التخطي إلى المحتوى الرئيسي

مهارات الإدراك العاطفي 2


مهارة التنظيم الذاتي
العنصر الثاني لمهارة الإدراك العاطفي يسمى التنظيم الذاتي و الذي يعني إدارة المثيرات العاطفية بحيث تصل فيها لمرحلة التحرر من طغيان المشاعر عليك، و تبدأ عملية التحرر هذه من خلال التحكم بالمحادثات الخفية التي تجري في أجواء ذاتك و تعصف بمزاجك و رأيك.
و التنظيم الذاتي يهدف إلى تحريرك من سطوة المشاعر عليك أو تخفيف أثرها السلبي على تصرفاتك و سلوكك.
الشاب القادر على تحقيق تنظيمه الذاتي يصبح أكثر قدرة على تقديم تصرف أحصف و أعمق و أكثر حكمة و عقلانية، و يحظى بثقة و احترام من يتعامل معهم، و يصبح أكثر قدرة على موائمة التغيير الذي يحدث و يتكرر في مسار هذا العصر الحديث.
تصبح روحه عصرية و قيادية.
إن أهم ما يميز المنظم ذاتياً النزعة القوية للتفكير و الارتياح للغموض و التغيير و يتحلى بالنزاهة و القدرة على قول لا لكل محاولات الاندفاع و التهور.
مهارة التعاطف
العنصر الثالث لمهارة الإدراك العاطفي التعاطف، و لا يعني التعاطف أن تتماشى مع رغبات الناس و تحقق لهم مشتهاهم أو تحاول ارضائهم بفعل ما يريدون، و على خلاف ما هو متعارف لدى الناس عن التعاطف نجد أن أفضل تعريف له هو:
أن تتخذ قرارات ذكية مع مراعاة مشاعر الناس.
الناس متعطشة اليوم لأن تتحدث و تُفهم و تشعر بأن حديثها مقدر و محترم، و لا يمنح ذلك إلا الإنسان المتعاطف، فهو أكثر قدرة على الاستماع الطيب و الفهم الواسع و الطبطبة على أكتاف الناس المتعبة.
الشاب المتعاطف يقرأ ملامح الوجه و يتقن لغة الجسد و يسمع الرسائل المبطنة المخفية خلف سُتر الخجل و الخوف.
و الأهم من ذلك كله تقدير و احترام الاختلافات على شتى منابعها.
المهارات الاجتماعية
رابع عنصر من عناصر مهارة الإدراك العاطفي  امتلاك المهارات العاطفية و التي تعني فن بناء الصداقات الهادفة و التي تساعدك في تحريك الناس نحو الاتجاه الذي تريده.
يميل الماهر اجتماعياً إلى بناء دائرة واسعة من المعارف و يتقن في صناعة أرضية مشتركة يجتمع بها مع الآخرين، دائماً يجد معارفه عندما تبرق حاجته.
تتطلب هذه المهارة امتلاك الشاب لروح التفاؤل و الانبساط و البشاشة و الانفتاح على الحياة و الأحياء، و تقبل المنغصات التي قد ترافق عملية بناء شبكة العلاقات الواسعة في المحيط الذي يعيشه.

إن الإدراك العاطفي يمكن اتقانه، العملية ليست سهلة بالفعل، لكن تصبح طيعة إذا منحتها الوقت الكافي و الالتزام الوافي.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سلامة النية - أول يوم إرادة

و نبدأ رحلتنا في الحديث عن الإرادة بالحديث عن إصلاح النية التي بصلاحها تصلح الإرادة و بفسادها تفسد. لو دخل الإنسان فندقاً و رأى كأساً ممتلئ و ظنه خمراً و نوى شربه و بعد ان شربه اكتشف انه ماء كتب له بنيته أثم شرب الخمر. و العكس صحيح. و النية أكثر ما يجب على المسلم أن يعمل على تصويبها لتصبح خالصة، فالعمل دون نية خالصة عناء و هباء: وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا. قل لمن لا يخلص: لا تتعب. يقول الله في الأثر: عبدي طلبت منك قلبك، و وهبت لك كلك، عبدي كلٌ يريدك له، و أنا أريدك لك. الله يعاملنا بما وقر في قلوبنا، و النية مقرها القلب، و القلب لا يتقيد و لا تكتمل السيطرة عليه، و لذلك سُمّي قلباً لأنه يتقلب. و يقول الرافعي: إنّ الله لا يُعامل إلا بالنية ولا يُكتب في سجل الحسنات إلا الأرقام القلبية . و النية: التوجه الروحي و الحضور القلبي عند مباشرة أي عمل، و ليست النية طلباً للأجر، و لكن طلباً للمرضاة و القرب. النية استحضار القلب في اللحظة الآنية، وخلاصة ما يميز أصحاب النوايا: عمل ما يجب بحب. قال الله تعالى: (منكم من يريد الد

محركات الإرادة – ثامن يوم إرادة

تتحرك الإرادة في حالة وجود قضية يؤمن بها صاحب الإرادة، أو في حالة وجود مواعيد لإتمام المهام أو الأهداف، أو أن يحيط الإنسان نفسه بأصحاب إرادة فذة. ثلاثية تحرك الإرادة و تلهبها. أن تعيش لقضية يعني أن تبذل الغالي و الرخيص في سبيلها، تشغل فؤادك و لبك و قلبك و تملئ عليك وقتك عملاً و هماً و أملاً و تخطيطاً و تدبيراً و رسم للمستقبل، قضيتنا نحن المسلمين تتمثل في نشر التوحيد للناس، من خلال تمثيل الدين على أحسن وجه، و أن نكون نماذج جذابة لمن يرانا و يتعامل معنا، قضيتنا أن يسود السلام العالم بنشر قيم الدين السمحة، قضيتنا أن نخفف معاناة الناس و نحسن جودة حياتهم من خلال تعاليم الدين التي توصي كل إنسان على أخيه الإنسان أن لا يظلمه و لا يبغي عليه و لا يخونه و لا يغشه و لا يكذب عليه، قضيتنا أن ينتشر الحق و تتحقق العدالة و يحظى كل إنسان بحريته التي كفلها له الدين و الله. و كيف تتحرك إرادة من لا قضية له. و العيش ضمن خطط عمل قصيرة و طويلة المدى و وضع أهداف مزمنة لتحقيقها، يضغط على الإنسان لتتحرك إرادته في استثمار وقته و جهده و طاقته في أداء ما عليه من مهام موصلة لأهدافه، إن العيش من غير هدف يعني

سجن الهوية

  سجن الهوية عندما كنت صغيراً تعلقت كثيراً برياضة كرة القدم، خصصت لها الوقت الطويل والجهد الكبير، حتى أني في ذات مرة رأيت أرض واسعة مفتوحة فيها العديد من الأحجار والنفايات والأشواك، فقمت بتجهيزها وتنظيفها لأيام طويلة لتصبح مناسبة للعب مباراة كرة قدم لفريق كامل، أصبحت هذه الأرض ملعباً لفترة وجيزة لبعض الشباب ولم أستطع أن ألعب فيها إلا مباراة واحدة، اليوم هذه الأرض الشاسعة تحوي بيتاً واسعاً وفخماً. كنت أفكر بكرة القدم وأشعر بها وأحلم بارتداء أحذية وملابس المشاهير من اللاعبين آنذاك مثل مارادونا وروماريو ورونالدوا والكابتن ماجد والكابتن رابح، إلا أنني بالحقيقة لم أكن أُحسن ممارسة كرة القدم، ومرات قليلة هي التي لعبت فيها مباريات كاملة، والذكرى الوحيدة المتبقية لي منها هي الركلة الشديدة التي تلقيتها على وجهي من أحد الشباب الذي مصادفةً رأيته قبل يومين بينما أنا أنفذ برنامج تدريبي في أحد الأماكن المخصصة لرعاية المناسبات.. ذكرت هذه القصة بعد رؤيتي لذلك الشخص وأنا أمارس مهنة التدريب. كان هناك سؤال واحد منعني من غض الطرف عن ممارسة الرياضة التي كنت فاشل فيها؛ السؤال هو "إذا لم أكن لاع