الاستقامة : لها ثلاثة مستويات
أن تعرف معايير
الأخلاق ما يصح منها و ما لا يصح
أن تنوي فعل الأشياء
الحسنة
أن تمارس السلوكيات
الحسنة
و يرافق كل ذلك شعور
بالسعادة عند التوافق مع هذه المعايير و شعور بالأسى في حالة الاخفاق عن الالتزام
بها.
و إذا صحت نية
الإنسان في الاستقامة على المعايير الربانية بزغت فيه الإرادة لعمل الخير و مفارقة
المساوئ فيفرح إذا أصاب و يحزن إذا أخفق و له في كل الأحوال أجر.
و لم أرى عجز في
الناس كالعجز في النية. د. طارق السويدان
إن الاستقامة في
التحليل النهائي ليست سوى تمحور المسلم
حول مبادئه ومعتقداته، مهما كلف ذلك من عنت ومشقة، ومهما فوت من فرص ومكاسب. و الإنسان المستقيم خير يفيض على من
حوله، فهو أولاً كافي شره و ثانياً خير فياض على المجتمع الذي يعيش و دائماً نجد
له لمسات شخصية جميلة و مساهمات يغدق بها على الحياة.
و هو كذلك لأنه لا
يخدع و لا يخون ، لا يكذب و لا يغش، يعامل الناس بالعدل و الرحمة، يفي بعهوده و
وعوده، ديدنه العطاء و مرتهن للتطوع و الخدمة.
و أكثر ما يعتري
الإنسان المستقيم هو التقزز!
نعم التقزز.
فهو إذا وجد الناس
يتصارعون على مصالح فانية يتقزز.
و إذا رأى الناس تلهث
خلف المال و تطلبه بجشع و تخسر مبادئها من أجل تحصيله يتقزز.
و يتقزز إذا وجد من
يهين نفسه و يخسف بكرامته من أجل الحصول على وجاهة أو منصب.
يتقزز إذا وجد الأخ
يحسد أخيه و الأخت تفجر بخصامها مع أختها من أجل ماديات رخيصة.
يتقزز إذا وجد الناس
تخسر دينها من أجل دنياها ... فهو يستمع لنداءات غير نداءات الغرائز.
يتقزز إذا رأى الناس
تهيم بالكيف و الملهيات و تنغمس بإدمان أمور تسرق وعيهم.
يتقزز لأنه يمتلك روح
حيّة و ضمير يقظ.
أجمل ما وصف الله به
عباده اصحاب الاستقامة أنه لا خوف يصيبهم و لا يمسهم حزن لأنهم لا يرتكبون مخالفات
تجلب عليهم تلك الويلات.
إِنَّ الَّذِينَ
قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ
يَحْزَنُونَ .
و من خلال النظر لاهتمامات
الناس و تلخيص مناشطهم اليومية سوف نتمكن من ادراك محور حياتهم، فهناك من يقدس
عمله و يعلق همه الأكبر للنجاح فيه ، و هناك من يعطي العلاقات جل تركيزه و اهتمامه
،و هناك من يلهث خلف المتعة و يدور في فلكها ، و الانسان المستقيم هو الذي يحيّا
لله و يبحث عن رضوانه في كل حركاته و سكناته.
و الاستقامة لها
مكونات : التمحور حول المبادئ، التحلي بصفات الصدق و النزاهة و الأمانة، الترفع عن
مشارب المتعة الدنيوية الرخيصة و الحرص على المنافع الدينية الكبرى و الأخرى، التمسك بقيم الخير و الجمال و الحق، التجرد من
الأنانية و الحرص على المصالح، حب الخير للغير.. و مزايا أخرى قد نراها واقعاً في
حياة التقاة الحقيقيون ... تقاة القلوب.
و رمضان فرصة طيعة لتعزيز مبدأ الاستقامة في الحياة.
و أختم بمقولة رائعة
للدكتور عبدالكريم بكار بهذا الشأن:
إن لأكثر الناس
دينين: ديناً معلناً و ديناً حقيقياً، و دين المرء الحقيقي هو الذي يكرس حياته من
أجله.
تعليقات
إرسال تعليق