التنظيم الذاتي
يُحكي أن حكيم أخبر طفله : أن هناك صراع دائم بين ذئبين .
ذئب جائع , حسود , طماع , اناني , جاهل
, مغرور , كذاب , خائن و كئيب . و الذئب الآخر صادق , أمين نزيه , متواضع , متفائل
, إيجابي و ذو مسئولية .
ثم صمت قليلاً و إذ
بالطفل يسأل ( أي ذئب ينتصر )
أجابه بسرعة: ( الذي
تُغذيه ) ...
تهدف القصة إلى أن كل
منا لديه الخيار في تنمية نوازع الخير و الشر فيه
و أن الإنسان حر تماماً في طريقة استجابته للأحداث إيجاباً أو سلباً .
كيف يتم تطبيق هذه
القصة في حقل العمل !
تخيل أنك حصلت على
ترقية , بدأت بالتفكير السلبي عن مديرك بطريقة تُعيقك عن أداء عملك بالشكل الجيد ,
و تردد بينك و بين نفسك ( هو يكرهني , يخشى من تفوقي ) فتبدأ بالتعامل معه بطريقة
غير لائقة .
أو أنك فكرت بالأمر إيجاباً و رددت في حديثك مع
ذاتك ( هو شخص متمكن و سوف استفيد منه , الإنسان المؤهل علمياً و خبراتياً يحصل
على منصب جيد , لا توجد مشاكل شخصية معه ) .
ماذا إن سيطرت هذه
الأفكار السلبية عليك كيف سيكون شكل النتائج : اداء ضعيف , تواصل عقيم مع المشرف
المباشر , تحسس دائم ... و ماذا لو سيطرت الأفكار الإيجابية .. تخيل الفرق .
نهدف هنا إلى دفعك من
أجل تغذية الافكار الإيجابية لتستطيع التحكم في سلوكك و تصرفاتك و هذا ما نسميه (
التنظيم الذاتي ).
-
ماهو التنظيم الذاتي :
هو القدرة على وضع
الأفكار في المحك من أجل تقييمها قبل التصرف .
الشخص المنظم ذاتياً ينظر
للجوانب الجيدة في الاشخاص و لديه القدرة
على اكتشاف الفرص في مختلف الحالات , يتواصل بوضوح مع الاخرين , يحفز ذاته و غيره
, يتصرف وفقاً لقيمه و ليس استجابةً للظروف , و يعمل بأقصى درجات اتقانه و مهارته
... تجده متماسك عند العواصف.
المنظم ذاتياً لديه
القدرة على الهدوء و ضبط انفعالاته في الأوقات الحرجة , و صناعة الابتسامة و
الانبساط عند الأزمات ... لا يستسلم لمكدرات الوقت ... و يتكيف مع أي وضع , و
يتحمل مسئولية ما يحدث له .
التنظيم الذاتي مهارة قيادية رئيسية لأنها تمنحك القدرة
على ادراك مشاعرك و من ثم السيطرة عليها و ايضاً تجعلك قادر على التحكم بردود
افعالك و التصرف بما يتلاءم مع مجريات كل حدث .
استراتيجيات تطوير
التنظيم الذاتي :
1.
النزاهة : أن تكون مثالاً للصدق و الأمانة , و تفعل ما
تقول و تفي بعهودك و وعودك و تعمل ما يجب كما يجب في الوقت المناسب .. الإنسان
النزيه يحقق نجاحاً غير مسبوق و يجنى ثقة و احترام من حوله .. و النزاهة ليست إلا
ان تكون صادقاً بسكناتك و حركاتك و ان تنسجم مع ضميرك و تعمل وفقاً للقيم المثلى
.. النزاهة أن لا تجعل كرامتك في محك المصلحة و لا تفاوض بقيمك و أخلاقك .. النزاهة
أن لا تتنازل عن أخلاقك و كرامتك من أجل
مصالح فانية ... من يكسب قيمه على حساب مصالحه يخسر أولاً و يربح أخيراً على
المستوى البعيد و من يربح مصالحه و يفرط بقيمه يربح على المدى القصير و لكنه يخسر
كثيراً في الأخير .. الدنيا ليست مرتع خصب تُحقق فيها مصالحك كاملة مع الحفاظ على
القيم المثلى لا بد من التضحية و الفشل كل الفشل ان تُضحي بقيمك و مبادئك من أجل مصالح
فانية . و من النزاهة أن تتطابق افعالك مع اقوالك و مع هواجس قلبك و وتوجهات روحك
, و ان تفعل مع الناس ما تُريد أن يفعلوه معك .
2.
انفتح للتغيير : الشخص المنظم ذاتياً يتأقلم بسهولة و
يسر مع التغيير و البيئات الجديدة و المختلفة , و يصنع انسجام بين سلوكياته و
الظروف المحيطة بحيث أن تبقى الجذور كما هي. دائماً الشخصيات التي تُقاوم التغيير
تُعاني من الضغوط و الضعف في الإنجاز و عدم القدرة على تحقيق نتائج ملحوظة .
3.
حدد دوافعك : عنصر مهم في التنظيم الذاتي هو معرفة الذات
, اعرف ما هي نقاط قوتك و ضعفك و عواطفك
المؤثرة فيك سلباً و إيجاباً , و الأفكار التي تُحفزك و تُثنيك ... اكتب قناعاتك
السلبية التي تؤثر على أدائك سلباً و اعمل جاهداً على التخلص منها .
4.
الانضباط الذاتي : الإنجازات الكبرى هي التي تحدث جراء
تحقيق الأهداف الصغيرة بشكل مستمر و ليس كما يعتقد ... النجاح لا يعترف بالقفزات
الكبرى, النجاح سلسلة طويلة من العمل الدؤوب و الجهد المتواصل ... و الذي يوصلك
لتحقيق ما تريد هو الانضباط الذاتي إلزام النفس بإتباع ما يجب دون تهرب أو تحايل
... في كل حالاتك تسعى للاستفادة و تحقيق الأهداف و في كل الظروف .. و الإصرار على
تحقيق ما تُريد إكمال ما تبدأ به .
5.
إعادة صياغة الأفكار السلبية : الإنسان المنظم ذاتياً
يعرف أي ذئب عليه تغذيته , تهجم عليه الافكار السلبية فيقاومها و يُحاربها و يصدها
و يضع امام تدفقها عقبات و يحول مسارها لتصبح إيجابية ... عندما تهجم عليك مثل هذه
الأفكار اسأل نفسك ( هل هي منطقية ) .
6.
حافظ على هدوئك في الأوقات الصعبة : التنظيم الذاتي هو
أن تُحافظ على اتزانك و تماسكك أمام الأحداث العاصفة و الثبات عند الأزمات ...
حينما تشعر أنك فقدت السيطرة على مشاعرك إنئأ بنفسك جانباً لبعض الوقت .
7.
اعتبر من
النهايات : إذا و جدت نفسك في ظروف صعبة
أو إنك تحاول ان تسيطر على انفعالاتك , فكر قبل أن تعمل شيء و اقرأ حركة الأحداث و
تذكر كيف أن انفعالاتك السابقة أوصلتك لنتائج غير محمودة ... و تذكر دائماً أن
الحال لا يبقى على ما هو و أن العاقبة هي الأهم .
8.
ثق بقدراتك : كن دائماً على يقين بأن لك القدرة على
تغيير نفسك للأفضل و التحكم بانفعالاتك و أنك قادر على تحقيق ما تُريد .
إن التنظيم الذاتي هو سلم الوصول للتفوق , كونه يجعلك
مستعداً لخوض مضمار الحياة بجدية و أريحية .
تعليقات
إرسال تعليق