تجتاح بعض الناس حالة
من الشعور بالنقص – أو ما نسميه الشعور بالفراغ الروحي – فيظل يستجدي الحياة و الأحياء
و كل ما هو موجود ليسد هذا النقص و يملئ الفراغ الذي يأكل في كل لحظة شيء من ذاته،
و كلما اتسعت هذه الهوة زادت تعاسة الإنسان و زاد لهثه خلف أمور دنيوية ليشبع نهم روحه
العطشى، و هو بهذه المحاولات مثل الذي يحاول حل مشكلات غير مرئية و لا ملموسة
بحلول ملموسة و مرئية.
صاحبنا هذا يشعر
بالتفاهة و عدم القيمة فيلجأ لوسائل رخيصة ليحارب هذا الشعور و يصنع من الأشياء
المادية قيمة معنوية لوجوده ... فيظل يستهلك و يقتني ليقول للناس انظروا لي أنا
هنا ... و دوماً يفشل لأنه لم يحاول أن يلمس جوهر المشكلة.
و تتبع الموضة و هوس
الاستهلاك و حب الظهور و الشهرة و الحرص على حب و قبول الناس و الإدمان بكل أنواعه
كل ذلك يعتبر من المحاولات الحثيثة لسد النقص و ردم الهوة التي تقبع في عمق الروح.
و للأسف يلجأ معظم
الناس لمعالجة المشكلة الروحية من خلال الانغماس في الملهيات و الغرق في المتع
الحسية و ترفيه الجسد و اشباع نهمه .. و هنا تتفاقم المشكلة و لا تحل .. و
الانقباض و ضيق الصدر و حشرجة الروح التي يكابدها أناس هذا العصر في معظم الأوقات
يؤكد لنا أن المشكلة في المقام الأول هي روحية ... و أن الروح هي مستودع السعادة. و
إن الفقر الحقيقي هو فقر الروح،
إن الملل هو سأم يصيب
الروح حيث يشعر الإنسان أنه يفتقد للمعنى الجميل في كل شيء حوله ،و هذا الفقدان
يثقل كاهل الروح حيث يشعر الإنسان أنه ينشغل في غير مشغلة و محاصر بمتاعب و هموم
غير مهمة و غير مجدية و بلا قيمة.
و يقول د. عبدالكريم
بكار :
(إن أرواحنا تواقة
إلى التواصل مع العالم الأسمى، وحرمانها من ذلك يعني حرمانها من مصدر مهم من مصادر
رفاهيتها .
الصحة الروحية أو
إمتاع الروح يحتاج إلى تلبية حاجاتها من خلال ذكر الله تعالى والتعلق به سبحانه و
من خلال الإبداع والانشغال بالأشياء النافعة بالإضافة إلى التفاؤل ومواجهة الصعاب
بروح شجاعة.
إن خواء الروح كثيرًا
ما يتمثل في ذلك الشعور العميق في الاحتياج الشديد إلى المال والشهرة والنفوذ
وتقدير الآخرين والأنس بهم، ومن الطبيعي أن يكون الامتلاء الروحي عبارة عن شعور
قوي بالاستغناء الداخلي عن الكثير من هذه الأمور).
و رمضان غذاء للروح و
فيه من المعاني و العبادات التي يمكن لها أن تردم هذه الهوة ،و شعائر العبادات تلامس
شغف الروح و تروي الجفاف الذي يزيد كلما ابتعد الانسان عن صلته بخالق هذه الروح.
رمضان شهر الروح و السكينة أجمل ما قد يجنيه الانسان فيه.
تعليقات
إرسال تعليق