التخطي إلى المحتوى الرئيسي

كشخة روح

تحذير : هذه المقالة لا تتناسب مع المتكبرين و محبي البيتزا و الاسبريسو .
ياهذا أما ترى أن هذا الوقت متناسب جداً مع النظارات التي يرتديها الناس في النهار !
تجده يستقبلك بإبتسامة عريضة و خلفها يٌخفي سوءه الدفين , مبدع في البدايات يرمي طعمه و ما إن شعر بالتمكن اختار نهاية أنيقة تليق بالمكر الذي مكره ... أنا مسافر .
يلتقي بك ماراً بترحاب و حفاوة و يغمرك باللطف و التودد و ما إن ترحل يقول بنفسه ( أيش ذي العالم )
يتباهى بنفسه و يسعده أن يرى هناك من يلهث خلفه و إن وجد عزيز نفس ممانع فإنه يستخدم التواضع كحيلة لجذبه و إيقاعه في شباك حبه .... و ما إن وقع رماه كما يرمي البحر الجيفة .
ذكاؤه يدفعه للتلاعب بعقول الناس فمستوى تفكيرهم لا يصل لمستواه لذلك يستخدم الكثير من الحيل و الرموز و الغموض و يكذب كثيراً فلديه قدرة بارعة في الإختلاق ... سعة خيال و حبكة فكر .
حاجته تدفعه إليك و تجده عند باب مكتبك منادياً بإسمك بأسلوب لطيف , مبتسم يصافحك بشوق و كأن بينكم عشرة سنين ... قضى مصلحته منك و مضى ...تلقاه بالصدفة عند إشارة المرور ... تناديه و لا يسمعك يلتفت إليك من خلف نظارة سوداء و يقول ( أهلاً ) .
يتصل بك وما أن يأخذ غايته يقول لك ( ما أطول عليك ) و يٌقفل المكالمة بأسلوب ذكي و كأنه يراعيك و يحترم وقتك و هو لا يريد الحديث أكثر .
تلقاه في كافيه و حوله من حوله يضحك بقهقهة عالية يتكلم بلغة ممزوجة لا هي عربي و لا هي انجليزي خليط من الكلمات التي تٌظهر أنه ( مودرن ) .
يرى نفسه مميز يختار ملابس تجعله أثرى مما هو في الحقيقة هو يؤمن أننا في زمن المظاهر الخداعة و لكن للأسف هو لا يدرك أن ملابسة أثمن ما فيه !
يرتدي ساعة فخمة و غالية و الوقت لا قيمة له عنده , يعتلي فوق سيارته و يرفع رأسه و كأنه قائد الأمة الأول , يتعالى على الناس بأشياء رخيصة فلا قيمة له إلا بهذه الأشياء , هو مفرغ من كل معاني الإنسانية لذلك يجد بالإشياء ما يسد فجوته و نقصه .
صغير النفس جداً ما إن يتولى منصب جيد نجده يكبر و يتضخم و ينتفخ بكلامه و مشيته و أسلوبه ... يستغل منصبه في التفاخر و التباهي على غيره و يستمد قيمته و مكانته من وظيفته... و ما ان ينزاح عن منصبه نراه ( ينسم ) و يٌفرغ من الهواء كالبالونة فيغدو لا شيء.
يزدري من حوله و يرى نفسه فوقهم و يرفض أن يمشي مع القطيع , لا يٌحب المنشورات التقليدية و يرفض تداول رسائل الوتس الإعتيادية, و لا يشاهد إلا أفلام غريبة و يميل للمسلسلات الكورية ... تراه يسعى للغرابة في كل شيء حتى في ( دينه ) .
مسكين هذا المعجون من التراب
يظلم نفسه بنكران أصله و منازعة ربه بالتكبر على من قد يكونوا أفضل منه بالمعايير السماوية .
يارب خلصني من عيب التكبر و ارفعني بالتواضع!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سلامة النية - أول يوم إرادة

و نبدأ رحلتنا في الحديث عن الإرادة بالحديث عن إصلاح النية التي بصلاحها تصلح الإرادة و بفسادها تفسد. لو دخل الإنسان فندقاً و رأى كأساً ممتلئ و ظنه خمراً و نوى شربه و بعد ان شربه اكتشف انه ماء كتب له بنيته أثم شرب الخمر. و العكس صحيح. و النية أكثر ما يجب على المسلم أن يعمل على تصويبها لتصبح خالصة، فالعمل دون نية خالصة عناء و هباء: وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا. قل لمن لا يخلص: لا تتعب. يقول الله في الأثر: عبدي طلبت منك قلبك، و وهبت لك كلك، عبدي كلٌ يريدك له، و أنا أريدك لك. الله يعاملنا بما وقر في قلوبنا، و النية مقرها القلب، و القلب لا يتقيد و لا تكتمل السيطرة عليه، و لذلك سُمّي قلباً لأنه يتقلب. و يقول الرافعي: إنّ الله لا يُعامل إلا بالنية ولا يُكتب في سجل الحسنات إلا الأرقام القلبية . و النية: التوجه الروحي و الحضور القلبي عند مباشرة أي عمل، و ليست النية طلباً للأجر، و لكن طلباً للمرضاة و القرب. النية استحضار القلب في اللحظة الآنية، وخلاصة ما يميز أصحاب النوايا: عمل ما يجب بحب. قال الله تعالى: (منكم من يريد الد

محركات الإرادة – ثامن يوم إرادة

تتحرك الإرادة في حالة وجود قضية يؤمن بها صاحب الإرادة، أو في حالة وجود مواعيد لإتمام المهام أو الأهداف، أو أن يحيط الإنسان نفسه بأصحاب إرادة فذة. ثلاثية تحرك الإرادة و تلهبها. أن تعيش لقضية يعني أن تبذل الغالي و الرخيص في سبيلها، تشغل فؤادك و لبك و قلبك و تملئ عليك وقتك عملاً و هماً و أملاً و تخطيطاً و تدبيراً و رسم للمستقبل، قضيتنا نحن المسلمين تتمثل في نشر التوحيد للناس، من خلال تمثيل الدين على أحسن وجه، و أن نكون نماذج جذابة لمن يرانا و يتعامل معنا، قضيتنا أن يسود السلام العالم بنشر قيم الدين السمحة، قضيتنا أن نخفف معاناة الناس و نحسن جودة حياتهم من خلال تعاليم الدين التي توصي كل إنسان على أخيه الإنسان أن لا يظلمه و لا يبغي عليه و لا يخونه و لا يغشه و لا يكذب عليه، قضيتنا أن ينتشر الحق و تتحقق العدالة و يحظى كل إنسان بحريته التي كفلها له الدين و الله. و كيف تتحرك إرادة من لا قضية له. و العيش ضمن خطط عمل قصيرة و طويلة المدى و وضع أهداف مزمنة لتحقيقها، يضغط على الإنسان لتتحرك إرادته في استثمار وقته و جهده و طاقته في أداء ما عليه من مهام موصلة لأهدافه، إن العيش من غير هدف يعني

سجن الهوية

  سجن الهوية عندما كنت صغيراً تعلقت كثيراً برياضة كرة القدم، خصصت لها الوقت الطويل والجهد الكبير، حتى أني في ذات مرة رأيت أرض واسعة مفتوحة فيها العديد من الأحجار والنفايات والأشواك، فقمت بتجهيزها وتنظيفها لأيام طويلة لتصبح مناسبة للعب مباراة كرة قدم لفريق كامل، أصبحت هذه الأرض ملعباً لفترة وجيزة لبعض الشباب ولم أستطع أن ألعب فيها إلا مباراة واحدة، اليوم هذه الأرض الشاسعة تحوي بيتاً واسعاً وفخماً. كنت أفكر بكرة القدم وأشعر بها وأحلم بارتداء أحذية وملابس المشاهير من اللاعبين آنذاك مثل مارادونا وروماريو ورونالدوا والكابتن ماجد والكابتن رابح، إلا أنني بالحقيقة لم أكن أُحسن ممارسة كرة القدم، ومرات قليلة هي التي لعبت فيها مباريات كاملة، والذكرى الوحيدة المتبقية لي منها هي الركلة الشديدة التي تلقيتها على وجهي من أحد الشباب الذي مصادفةً رأيته قبل يومين بينما أنا أنفذ برنامج تدريبي في أحد الأماكن المخصصة لرعاية المناسبات.. ذكرت هذه القصة بعد رؤيتي لذلك الشخص وأنا أمارس مهنة التدريب. كان هناك سؤال واحد منعني من غض الطرف عن ممارسة الرياضة التي كنت فاشل فيها؛ السؤال هو "إذا لم أكن لاع