بُنَيّ
حينما طالعت في وجهك بيوم
مولدك لمّ أقل هذا سين من الناس و لكن قلت هذه روحي بين الناس، و لست بكلامي إليك أدعي
أفضلية عقلي عليك و لكن بودي أن تحيا هذه الروح على أجمل وجه ممكن للحياة، و لست
أريد أن أرى كائناً أفضل من روحي، و لست أرضى
لروحي التعب.
لروحي التعب.
و الفارق بيني و بين
روحي التي تلتبسك هي أن لديّ نوازع كثيرة نحو ما لا أطيق، و أرى روحي فيك طليقة.
بُنَيّ
إن الحياة ملحمة لا
ينتصر في الأقوى و لكن الأنقى فالله دائماً يقف بجانب البسطاء سليمي النوايا، نعم
لقد فضّل بعض خلقه على بعض، فيهم الذكي و الأبله، الحكيم و المغفل، و لكن دوماً
تتدخل المعونة الإلهية لتمد يد العون لمن لا يملكون القوى الدفاعية أمام مكر الدهر
و خُبث اللئام.
نعم إن النقيّ ينجو
لكن بعد أن يتجرع مرارة الدرس و يتعلم أن خلف عبث الغاوين لُججّ، و هم في عذاب غير مرئي،
يدارونه بتلك القهقهات المزعجة.
بُنَيّ
إن النقي يحب كل شيء
بشكل يليق بمعاني السمو التي يحملها، و لا يخالط حبه شهوة أو طلب منفعة، يُحب
والديه في أبهى صور البِرّ و التفنن في الخدمة، يُحب زوجه و إن كانت بعيب أو دون
ما يطمح يكفي أن تحفهما الطهارة و الوفاء، يُحب أولاده و يعشق التفاصيل اليومية
الصغيرة التي تجمعهم، يُحب صديقه قليل المنافع فقد أغراه بروحه، يُحب ذلك الذي
علمه يوماً عن الحياة شيئاً لم يكن يعرفه، يُحب جاره الذي ساعده في حمل أغراضه، إن
النقي إنسان مُحب للحياة و ما فيها و لا تسيطر عليه رغبة في الحب المغلف بالشهوات
و المطامع، إن الحب إذا اجتمع مع هوى الإنسان و شهوته يجعل من العقل شيطان يدير
سلوكه.
بُنَيّ
إن الفرص مبعثرة أمامك على أروقة الطريق و لكن أنت تبحث في الطريق عن شيء آخر، ليست المشكلة في مِنح الحياة و لكن في سعي الإنسان المشتت، إن الفرص لا تريد منك أكثر من أن تكون مستعداً لها لتهبك نفسها.
بُنَيّ
انظر حولك جيداً هناك
الكثير من المعذبين و لكن تأمل لهذا الصنف الذي يتعذب من غير جريمة ، إنهم العشاق
صرعى الهوى، مالت قلوبهم فقست عليهم الحياة و أذاقتهم مرارة الحب قبل لذته، لا ذنب
لهم سوى أن قلوبهم نبضت لغير ما صُممت لأجله، إنهم يصنعون عذابهم بأيديهم. هم في
خير إن ألجموا عواطفهم فتركها دون لجام يصنع لهم التيه. إنهم يستحقون لقب المعذبون
في الأرض.
بُنَيّ
إن قوى مدافعتك
للمغريات التي تهتك بشرفك تنخار أمام سلطان المال و الشهوات و جميع ما تلقيته من
أمور التربية قد تزول أمام هذا السلطان، فما بالك بسلطان الروح؟
بُنَيّ كُن رجُلاً
يمُر على الأيام و لا تكن ممن تمُر الأيام عليه.
تعليقات
إرسال تعليق