فَأَوْحَىٰ
إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ
خلال الأحداث اليومية
الرتيبة تأتيك طوارق نفسية خفية تضع بلطف بعض الرسائل اللطيفة في فؤادك ... اعمل و
لا تعمل ... فيها الكثير من الاجابات للأسئلة المحيرة في حياتنا.
خلال أول دقيقة قابلت
بها هذا الشاب البَسّام لم تشعر براحة و قلت بنفسك، فيه سوء غير مرئي، و بعد أن
أخذت والدك للطبيب شعرت بعدم اطمئنان لما يقوله و بعدم تمكنه حتى و ان كان يعمل
بمستشفى عريق، و تلك التي اختارها ابنِك لخطبتها، جميلة و متعلمة و أسرتها طيبة
لكن يبدو شيئاً غريباً غير مفهوم، و عند قيادتك للسيارة تتفادى طريق ما دون وجود
رادع لذلك، و في الشركة تأخذ قرار استراتيجي صعب دون توفر معلومات لديك رغم خطورة
و أهمية الموضوع ... قادك حدسك و إلهام الله!
يسمي الغرب هذا النوع
من الإحساس بالحدس، و عندنا المسلمين نراه إلهام إلاهي لعبيده و عباده.
انقطع الوحي بعد وفاة
الرسول صلى الله عليه وسلم و أبقى الله الإلهام وسيلة يوصل بها لطفه و حبه لعباده
{فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَىٰ..}
و الإلهام مَا
يُلْقِي بِهِ اللَّهُ مِنْ أَمْرٍ فِي نَفْسِ عِبَادِهِ الأصْفِيَاءِ لِهَدْيِهِمْ
وَاطْمِئْنَانِ قُلُوبِهِمْ.
كبار القادة يعلمون
جداً أهمية هذا الإلهام في اتخاذ القرارات المصيرية، يعلمون تماماً كيف هذا
الإلهام يرشدهم في احلك الظروف و عند تشويش الفكر و تيه الفؤاد.
كيف تصفي إلهامك من
الشوائب:
أولاً:
لا بد أن تكن يقظ الذهن و حاضر الوجدان
الإنسان الهائم في
لجات التيه و مستثار بتيارات الشهوة و غارق في لذائذ النفس الزائعة لا يصح له أن
يتلمس أنور الحق أن تستطع في قلبه.
من توسد على ممرات
الدعة يتكاسل وجدانه عن استماع واردات الكون للقلب الحي لا يطمع به.
والقلب الذي تشرب
المساوئ و القاذورات فليس هو يصلح لتلقي مواهب الفتاح سبحانه و لا أن يُلقي عليه
نسائم لطفه و رحمته و هدايته.
كان الله معي في كل
قرار أتخذه و لازمني السداد!
كان هذا رد أحد ممن
يعده الناس من السذج ، لطف الله كان نبراس الطريق المظلم، مكر الناس بي و من فرط
طهارتي كنت ألقاهم بخير و أبادلهم الحب و الصفاء و لو لا لطف الله و ستره لقتلني
خبثهم.
ثانياً: لا تغفل عن ما يدور حولك
كل حدث كتبه الله ليس
عابراً و لكن يحمل في طياته حكمة غير معلومة، لا تدع الأحداث تمضي دون أن تتفحصها
و تمحص ما فيها من عبر، و إذا لم تستوعب حكمة حدث و مر دون أن تستلهم معانيه ...
انتظر فالأيام حبلى بالأحداث التي تفسر بعضها بعضا. و قد تأتي بعض الأحداث مبتورة
من المقاصد لكن الوقت كفيل بإكمال النواقص.
و لكن كيف سوف تتمكن
من ادراك ما يدور حولك و أنت شارد الذهن مشوش الفكر مُغيب الإحساس و سارح الخاطر
لا تعي ما ترى و لا ساهِ عن الحياة لاهِ عن الوجود.
ثالثاً:
تمكن من مهارة ربط المعلومات المتفرقة
الإلهام يقدم لك
حاسة تمييز تجعلك قادر من استخلاص
المعلومة الصادقة من بين مئات المعلومات المتضاربة و يجعلك تركز عليها و تصل بها
لنتيجة منطقية .. لكن غالباً دون دليل و إثبات.
الإلهام يجمع تركيزك
على مواقف متصلة لكنها موجودة في حوادث متفرقة لتستنتج في النهاية الصورة الحقيقة
الكاملة.
غالباً المضللون
يستخدمون أساليب خبيثة لتشتيت ذهنك منها أن يعطوك معلومات متضاربة أو يشدون تركيزك
للاهتمام بأمور هامشية و كل ذلك ليبعدوك عن الحق و الحقيقة.
رابعاً :
لا تستهن بخبراتك
يذهب بعض العلماء أن الصوت الذي يدوي في أعماقك
ليحذرك أو يشجعك هو صوت نابع من الخبرات التي اكتسبتها خلال مسيرة حياتك. و
الخبرات هي ثمار التجارب و كلما كانت التجارب ثمينة و دسمة كانت خبراتك كذلك، و
الذي أكتسب خبرات أكثر منك هو أكبر منك و ليس الذي سبقك في العمر.
و صاحب التجارب
السيئة تشكلت خبراته على أكوام من السوء و لا أستبعد أن يؤثر ذلك سلباً على مصدر
إلهامه.
خامساً:
كُن لائقاً لتلقي البركات
القلوب الملوثة بطفح
الشهوات و هيجان الغرائز، استباحت الحرمات و لطخت روحها بالمحرمات و المعايب، إن
الإلهام نور من الله و قلوب العصاة معفنة بوسخ الذنوب فلابد من التوبة و التوبة
حياة.
و أخيراً علينا أن
نعي كذلك أن كثير من الإلهام لا يعدو أن يكون وهماً و وساوس نفس لاهية أو شيطان
مترصد.
تعليقات
إرسال تعليق