من الأمور التي تساعد
على نهضة الأمم تقوية الوازع الداخلي لدى افراد المجتمع، إن الرهان على ضمير
الإنسان ... رهان مثمر. و هذا هو البديل الأمثل لاستخدام القوة و أدوات القهر و
التعذيب ليكف الناس عن ارتكاب المخالفات التي تهد بنيان المجتمعات.
الفلسفة الإسلامية في
الإصلاح تقوم على الرهان على ما لدى الإنسان المسلم من وعي ومن رادع داخلي، ولهذا
فإن توعية الناس وتربية حاسة الردع الذاتي لديهم (الضمير) من أهم ما يجب التعويل
عليه في الارتقاء بالمجتمع المسلم.
الضمير لا يتكون ولا
ينضج تحت مطارق التهديد والوعيد ولا في أجواء القسر والضغط، وإنما يتكون وينمو في
الأجواء الحرة حيث يولد الشعور بحرية الاختيار الشعور بالمسؤولية، ومن هنا كثرت
النصوص التي تدل على استبعاد الإكراه عن دائرة الإيمان والتعبد والتدين عموما، وفي
هذا يقول الرب تبارك وتعالى: ( لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي) 1ويقول:
( ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين )
(د. عبدالكريم بكار)
إن القوانين تنظم
حركة الانسان في الحياة فهي ليست غاية و لكن وسيلة لتنظيم مسيرة الانسان و اساليب
عيشه و ليس لتقييد حياته و معاشه و سرحته و مرحته. عندما تكره انسان لفعل شيء ما
مستخدماً القوة و هو غير مقتنع فإنه سيكون أحد اثنين: إما منافق إن كان ضعيفاً أو
متمرداً إن كان قوياً.
إن الضمير اليقظ هو
ترمومتر حسن الأخلاق، و إن الدولة الفاضلة ليست أكثر من مواطنين يعيشون بسلام في
وطن آمن، و مهما بلغت قوة الدولة فإنها لن تستطيع استخدام القانون لضبط سلوك
المواطنين و لكن يبقى للأدوات الثقافية تأثير كبير في صناعة مجتمع صالح و تقويم
سلوك الأفراد.
إن استخدام القوة
لفرض القوانين لا ينتج مواطنين صالحين، إن تيسير أمور الصلاح هو أنجع أساليب صناعة
البشر الأسوياء، و الدولة التي تمنح متوسط دخل لا يكفي لسداد إيجار سكن ثم تطلب من
المواطنين مجانبة الفساد لهي دولة مجحفة عاقة لمواطنيها.
و الأسرة الصالحة هي
أول من يساهم في بناء ضمير حي لدى أبناءها و من ثم تأتي المؤسسات التعليمية و
الاعلام و البيئة المرافقة للإنسان منذُ طفولته حتى يبلغ. و امتلاك ضمير حي يحتاج
لتربية حسنة و تدريب شخصي طويل و خوض ابتلاءات التمحيص بثبات, و أكثر ما يختبر به
الإنسان ضميره هو في الغيب حيث لا يشاهده أحد.
و من كان له هم في
إصلاح شؤون من حوله فعليه أن يراهن على رعاية الضمير.
تعليقات
إرسال تعليق