أنت تختار في لحظة
واحدة، لكن عواقب الاختيار يتجاوز العمر.
أن ترفض الإهانة و
تنتصر لكرامتك أو تهين نفسك في سبيل القليل من المال؟ النوم في الوقت المحدد و
الاستيقاظ نشيطاً مبكراً أو السهر و الخمول في النهار؟ أن تقضي وقتك الفائض في
القراءة أو حضور دورات تدريبية أو مشاهدة التلفاز و ارتشاف كوب قهوة مع الأصدقاء؟ أن
تستسلم للصعوبات و ترضخ لضغوطات السلامة أو ترفض التنازل و تكافح من أجل أن تنال ما تستحق؟ أن ترضى لنفسك الإسلام أو تسلمها لمسالك الضلال؟
اختيار شريك حياة سيء
قد يدمر حياتك و آخرتك، و اختيار تخصص جامعي و وظيفي سيء يدمر مستقبلك المهني.
لا يستغرق الأمر سوى
لحظة قصيرة لاختيار الشيء الصحيح و الذي يؤثر على مستقبلك إيجاباً أو اختيار الشيء
الخطأ و تعرض نفسك و مستقبلك للخطر. يبدو أنه اختيار تافه اليوم و لكن يمكن أن
يكون له تأثير كبير و مستمر على مستقبلك.
في كل مرة تواجه فيها
خياران قد تراهما عاديان و ليس لهما أي تأثير في اللحظة الراهنة لكن عليك أن تتذكر
أنه يمكن لهما أن يؤثرا على محطات مهمة في حياتك المستقبلية.
لا أنسى و أنا في عمر
16 سنة وسوس لي أحدهم لإصدار بطاقة شخصية و ودفع مبلغ اضافي للجهة المتخصصة بإصدار
البطائق ليضيفوا إلى عمري سنتين و استوفي بذلك شروط الحصول على البطاقة. هذا
الاختيار الذي كان جميلاً في حينه، فوت عليّ العديد من الفرص و تسبب لي بالعديد من
الخسائر في مجالات عديدة. و ما زلت أتجرع مرارة الخطأ حتى اليوم.
في كل يوم نحن نتخذ المئات
من القرارات، بعضها بسيط جداً و اعتيادي، كتلك التي تخص متى نستيقظ، ماذا نلبس،
ماذا نأكل. في المقابل نواجه قرارات معقدة و صعبة و تتطلب موازنات و اختيار بين
بدائل غير مناسبة. و هنا يكمن معقد البلاء.
و الاختيارات أنواع،
نوع قائم على دراسة المزايا و العيوب لكل اختيار، و نوع على أساس المنافع العائدة،
و نوع قائم على التفضيل الشخصي و توصيات الآخرين.
و أفضل الاختيارات
تلك التي تنبع من قيمنا و مبادئنا و عقيدتنا.
و وفرة الخيارات و
عرضها في نفس الوقت يحسن من جودة الاختيار، فلو أن رجلاً هم بشراء كاميراً و تم
عرض أنواع الكاميرات في وقت واحد فإن اختياره سيكون أفضل و أجود من اختياره لو
عرضت كل كاميرا على حدة.
إن أفضل اختيارات
الإنسان تكمن في اصغائه لصوت الحياة الصادق، فيتفكر و ينظر في الكون و يتعرف على
أسراره، و سوف يرى بكل شيء ملامح الخالق العظيم.
و إن أسوء ما يختاره
الإنسان على الإطلاق أن يكون منافقاً، فالمنافق تموت فيه قابلية الشعور بالخطأ و
فداحة الجرم، و تتولد لديه قدرة على التلون، اظهار أمر و إخفاء غيره، يحدث ذلك
عندما تتولد فيه خليط من المعتقدات التي لا يريد مفارقتها، و لديه مصالح يخاف
زوالها، ولديه أهداف يسعى إليها، و يشعر بأن عنصر القوة ليس بيديه، و يشعر بالعجز
عن الاستمرار في مخططه إلا بالنفاق. هذا الاختيار يجعل الإنسان يسلك طريقاً خاطئاً
و يسد أذنيه عن الحق الواضح، و يفقد منطقه و سويته النفسية، و يمارس سلوكاً
مزدوجاً. د. جاسم سلطان.
إن جودة الحياة التي
تعيشها تخضع بشكل مباشر لنوعية الاختيارات التي تتخذها في فترات حياتك المبكرة.
صاحب الإرادة يُحسن
الاختيار و في كل شؤنه له رؤية و روّية عند التفضيل و له توفيق يرافقه في كل مراحل
اختياراته.
لا يحسن الاختيار
لغيره من لا يحسن الاختيار لنفسه.
اللهم إني أسألُك مِن
خَيرِ ما تَعلَمُ، وأعُوذُ بِك من شَرِّ ما تَعْلَمُ.
تعليقات
إرسال تعليق