التخطي إلى المحتوى الرئيسي

سادس و عشرين يوم سعادة – مجاعة روحية


يغضب بشدة لأتفه الأسباب .... يصرخ , يكسر , يرمي , يؤذي نفسه و الدمع جرار على خده ... تلقاه بابتسامة و يبتسم لك و تجده في حالة جيدة , و أثناء الحديث تتلفظ بكلمة تراها عادية و لكن تصيب قلبه كسهم فيثور و لا يهداً ... بركان هائج يتلاطم في أعماقه ... الغضب داء خبيث يصيب الإنسان المضطرب , ضجيج بالقلب شديد و فوضى في الذات و اضطرابات في الأعماق تحتاج فقط لمؤثر خارجي بسيط حتى تتفجر براكين الغضب . كما قال الرافعي من الحماقة أن ترتب العالم من حولك و تترك الفوضى في قلبك ... الفوضى هي أحد أسباب الغضب ... الغضب الذي تخسر معه الكثير و تؤذي نفسك أيضاً قبل الآخرين .
عرفت بحياتي بشر جيدين يحققون نتائج متميزة , و بشر ممتازين عاجزون عن تحقيق نتائج جيدة , الذات المنكسرة الموجوعة التي تفتقر للشعور بأهمية كيانها و قيمة وجودها ... هذه الذات تظل على الهامش تخشى النور و الظهور لأنها تخشى على انكساراتها أن تظهر و تخشى على جروحها أن تبرز ... الجميع لديه إخفاقات و انتكاسات و لست وحدك في ذلك ... لكنك بالغت في ردة فعلك في التعامل مع هذه الإخفاقات الحتمية .. تنظر لها كواقع لا يزول ... جزء من الوجود الحتمي ... جزء من تركيبة النفس ... و هي ليست كذلك ... الذات المنكسرة المفتقرة للتقدير الذاتي سهلة الغضب سريعة الانكسار .
في الروح حاجة لا تملأها كنوز الدنيا و ما فيها من مال و ثروة , الروح سر قدسي لا يعلم خافيها إلا خالقها ... هي ذو خلجات غيبية تنمو بالسر و تبهت بالسر ... حياة الروح بالحب ... حب الخالق ... حب الكون ... حب الخلق ... و حب الذات ... حاجة الروح للحب و الإيمان دائمة و لا حد لها ... روح تخلو من الحب هي روح تعاني من مجاعة و فاقة و فقر ... تعيش مضطربة و منكسرة ... تعيش بلا حياة .
يا رب رمم ذواتنا بحبك .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سلامة النية - أول يوم إرادة

و نبدأ رحلتنا في الحديث عن الإرادة بالحديث عن إصلاح النية التي بصلاحها تصلح الإرادة و بفسادها تفسد. لو دخل الإنسان فندقاً و رأى كأساً ممتلئ و ظنه خمراً و نوى شربه و بعد ان شربه اكتشف انه ماء كتب له بنيته أثم شرب الخمر. و العكس صحيح. و النية أكثر ما يجب على المسلم أن يعمل على تصويبها لتصبح خالصة، فالعمل دون نية خالصة عناء و هباء: وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا. قل لمن لا يخلص: لا تتعب. يقول الله في الأثر: عبدي طلبت منك قلبك، و وهبت لك كلك، عبدي كلٌ يريدك له، و أنا أريدك لك. الله يعاملنا بما وقر في قلوبنا، و النية مقرها القلب، و القلب لا يتقيد و لا تكتمل السيطرة عليه، و لذلك سُمّي قلباً لأنه يتقلب. و يقول الرافعي: إنّ الله لا يُعامل إلا بالنية ولا يُكتب في سجل الحسنات إلا الأرقام القلبية . و النية: التوجه الروحي و الحضور القلبي عند مباشرة أي عمل، و ليست النية طلباً للأجر، و لكن طلباً للمرضاة و القرب. النية استحضار القلب في اللحظة الآنية، وخلاصة ما يميز أصحاب النوايا: عمل ما يجب بحب. قال الله تعالى: (منكم من يريد الد

محركات الإرادة – ثامن يوم إرادة

تتحرك الإرادة في حالة وجود قضية يؤمن بها صاحب الإرادة، أو في حالة وجود مواعيد لإتمام المهام أو الأهداف، أو أن يحيط الإنسان نفسه بأصحاب إرادة فذة. ثلاثية تحرك الإرادة و تلهبها. أن تعيش لقضية يعني أن تبذل الغالي و الرخيص في سبيلها، تشغل فؤادك و لبك و قلبك و تملئ عليك وقتك عملاً و هماً و أملاً و تخطيطاً و تدبيراً و رسم للمستقبل، قضيتنا نحن المسلمين تتمثل في نشر التوحيد للناس، من خلال تمثيل الدين على أحسن وجه، و أن نكون نماذج جذابة لمن يرانا و يتعامل معنا، قضيتنا أن يسود السلام العالم بنشر قيم الدين السمحة، قضيتنا أن نخفف معاناة الناس و نحسن جودة حياتهم من خلال تعاليم الدين التي توصي كل إنسان على أخيه الإنسان أن لا يظلمه و لا يبغي عليه و لا يخونه و لا يغشه و لا يكذب عليه، قضيتنا أن ينتشر الحق و تتحقق العدالة و يحظى كل إنسان بحريته التي كفلها له الدين و الله. و كيف تتحرك إرادة من لا قضية له. و العيش ضمن خطط عمل قصيرة و طويلة المدى و وضع أهداف مزمنة لتحقيقها، يضغط على الإنسان لتتحرك إرادته في استثمار وقته و جهده و طاقته في أداء ما عليه من مهام موصلة لأهدافه، إن العيش من غير هدف يعني

سجن الهوية

  سجن الهوية عندما كنت صغيراً تعلقت كثيراً برياضة كرة القدم، خصصت لها الوقت الطويل والجهد الكبير، حتى أني في ذات مرة رأيت أرض واسعة مفتوحة فيها العديد من الأحجار والنفايات والأشواك، فقمت بتجهيزها وتنظيفها لأيام طويلة لتصبح مناسبة للعب مباراة كرة قدم لفريق كامل، أصبحت هذه الأرض ملعباً لفترة وجيزة لبعض الشباب ولم أستطع أن ألعب فيها إلا مباراة واحدة، اليوم هذه الأرض الشاسعة تحوي بيتاً واسعاً وفخماً. كنت أفكر بكرة القدم وأشعر بها وأحلم بارتداء أحذية وملابس المشاهير من اللاعبين آنذاك مثل مارادونا وروماريو ورونالدوا والكابتن ماجد والكابتن رابح، إلا أنني بالحقيقة لم أكن أُحسن ممارسة كرة القدم، ومرات قليلة هي التي لعبت فيها مباريات كاملة، والذكرى الوحيدة المتبقية لي منها هي الركلة الشديدة التي تلقيتها على وجهي من أحد الشباب الذي مصادفةً رأيته قبل يومين بينما أنا أنفذ برنامج تدريبي في أحد الأماكن المخصصة لرعاية المناسبات.. ذكرت هذه القصة بعد رؤيتي لذلك الشخص وأنا أمارس مهنة التدريب. كان هناك سؤال واحد منعني من غض الطرف عن ممارسة الرياضة التي كنت فاشل فيها؛ السؤال هو "إذا لم أكن لاع