التخطي إلى المحتوى الرئيسي

عشرين يوم سعادة – شاقني رمضان


و بعد مرور عشرين يوم على رمضان أجدني أتلظى بنار الشوق لتلك الأيام السالفة التي قضيناها بروحانية و صفاء و سعادة.
شاقني أول يوم سحور حول والديّ يوم ما كنت اسألهم عن ماهية رمضان
هل هو إنسان يأتينا زائراً حاملاً هداياه أم ماذا 
بُني إنه شهر .
شاقتني لهفة الناس من حولي لرؤية الهلال ... أبي ماذا يعني هلال رمضان !
انظر انه هناك في السماء
شاقتني تلك السعادة في أول ليلة سمح لنا أهلنا فيها للسهر نقاسمهم فرحة استقبال هذا القادم الذي لا نعرفه و تلك الوجبة التي أكلناها بميقات جديد
شاقني صوت ذلك الأذان الذي لم أعتاد على سماعه .. أذان الفجر الذي كان دوماً يصدح و أنا غارق في نومي
شاقتني أول تمرة أضعها بفمي عندما صدع صوت المدفع مرافقاً للأذان و تدافع من حولي على الطعام
شاقني ذلك الانقلاب العظيم في روتين الحياة، ذلك الانقلاب الوحيد الذي يجلب الحال الأفضل و يعدل السلوك للأجمل
شاقتني تلك الدوشة التي تستيقظ فجأة في ليل الناس الساكن
شاقني صوت أطفال حارتي و هم يلعبون مهللين بصوت سعيد
شاقتني تلك الصلاة ... أول صلاة تراويح يوم ما بكيت لا من خشوع و لكن من دهشة
شاقني ذلك السجود الطويل في التهجد خلف الإمام الذي أفتقده كثيراً و أفقد الاحساس ذاك
شاقني ذلك المصحف الذي مسكته أول مرة لأرتل بعد أمي آيات القرآن
شاقتني تلك الأصوات التي كانت تصدح بالآيات اثناء التراويح
شاقتني تلك الملابس التي اشتريناها استعداداً لضيف غريب يأتي بعد رمضان و نستقبله بحزن ممزوج بنوع من الفرح الكاذب
شاقني ذلك الاحساس الذي كل عام نفقد منه شيئاً فشيئاً
شاقتني تلك الروحانية ... روحانية رمضان
شاقني رمضان 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سلامة النية - أول يوم إرادة

و نبدأ رحلتنا في الحديث عن الإرادة بالحديث عن إصلاح النية التي بصلاحها تصلح الإرادة و بفسادها تفسد. لو دخل الإنسان فندقاً و رأى كأساً ممتلئ و ظنه خمراً و نوى شربه و بعد ان شربه اكتشف انه ماء كتب له بنيته أثم شرب الخمر. و العكس صحيح. و النية أكثر ما يجب على المسلم أن يعمل على تصويبها لتصبح خالصة، فالعمل دون نية خالصة عناء و هباء: وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا. قل لمن لا يخلص: لا تتعب. يقول الله في الأثر: عبدي طلبت منك قلبك، و وهبت لك كلك، عبدي كلٌ يريدك له، و أنا أريدك لك. الله يعاملنا بما وقر في قلوبنا، و النية مقرها القلب، و القلب لا يتقيد و لا تكتمل السيطرة عليه، و لذلك سُمّي قلباً لأنه يتقلب. و يقول الرافعي: إنّ الله لا يُعامل إلا بالنية ولا يُكتب في سجل الحسنات إلا الأرقام القلبية . و النية: التوجه الروحي و الحضور القلبي عند مباشرة أي عمل، و ليست النية طلباً للأجر، و لكن طلباً للمرضاة و القرب. النية استحضار القلب في اللحظة الآنية، وخلاصة ما يميز أصحاب النوايا: عمل ما يجب بحب. قال الله تعالى: (منكم من يريد الد

محركات الإرادة – ثامن يوم إرادة

تتحرك الإرادة في حالة وجود قضية يؤمن بها صاحب الإرادة، أو في حالة وجود مواعيد لإتمام المهام أو الأهداف، أو أن يحيط الإنسان نفسه بأصحاب إرادة فذة. ثلاثية تحرك الإرادة و تلهبها. أن تعيش لقضية يعني أن تبذل الغالي و الرخيص في سبيلها، تشغل فؤادك و لبك و قلبك و تملئ عليك وقتك عملاً و هماً و أملاً و تخطيطاً و تدبيراً و رسم للمستقبل، قضيتنا نحن المسلمين تتمثل في نشر التوحيد للناس، من خلال تمثيل الدين على أحسن وجه، و أن نكون نماذج جذابة لمن يرانا و يتعامل معنا، قضيتنا أن يسود السلام العالم بنشر قيم الدين السمحة، قضيتنا أن نخفف معاناة الناس و نحسن جودة حياتهم من خلال تعاليم الدين التي توصي كل إنسان على أخيه الإنسان أن لا يظلمه و لا يبغي عليه و لا يخونه و لا يغشه و لا يكذب عليه، قضيتنا أن ينتشر الحق و تتحقق العدالة و يحظى كل إنسان بحريته التي كفلها له الدين و الله. و كيف تتحرك إرادة من لا قضية له. و العيش ضمن خطط عمل قصيرة و طويلة المدى و وضع أهداف مزمنة لتحقيقها، يضغط على الإنسان لتتحرك إرادته في استثمار وقته و جهده و طاقته في أداء ما عليه من مهام موصلة لأهدافه، إن العيش من غير هدف يعني

سجن الهوية

  سجن الهوية عندما كنت صغيراً تعلقت كثيراً برياضة كرة القدم، خصصت لها الوقت الطويل والجهد الكبير، حتى أني في ذات مرة رأيت أرض واسعة مفتوحة فيها العديد من الأحجار والنفايات والأشواك، فقمت بتجهيزها وتنظيفها لأيام طويلة لتصبح مناسبة للعب مباراة كرة قدم لفريق كامل، أصبحت هذه الأرض ملعباً لفترة وجيزة لبعض الشباب ولم أستطع أن ألعب فيها إلا مباراة واحدة، اليوم هذه الأرض الشاسعة تحوي بيتاً واسعاً وفخماً. كنت أفكر بكرة القدم وأشعر بها وأحلم بارتداء أحذية وملابس المشاهير من اللاعبين آنذاك مثل مارادونا وروماريو ورونالدوا والكابتن ماجد والكابتن رابح، إلا أنني بالحقيقة لم أكن أُحسن ممارسة كرة القدم، ومرات قليلة هي التي لعبت فيها مباريات كاملة، والذكرى الوحيدة المتبقية لي منها هي الركلة الشديدة التي تلقيتها على وجهي من أحد الشباب الذي مصادفةً رأيته قبل يومين بينما أنا أنفذ برنامج تدريبي في أحد الأماكن المخصصة لرعاية المناسبات.. ذكرت هذه القصة بعد رؤيتي لذلك الشخص وأنا أمارس مهنة التدريب. كان هناك سؤال واحد منعني من غض الطرف عن ممارسة الرياضة التي كنت فاشل فيها؛ السؤال هو "إذا لم أكن لاع