قوة الإرادة في واحد
من أهم معانيها أن يعمل الإنسان ما يجب عليه فعله حتى و إن كان هذا العمل غير محبب
للنفس، و أن يترك ما يجب عليه تركه حتى و إن كان هذا العمل محبب للنفس. كثيراً ما
يشبه علماء النفس الإرادة الإنسانية بالعضلة، تقوى و تضعف و يؤثر عليها التعب و
ينميها التمرين و التدريب و الممارسة المستمرة.
يقول إمامنا ابن قيم
الجوزية: “الحب و الإرادة أصل كل فعل و مبدؤه, و البغض و الكراهة أصل كل ترك و
مبدؤه, و هاتان القوتان في القلب أصل سعادة العبد و شقاوته”
فإن أكثر باعث على
الفعل هو الحب، و أكثر مانع عن الفعل هو البغض، و المشكلة إن تكون عاطفة الإنسان
معطوبة فيحب ما يهلكه و يبغض ما ينفعه، يجب عليه هنا إعادة صياغة تركيبته العاطفية
لتستقيم إرادته.
و بهذا فإن أول
مشوشات الإرادة العاطفة المغشوشة، و علاجها بتحسين جودة و تلقي معلومات سليمة و الحرص
على ضبطها و ليس كبتها، فكبت المشاعر أحد أكبر موهنات الإرادة. و الحزن الشديد و
التشاؤم يهلك الإرادة و يقتل العزيمة، و الحزن و التشاؤم من منشئات العاطفة
المغشوشة.
و من مشوشات الإرادة
إرهاق الذات باتخاذ قرارات يومية عديدة و كثيرة في أمور غير مهمة، حتى يجابه
الإنسان تحديات تستحق المعالجة فيكون خائر القوى بسبب استهلاك القرارات العديدة
التافهة لإرادته و قدراته الذهنية.
معاشرة بشر لا يطيقهم
أو تأدية عمل تكرهه النفس يستنفذ كل مخزون الإرادة لدى الإنسان، فلو اضطر أن يقضي
نهاره كاملاً حابساً كلماته و ساجناً لمشاعره في حضرة من لا يطيق، يأتي آخر اليوم
و كأنه قضى اليوم بأكمله في الركض و الحفر في الحجر.
عدم النظام و الترتيب
في أنماط الحياة و العيش بفوضى و عدم ترتيب يوهن قوى الإرادة، عدم تنظيم موعد
تناول الطعام، قلة النوم و السهر، التوتر الشديد و العيش في مهاترات مع الالتزامات
كل ذلك يستنزف الطاقة و يهد صروح الإرادة.
إن للإرادة مثبطات
كما أن لها دوافع و متى ما عرف الإنسان ما يحفزها و ما يثبطها استطاع أن يتعامل
معها بالشكل الصالح له.
اللهم إن نفسي سائرة
في بحار طوفان الإرادة، حيث لا ملجأ و لا منجا إلا إليك، فاجعل اللهم بسم الله
مجراها و مرساها.
تعليقات
إرسال تعليق