنا فقط) ( و هذه ليست نهاية العالم) و كلام من هذا.
رابعاً: أدر توقعاتك
التوقعات هي سبب جميع أوجاع القلب، نحن دوماً نصاب
بالخيبة حينما يخالف الواقع توقعاتنا، و المشكلة بالتوقعات المبالغ فيها و التي
نتأمل منها مزايا غير واقعية.
و ما يشكل توقعاتنا هي رغائبنا الغير عاقلة.
و كثير من الأشياء التي نريدها و نبذل النفيس و الغالي
في سبيلها راجين منها السعادة، و ما إن نحصل عليها إلا و خبنا لأننا ظننا منها
السعادة و الهناء.
و توقع المثالية أحد أسباب أكبر الخيبات.
و عشق الذات و توقع الحسن و المليح لها من أسباب خيبات
التوقع أيضاً.
خامساً: تأثير الخبرات
الطريقة التي نتعامل
بها مع الخيبات يعتمد بشكل كبير على خبراتنا السابقة التي اكتسبناها من الحياة الأسرية
أو الصداقات السابقة أو الإعلام .
الشخصية السلبية
غالباً تكونت بسبب توارد الخيبات عليها في حياتها، فحرصاً على الذات يقرر صاحبنا
التقوقع على ذاته و الانحسار و حصر نفسه على نمط حياتي محاط بالحرص الشديد و الخوف
ليتجنب مخاطر الخيبات القادمة. و هنا يظلم صاحبنا نفسه و يعيش حياة خالية من
الإنجاز و النجاح.
و من أغلق على نفسه
الأبواب و حشر ذاته في أنموذج واحد يخسر الكثير من الميزات و الفضائل.
عليك أن تفتح نوافذك
و آفاقك لما لا تعهد من معارف و أنماط و أن تحسن الاستماع و تتأنى في مواقفك مما
ليس مألوفاً لديك، فربما كذب بحق أو صدق بباطل.(سلمان العودة)
تختلف ردود الأفعال من
شخص إلى آخر تجاه الخيبات، هناك من ينجلط و هناك من يُجنّ، و هناك من يدخل في حالة
صدمة و اكتئاب و بغض للحياة و الأحياء. و الطريقة المثلى في التعامل مع الخيبة هي التأقلم معها و استيعابها كأي حدث طبيعي في الحياة و توقع المزيد منها (لكن بعد
التنبه للأخطاء) و هناك نوع فريد من البشر و هو الذي يتعلم من الخيبة و يصبح بعدها
أفضل و تصبح الخيبة نقطة تحول في حياته إلى الأفضل و الأجمل .
إن أسوأ طريقة في
التعامل مع الخيبات هو النكوص و توبيخ و جلد الذات و إيقاف الحياة و إلغاء جمالها
بناءً على هذا الحدث السخيف.
لا يجب أن ترمي المشكلة
على الداخل فتكره نفسك و لا على الخارج فتكره الناس ... و لكن قل لا بأس هذه هي
الحياة.
سابعاً: لا تشخصن الخيبة
لا ترجع أسباب
الخيبات كلها على نفسك و تقعد تجلد ذاتك و لا ترحمها، فمن خانك هو أساء لنفسه
أولاً و خانك لأنه سيء و ليس لأنك تستحق الخيانة و كما قيل (لا تسأل الخائن لماذا
خان و لكن اسأل الكريم كيف هان)، و الشركة التي استغنت عنك في وقت أنت تبذل فيه
أكبر الجهود قذلك لأنها لا تستطيع تقدير المواهب و المخلصين.
حاول دائماً أن توجد
ألف سبب للخيبة و قد تجد أن معظمها ليس متعلق بك
وقوع الخيبات صحي
للإنسان فهي تعرفه بحقيقة الحياة الدنيا التي يعيشها.
لإدارة خيباتنا نحتاج
إلى التفريق بين الحالات التي تقع ضمن نطاق سيطرتنا و الحالات التي تفوق قدرتنا
على التأثير، كثير من حالات الخيبة نحن السبب فيها، و متى ما تعلمنا ذلك تفادينا
الوقوع فيها مجدداً و لكن مهما كنت حريصاً و حكيماً فلا بد أن تقع.
و إن كانت الخيبة ليس
لك يد فيها فردة فعلك تجاها قرار بيدك إما أن تكون درس تتعلم منه أو كارثة تصيبك
في مقتل.
و أختم حديثي بهذه
الثلاث النصائح:
كلمة عمر الملهم (
لستُ بالخِبّ و لا الخبّ يخدعني) علمتني و التجارب أكدت أن عليّ ألا أتجاهل فراستي
و لا أبوح بها، و ألا أهمل الاحتمالات التي تخطر ببالي، و لا أعتمدها، لئلا أظلم
أو أُظلم.
هكذا هم الناس، و لكن
لا بأس!
د. سلمان العودة
إن أكثر ما ندمت عليه
في حياتي هي تلك القرارات التي اتخذتها متجاهلةً حدسي. أو تلك القرارات التي توقفت
عن اتخاذها بسبب وجود بعض الشكوك.
إن الحدس قلما يخون
فلا تتجاهله.
بيث كوموستك.
جميل أن تتعلم من
دروس الحياة ألا تحتفظ إلا بالذكريات الجميلة مع الآخرين، و أن تتعلم العفوية، و
السذاجة إن شئت، في التعامل مع الوجوه، دون أن تكون عرضة للاستغفال أو الخداع الذي
يوقعك في مهاوي الطريق ..
د. سلمان العودة
تعليقات
إرسال تعليق