التخطي إلى المحتوى الرئيسي

إحدى عشر يوم سعادة (حسن استثمار الوقت)


من الحقائق التي يتوجب علينا أن نعيها جيداً هي أنه لا يمكن لنا أن نسيطر على الوقت مهما عملنا و المتاح أمامنا هو السيطرة على الممارسات و النشاطات التي نوهبها زمن من أعمارنا.

و العالم اليوم يتحرك بشكل مثير و مخيف و الوقت لم يعد كما كان ،كثرت الملهيات و المشاغل و لم يعد يكفي الوقت لنؤدي واجباتنا عوضاً على أن نستهلكه في المرفهات التي تستنزف حياتنا دون رحمة، و الجميع يتساءل لماذا الوقت يمضي سريعاً  و الحقيقة أن الوقت يمضي الآن كما كان يمضي في الأمس و الذي تغير هو النشاطات التي نستهلك بها الوقت.
كثرت علينا الملهيات فما عدنا نشعر بمرور الوقت.
و لذلك إذا أردت أن تُدير الوقت (مع تأكيدنا على عدم امكانية ذلك) فعليك أن تسيطر على انشطتك و تدير ذاتك و تضغط عليه بأهداف تسعى في تحقيقها.
يتسم هذا الزمن بالتعقيد و التطور المجنون و الفشل اليوم ليس بسبب قلة الامكانات و لكن بسبب خور الإرادة و تفضيل الدعة و الراحة على المثابرة و الاجتهاد, و مع هذا التعقيد و التطور تأتي العديد من الفرص و التي تفوت على المتقاعسين الغير مستعدين. و النـاس في التعامل مع الفـرص ثلاثـة أنـواع : اولئـك الذيـن يصنعـون الفـرص , و أولئـك الـذي ينتظـرون الفـرص تأتـي و الصنـف الأخيــر هــو الــذي ينظــر للفــرص و هــي تضيــع فيقعــد  متحسراً نادمــاً.
و الوقت يمر يمر شئت أم أبيت وعيت أم جهلت، والحسرة الكبرى هي في فواته دون أن يكون قد حققت فيه شيء جيد ينفعك ديناً و دنيا.
اننـا فـي هـذا الحيـاة فـي سـباق مـع الزمـن و إن أعظـم فرصـة متاحــة لجميــع البشــر هــي فرصــة الحيــاة المتمثلــة فــي نعمــة الإيجـاد و مـا دام الإنسـان يتنفـس فهـذه هـي أعظـم فرصـة أمامـه لـو اغتنمهـا بالشـكل الصحيـح.
و كما نرى كيف تنقضي أيام رمضان الجميلة سريعاً، و نحن إذا لم نستغل فرصة رمضان على الوجه الصحيح بالعبادة و الذكر و تقديم الأعمال الخيرة  و الفوز بسكينة الروح و التي أراها من أهم ثمار رمضان ... سيضيع رمضان و تضيع أعمارنا في لا شيء و لا يدري أحد هل سنكون أحياء على هذه الحياة في رمضان القادم.
أحسنوا استثمار الوقت في الخير.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سلامة النية - أول يوم إرادة

و نبدأ رحلتنا في الحديث عن الإرادة بالحديث عن إصلاح النية التي بصلاحها تصلح الإرادة و بفسادها تفسد. لو دخل الإنسان فندقاً و رأى كأساً ممتلئ و ظنه خمراً و نوى شربه و بعد ان شربه اكتشف انه ماء كتب له بنيته أثم شرب الخمر. و العكس صحيح. و النية أكثر ما يجب على المسلم أن يعمل على تصويبها لتصبح خالصة، فالعمل دون نية خالصة عناء و هباء: وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا. قل لمن لا يخلص: لا تتعب. يقول الله في الأثر: عبدي طلبت منك قلبك، و وهبت لك كلك، عبدي كلٌ يريدك له، و أنا أريدك لك. الله يعاملنا بما وقر في قلوبنا، و النية مقرها القلب، و القلب لا يتقيد و لا تكتمل السيطرة عليه، و لذلك سُمّي قلباً لأنه يتقلب. و يقول الرافعي: إنّ الله لا يُعامل إلا بالنية ولا يُكتب في سجل الحسنات إلا الأرقام القلبية . و النية: التوجه الروحي و الحضور القلبي عند مباشرة أي عمل، و ليست النية طلباً للأجر، و لكن طلباً للمرضاة و القرب. النية استحضار القلب في اللحظة الآنية، وخلاصة ما يميز أصحاب النوايا: عمل ما يجب بحب. قال الله تعالى: (منكم من يريد الد

محركات الإرادة – ثامن يوم إرادة

تتحرك الإرادة في حالة وجود قضية يؤمن بها صاحب الإرادة، أو في حالة وجود مواعيد لإتمام المهام أو الأهداف، أو أن يحيط الإنسان نفسه بأصحاب إرادة فذة. ثلاثية تحرك الإرادة و تلهبها. أن تعيش لقضية يعني أن تبذل الغالي و الرخيص في سبيلها، تشغل فؤادك و لبك و قلبك و تملئ عليك وقتك عملاً و هماً و أملاً و تخطيطاً و تدبيراً و رسم للمستقبل، قضيتنا نحن المسلمين تتمثل في نشر التوحيد للناس، من خلال تمثيل الدين على أحسن وجه، و أن نكون نماذج جذابة لمن يرانا و يتعامل معنا، قضيتنا أن يسود السلام العالم بنشر قيم الدين السمحة، قضيتنا أن نخفف معاناة الناس و نحسن جودة حياتهم من خلال تعاليم الدين التي توصي كل إنسان على أخيه الإنسان أن لا يظلمه و لا يبغي عليه و لا يخونه و لا يغشه و لا يكذب عليه، قضيتنا أن ينتشر الحق و تتحقق العدالة و يحظى كل إنسان بحريته التي كفلها له الدين و الله. و كيف تتحرك إرادة من لا قضية له. و العيش ضمن خطط عمل قصيرة و طويلة المدى و وضع أهداف مزمنة لتحقيقها، يضغط على الإنسان لتتحرك إرادته في استثمار وقته و جهده و طاقته في أداء ما عليه من مهام موصلة لأهدافه، إن العيش من غير هدف يعني

سجن الهوية

  سجن الهوية عندما كنت صغيراً تعلقت كثيراً برياضة كرة القدم، خصصت لها الوقت الطويل والجهد الكبير، حتى أني في ذات مرة رأيت أرض واسعة مفتوحة فيها العديد من الأحجار والنفايات والأشواك، فقمت بتجهيزها وتنظيفها لأيام طويلة لتصبح مناسبة للعب مباراة كرة قدم لفريق كامل، أصبحت هذه الأرض ملعباً لفترة وجيزة لبعض الشباب ولم أستطع أن ألعب فيها إلا مباراة واحدة، اليوم هذه الأرض الشاسعة تحوي بيتاً واسعاً وفخماً. كنت أفكر بكرة القدم وأشعر بها وأحلم بارتداء أحذية وملابس المشاهير من اللاعبين آنذاك مثل مارادونا وروماريو ورونالدوا والكابتن ماجد والكابتن رابح، إلا أنني بالحقيقة لم أكن أُحسن ممارسة كرة القدم، ومرات قليلة هي التي لعبت فيها مباريات كاملة، والذكرى الوحيدة المتبقية لي منها هي الركلة الشديدة التي تلقيتها على وجهي من أحد الشباب الذي مصادفةً رأيته قبل يومين بينما أنا أنفذ برنامج تدريبي في أحد الأماكن المخصصة لرعاية المناسبات.. ذكرت هذه القصة بعد رؤيتي لذلك الشخص وأنا أمارس مهنة التدريب. كان هناك سؤال واحد منعني من غض الطرف عن ممارسة الرياضة التي كنت فاشل فيها؛ السؤال هو "إذا لم أكن لاع