التخطي إلى المحتوى الرئيسي

بُنَيّ - المعذبون في الأرض

بُنَيّ
حينما طالعت في وجهك بيوم مولدك لمّ أقل هذا سين من الناس و لكن قلت هذه روحي بين الناس، و لست بكلامي إليك أدعي أفضلية عقلي عليك و لكن بودي أن تحيا هذه الروح على أجمل وجه ممكن للحياة، و لست أريد أن أرى كائناً أفضل من روحي، و لست أرضى 
لروحي التعب.
و الفارق بيني و بين روحي التي تلتبسك هي أن لديّ نوازع كثيرة نحو ما لا أطيق، و أرى روحي فيك طليقة.
بُنَيّ
إن الحياة ملحمة لا ينتصر في الأقوى و لكن الأنقى فالله دائماً يقف بجانب البسطاء سليمي النوايا، نعم لقد فضّل بعض خلقه على بعض، فيهم الذكي و الأبله، الحكيم و المغفل، و لكن دوماً تتدخل المعونة الإلهية لتمد يد العون لمن لا يملكون القوى الدفاعية أمام مكر الدهر و خُبث اللئام.
نعم إن النقيّ ينجو لكن بعد أن يتجرع مرارة الدرس و يتعلم أن خلف عبث الغاوين لُججّ، و هم في عذاب غير مرئي، يدارونه بتلك القهقهات المزعجة.
بُنَيّ
إن النقي يحب كل شيء بشكل يليق بمعاني السمو التي يحملها، و لا يخالط حبه شهوة أو طلب منفعة، يُحب والديه في أبهى صور البِرّ و التفنن في الخدمة، يُحب زوجه و إن كانت بعيب أو دون ما يطمح يكفي أن تحفهما الطهارة و الوفاء، يُحب أولاده و يعشق التفاصيل اليومية الصغيرة التي تجمعهم، يُحب صديقه قليل المنافع فقد أغراه بروحه، يُحب ذلك الذي علمه يوماً عن الحياة شيئاً لم يكن يعرفه، يُحب جاره الذي ساعده في حمل أغراضه، إن النقي إنسان مُحب للحياة و ما فيها و لا تسيطر عليه رغبة في الحب المغلف بالشهوات و المطامع، إن الحب إذا اجتمع مع هوى الإنسان و شهوته يجعل من العقل شيطان يدير سلوكه.
بُنَيّ
إن الفرص مبعثرة أمامك على أروقة الطريق  و لكن أنت تبحث في الطريق عن شيء آخر، ليست المشكلة في مِنح الحياة و لكن في سعي الإنسان المشتت، إن الفرص لا تريد منك أكثر من أن تكون مستعداً لها لتهبك نفسها.
بُنَيّ
انظر حولك جيداً هناك الكثير من المعذبين و لكن تأمل لهذا الصنف الذي يتعذب من غير جريمة ، إنهم العشاق صرعى الهوى، مالت قلوبهم فقست عليهم الحياة و أذاقتهم مرارة الحب قبل لذته، لا ذنب لهم سوى أن قلوبهم نبضت لغير ما صُممت لأجله، إنهم يصنعون عذابهم بأيديهم. هم في خير إن ألجموا عواطفهم فتركها دون لجام يصنع لهم التيه. إنهم يستحقون لقب المعذبون في الأرض.
بُنَيّ
إن قوى مدافعتك للمغريات التي تهتك بشرفك تنخار أمام سلطان المال و الشهوات و جميع ما تلقيته من أمور التربية قد تزول أمام هذا السلطان، فما بالك بسلطان الروح؟

بُنَيّ كُن رجُلاً يمُر على الأيام و لا تكن ممن تمُر الأيام عليه.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سلامة النية - أول يوم إرادة

و نبدأ رحلتنا في الحديث عن الإرادة بالحديث عن إصلاح النية التي بصلاحها تصلح الإرادة و بفسادها تفسد. لو دخل الإنسان فندقاً و رأى كأساً ممتلئ و ظنه خمراً و نوى شربه و بعد ان شربه اكتشف انه ماء كتب له بنيته أثم شرب الخمر. و العكس صحيح. و النية أكثر ما يجب على المسلم أن يعمل على تصويبها لتصبح خالصة، فالعمل دون نية خالصة عناء و هباء: وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا. قل لمن لا يخلص: لا تتعب. يقول الله في الأثر: عبدي طلبت منك قلبك، و وهبت لك كلك، عبدي كلٌ يريدك له، و أنا أريدك لك. الله يعاملنا بما وقر في قلوبنا، و النية مقرها القلب، و القلب لا يتقيد و لا تكتمل السيطرة عليه، و لذلك سُمّي قلباً لأنه يتقلب. و يقول الرافعي: إنّ الله لا يُعامل إلا بالنية ولا يُكتب في سجل الحسنات إلا الأرقام القلبية . و النية: التوجه الروحي و الحضور القلبي عند مباشرة أي عمل، و ليست النية طلباً للأجر، و لكن طلباً للمرضاة و القرب. النية استحضار القلب في اللحظة الآنية، وخلاصة ما يميز أصحاب النوايا: عمل ما يجب بحب. قال الله تعالى: (منكم من يريد الد

محركات الإرادة – ثامن يوم إرادة

تتحرك الإرادة في حالة وجود قضية يؤمن بها صاحب الإرادة، أو في حالة وجود مواعيد لإتمام المهام أو الأهداف، أو أن يحيط الإنسان نفسه بأصحاب إرادة فذة. ثلاثية تحرك الإرادة و تلهبها. أن تعيش لقضية يعني أن تبذل الغالي و الرخيص في سبيلها، تشغل فؤادك و لبك و قلبك و تملئ عليك وقتك عملاً و هماً و أملاً و تخطيطاً و تدبيراً و رسم للمستقبل، قضيتنا نحن المسلمين تتمثل في نشر التوحيد للناس، من خلال تمثيل الدين على أحسن وجه، و أن نكون نماذج جذابة لمن يرانا و يتعامل معنا، قضيتنا أن يسود السلام العالم بنشر قيم الدين السمحة، قضيتنا أن نخفف معاناة الناس و نحسن جودة حياتهم من خلال تعاليم الدين التي توصي كل إنسان على أخيه الإنسان أن لا يظلمه و لا يبغي عليه و لا يخونه و لا يغشه و لا يكذب عليه، قضيتنا أن ينتشر الحق و تتحقق العدالة و يحظى كل إنسان بحريته التي كفلها له الدين و الله. و كيف تتحرك إرادة من لا قضية له. و العيش ضمن خطط عمل قصيرة و طويلة المدى و وضع أهداف مزمنة لتحقيقها، يضغط على الإنسان لتتحرك إرادته في استثمار وقته و جهده و طاقته في أداء ما عليه من مهام موصلة لأهدافه، إن العيش من غير هدف يعني

سجن الهوية

  سجن الهوية عندما كنت صغيراً تعلقت كثيراً برياضة كرة القدم، خصصت لها الوقت الطويل والجهد الكبير، حتى أني في ذات مرة رأيت أرض واسعة مفتوحة فيها العديد من الأحجار والنفايات والأشواك، فقمت بتجهيزها وتنظيفها لأيام طويلة لتصبح مناسبة للعب مباراة كرة قدم لفريق كامل، أصبحت هذه الأرض ملعباً لفترة وجيزة لبعض الشباب ولم أستطع أن ألعب فيها إلا مباراة واحدة، اليوم هذه الأرض الشاسعة تحوي بيتاً واسعاً وفخماً. كنت أفكر بكرة القدم وأشعر بها وأحلم بارتداء أحذية وملابس المشاهير من اللاعبين آنذاك مثل مارادونا وروماريو ورونالدوا والكابتن ماجد والكابتن رابح، إلا أنني بالحقيقة لم أكن أُحسن ممارسة كرة القدم، ومرات قليلة هي التي لعبت فيها مباريات كاملة، والذكرى الوحيدة المتبقية لي منها هي الركلة الشديدة التي تلقيتها على وجهي من أحد الشباب الذي مصادفةً رأيته قبل يومين بينما أنا أنفذ برنامج تدريبي في أحد الأماكن المخصصة لرعاية المناسبات.. ذكرت هذه القصة بعد رؤيتي لذلك الشخص وأنا أمارس مهنة التدريب. كان هناك سؤال واحد منعني من غض الطرف عن ممارسة الرياضة التي كنت فاشل فيها؛ السؤال هو "إذا لم أكن لاع