التخطي إلى المحتوى الرئيسي

و لكن الزمن يدور


تعال جرِب ... نادى صديقه و مد له بسيجارة و جمع كل ألوان المغريات و البهرجة، تمنع المسكين حتى قالوا له لست رجل، ارتفعت حميته و غيرته على نفسه و جرب، و كانت بداية لنهاية في عمر مبكر بجلطة. و الداعي لم يبتلى فقط بنفسه و لكن ببنيه.
صمت و قال لنفسه بعد أن عاد من زيارة ابنه المحكوم عليه بالسجن .. لماذا يحدث لي هذا!
و كأنه نسى أو تناسى أن الزمن يدور.
و لكن الزمن يدور
أغراه غياب الرقابة عليه و لا رقيب يستشعره، سرق و ارتشى و اغتنى و حقق ثروة من حرام، وفر لأولاده جميع موارد الرفاهية و النعيم و الترفيه، انشغلوا باللهو عنه، مرض و لم يسأل عليه أحد، قُتل أحد أبناءه بسبب عبثه مع صديقه بالسلاح، ابنته المرحة أصابها مرض لم يعرف الطب كنهه، ذهب عند باب قبر المراهق المدفون يبكي .. تتساقط دموعه و هو في حيرة من أمره.
و لكن الزمن يدور
أحبك .. استباح بلسانه قبل قلبه حرمات الناس، تعالي لنخرج سوية تتمنع المسكينة، أغراها بالحب و بتلك الدموع الزائفة، تعالي هناك مفاجأة تنتظرك، خانت عهدها مع الله قبل أبيها، عبث بها و رماها.
بحثت والدته عن بنت الأصول و النسب التي تناسب ولدها الوسيم التي تُجنّ النساء عليه، من المحظوظة التي ستناله، تزوج و ما زال الحرام يداعبه و يحرمه من نعمة التمتع بالحلال خانته و خانها هكذا يأخذ الحرام دورته على الطامعين به. عذبها و عذبته و أنجب كومة بنات .. كل واحدة منهنّ كل يومِ في حضن. أدرك في النهاية عندما انتهى كل شيء أن الله لا ينسى جرم من طغى و ما تاب.
و لكن الزمن يدور
زوجها طيب و هي تسيء لوالدته و لا يعرف كيف يصدها كونه يحبها و فيها قوة تمنعه، كان معهم ولد جميل كبر و اختارت له زوجة مسكينة ضعيفة حتى لا تتعامل معها كما تعاملت هي مع والدة زوجها. أهانتها أمام الضيوف و عنفتها بلا رحمة ، دمعت عيناها و استوعبت فكرة أن الحياة تمضي.
و لكن زمان يدور
ليته عرف ذلك مبكراً أن الزمن يدور ... و لكن في المقابل هناك أهل بلاء في الأرض ليس لأنهم أصحاب أثام و دارت عليهم .. و لكن يريد الله أن يبتليهم و جميعنا سنعرف أن الزمن يدور و المؤسف أن قليل منا يعرف ان الله غفور.
يشاهد ما يدور في غرف النوم كما هو متاح من على الانترنت بجواله، أدمن ذلك ليلاً و نهارا، لمحت بنته المراهقة ذلك بينما هي تمشي، و لمحت البنت أخاها أيضاً يعمل ذلك، و تزوجت و على حين غرة وجد الزوج على جهازها بعض المقاطع .. رماها و عادت لأبييها منكسرة فماذا تقول حاول الأب أن يعرف السر و لم يعرف السبب و لم يعرف ايضاً أن الزمن يدور.
و لكن الزمن يدور


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سلامة النية - أول يوم إرادة

و نبدأ رحلتنا في الحديث عن الإرادة بالحديث عن إصلاح النية التي بصلاحها تصلح الإرادة و بفسادها تفسد. لو دخل الإنسان فندقاً و رأى كأساً ممتلئ و ظنه خمراً و نوى شربه و بعد ان شربه اكتشف انه ماء كتب له بنيته أثم شرب الخمر. و العكس صحيح. و النية أكثر ما يجب على المسلم أن يعمل على تصويبها لتصبح خالصة، فالعمل دون نية خالصة عناء و هباء: وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا. قل لمن لا يخلص: لا تتعب. يقول الله في الأثر: عبدي طلبت منك قلبك، و وهبت لك كلك، عبدي كلٌ يريدك له، و أنا أريدك لك. الله يعاملنا بما وقر في قلوبنا، و النية مقرها القلب، و القلب لا يتقيد و لا تكتمل السيطرة عليه، و لذلك سُمّي قلباً لأنه يتقلب. و يقول الرافعي: إنّ الله لا يُعامل إلا بالنية ولا يُكتب في سجل الحسنات إلا الأرقام القلبية . و النية: التوجه الروحي و الحضور القلبي عند مباشرة أي عمل، و ليست النية طلباً للأجر، و لكن طلباً للمرضاة و القرب. النية استحضار القلب في اللحظة الآنية، وخلاصة ما يميز أصحاب النوايا: عمل ما يجب بحب. قال الله تعالى: (منكم من يريد الد

محركات الإرادة – ثامن يوم إرادة

تتحرك الإرادة في حالة وجود قضية يؤمن بها صاحب الإرادة، أو في حالة وجود مواعيد لإتمام المهام أو الأهداف، أو أن يحيط الإنسان نفسه بأصحاب إرادة فذة. ثلاثية تحرك الإرادة و تلهبها. أن تعيش لقضية يعني أن تبذل الغالي و الرخيص في سبيلها، تشغل فؤادك و لبك و قلبك و تملئ عليك وقتك عملاً و هماً و أملاً و تخطيطاً و تدبيراً و رسم للمستقبل، قضيتنا نحن المسلمين تتمثل في نشر التوحيد للناس، من خلال تمثيل الدين على أحسن وجه، و أن نكون نماذج جذابة لمن يرانا و يتعامل معنا، قضيتنا أن يسود السلام العالم بنشر قيم الدين السمحة، قضيتنا أن نخفف معاناة الناس و نحسن جودة حياتهم من خلال تعاليم الدين التي توصي كل إنسان على أخيه الإنسان أن لا يظلمه و لا يبغي عليه و لا يخونه و لا يغشه و لا يكذب عليه، قضيتنا أن ينتشر الحق و تتحقق العدالة و يحظى كل إنسان بحريته التي كفلها له الدين و الله. و كيف تتحرك إرادة من لا قضية له. و العيش ضمن خطط عمل قصيرة و طويلة المدى و وضع أهداف مزمنة لتحقيقها، يضغط على الإنسان لتتحرك إرادته في استثمار وقته و جهده و طاقته في أداء ما عليه من مهام موصلة لأهدافه، إن العيش من غير هدف يعني

سجن الهوية

  سجن الهوية عندما كنت صغيراً تعلقت كثيراً برياضة كرة القدم، خصصت لها الوقت الطويل والجهد الكبير، حتى أني في ذات مرة رأيت أرض واسعة مفتوحة فيها العديد من الأحجار والنفايات والأشواك، فقمت بتجهيزها وتنظيفها لأيام طويلة لتصبح مناسبة للعب مباراة كرة قدم لفريق كامل، أصبحت هذه الأرض ملعباً لفترة وجيزة لبعض الشباب ولم أستطع أن ألعب فيها إلا مباراة واحدة، اليوم هذه الأرض الشاسعة تحوي بيتاً واسعاً وفخماً. كنت أفكر بكرة القدم وأشعر بها وأحلم بارتداء أحذية وملابس المشاهير من اللاعبين آنذاك مثل مارادونا وروماريو ورونالدوا والكابتن ماجد والكابتن رابح، إلا أنني بالحقيقة لم أكن أُحسن ممارسة كرة القدم، ومرات قليلة هي التي لعبت فيها مباريات كاملة، والذكرى الوحيدة المتبقية لي منها هي الركلة الشديدة التي تلقيتها على وجهي من أحد الشباب الذي مصادفةً رأيته قبل يومين بينما أنا أنفذ برنامج تدريبي في أحد الأماكن المخصصة لرعاية المناسبات.. ذكرت هذه القصة بعد رؤيتي لذلك الشخص وأنا أمارس مهنة التدريب. كان هناك سؤال واحد منعني من غض الطرف عن ممارسة الرياضة التي كنت فاشل فيها؛ السؤال هو "إذا لم أكن لاع