التخطي إلى المحتوى الرئيسي

30 يوم سعادة


كل يوم نكتشف معاً سر من أسرار صناعة السعادة في شهر الرحمة.

أول يوم سعادة.


سكينة الروح


رمضان شهر الروح وهو فرصة سانحة لنتجرد من سيطرة النفس التي تقودها الغرائز و الشهوات، وقفة لطيفة للالتفات للروح و الاهتمام بها فروتين الحياة السابق كله مركز على الدوران في فلك النفس و اشباع نهم غرائزها. فيأتي رمضان ليكسر هذا الروتين و يوقف تمادي هذا الجسد و يعطي الروح شارة القيادة لتمضي بالإنسان نحو السكينة و الهدوء فلا شيء يقلق سكينة الانسان مثل فوران الشهوات. فالله لا يريد عقابك بإيقافك عن الطعام و الشراب و لكنه سبحانه عز وجل يريد تهذيبك و ترقية ذاتك و تشذيب شهواتك لتبقى في حدودها الطبيعية و تؤدي دورها كما أراد لها ..

و الفراغ الروحي من أعتى موانع السعادة و لو وهبت لك الدنيا و ما فيها و في روحك عتمة و فراغ فلن تهنأ و تظل في قلبك غصة تحول دون سعادتك و  يقول في ذلك د. عبدالكريم بكار(إن الواحد منا يدرك بوضوح الفراغ الروحي الذي يشعر به بعد انقضاء أي ملذة من ملذات الجسد . و حين تكون اللذة قد تمت عن طريق غير مشروع، فإن المرء يشعر بعتمة روحية و بوخز بالضمير و بشيء من احتقار الذات).

يأتي رمضان ليزيح هذه العتمة و يركز على الروح فيمدها بكل موارد السعادة، إن كثير من مباهج و مسرات الانسان تأتي بعد أن يكون تخلص من أثقال رغبات الجسد الملحة، ان الجسد مجبول على الأخذ على عكس الروح التي من ميزاتها أنها قائمة على العطاء .. العطاء اللامحدود . و إن مورداً من أعظم موارد السعادة يتمثل في السعي على إسعاد عباد الله و اكرامهم و لا يكون ذلك الا بالعطاء.. و السعادة تنتقل بالعدوى و العطاء مردود منه سبحانه.

اجعل هدفك في رمضان تهيئة الروح لتلقي السكينة و التي بدورها تجلب الطمأنينة و الاستقرار و الهدوء . و ذلك من خلال التركيز على حاجات الروح ... و ذكر المولى عزو وجل و ترتيل كلامه و ممارسة العبادات التي شرف الانسان بها يشبع تلك الحاجات . ترك الذنوب و العيوب و كف النفس عن طلب المتع الرخيصة و ترفع الذات عن سلوك الدناءة و الخيانة و إيثار المصلحة الخاصة , كل ذلك من وسائل تهيئة الروح لتلقي السكينة.


يا رب ارزقنا السكينة و الحب و الحياة الهانئة.



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سلامة النية - أول يوم إرادة

و نبدأ رحلتنا في الحديث عن الإرادة بالحديث عن إصلاح النية التي بصلاحها تصلح الإرادة و بفسادها تفسد. لو دخل الإنسان فندقاً و رأى كأساً ممتلئ و ظنه خمراً و نوى شربه و بعد ان شربه اكتشف انه ماء كتب له بنيته أثم شرب الخمر. و العكس صحيح. و النية أكثر ما يجب على المسلم أن يعمل على تصويبها لتصبح خالصة، فالعمل دون نية خالصة عناء و هباء: وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا. قل لمن لا يخلص: لا تتعب. يقول الله في الأثر: عبدي طلبت منك قلبك، و وهبت لك كلك، عبدي كلٌ يريدك له، و أنا أريدك لك. الله يعاملنا بما وقر في قلوبنا، و النية مقرها القلب، و القلب لا يتقيد و لا تكتمل السيطرة عليه، و لذلك سُمّي قلباً لأنه يتقلب. و يقول الرافعي: إنّ الله لا يُعامل إلا بالنية ولا يُكتب في سجل الحسنات إلا الأرقام القلبية . و النية: التوجه الروحي و الحضور القلبي عند مباشرة أي عمل، و ليست النية طلباً للأجر، و لكن طلباً للمرضاة و القرب. النية استحضار القلب في اللحظة الآنية، وخلاصة ما يميز أصحاب النوايا: عمل ما يجب بحب. قال الله تعالى: (منكم من يريد الد

محركات الإرادة – ثامن يوم إرادة

تتحرك الإرادة في حالة وجود قضية يؤمن بها صاحب الإرادة، أو في حالة وجود مواعيد لإتمام المهام أو الأهداف، أو أن يحيط الإنسان نفسه بأصحاب إرادة فذة. ثلاثية تحرك الإرادة و تلهبها. أن تعيش لقضية يعني أن تبذل الغالي و الرخيص في سبيلها، تشغل فؤادك و لبك و قلبك و تملئ عليك وقتك عملاً و هماً و أملاً و تخطيطاً و تدبيراً و رسم للمستقبل، قضيتنا نحن المسلمين تتمثل في نشر التوحيد للناس، من خلال تمثيل الدين على أحسن وجه، و أن نكون نماذج جذابة لمن يرانا و يتعامل معنا، قضيتنا أن يسود السلام العالم بنشر قيم الدين السمحة، قضيتنا أن نخفف معاناة الناس و نحسن جودة حياتهم من خلال تعاليم الدين التي توصي كل إنسان على أخيه الإنسان أن لا يظلمه و لا يبغي عليه و لا يخونه و لا يغشه و لا يكذب عليه، قضيتنا أن ينتشر الحق و تتحقق العدالة و يحظى كل إنسان بحريته التي كفلها له الدين و الله. و كيف تتحرك إرادة من لا قضية له. و العيش ضمن خطط عمل قصيرة و طويلة المدى و وضع أهداف مزمنة لتحقيقها، يضغط على الإنسان لتتحرك إرادته في استثمار وقته و جهده و طاقته في أداء ما عليه من مهام موصلة لأهدافه، إن العيش من غير هدف يعني

سجن الهوية

  سجن الهوية عندما كنت صغيراً تعلقت كثيراً برياضة كرة القدم، خصصت لها الوقت الطويل والجهد الكبير، حتى أني في ذات مرة رأيت أرض واسعة مفتوحة فيها العديد من الأحجار والنفايات والأشواك، فقمت بتجهيزها وتنظيفها لأيام طويلة لتصبح مناسبة للعب مباراة كرة قدم لفريق كامل، أصبحت هذه الأرض ملعباً لفترة وجيزة لبعض الشباب ولم أستطع أن ألعب فيها إلا مباراة واحدة، اليوم هذه الأرض الشاسعة تحوي بيتاً واسعاً وفخماً. كنت أفكر بكرة القدم وأشعر بها وأحلم بارتداء أحذية وملابس المشاهير من اللاعبين آنذاك مثل مارادونا وروماريو ورونالدوا والكابتن ماجد والكابتن رابح، إلا أنني بالحقيقة لم أكن أُحسن ممارسة كرة القدم، ومرات قليلة هي التي لعبت فيها مباريات كاملة، والذكرى الوحيدة المتبقية لي منها هي الركلة الشديدة التي تلقيتها على وجهي من أحد الشباب الذي مصادفةً رأيته قبل يومين بينما أنا أنفذ برنامج تدريبي في أحد الأماكن المخصصة لرعاية المناسبات.. ذكرت هذه القصة بعد رؤيتي لذلك الشخص وأنا أمارس مهنة التدريب. كان هناك سؤال واحد منعني من غض الطرف عن ممارسة الرياضة التي كنت فاشل فيها؛ السؤال هو "إذا لم أكن لاع