التخطي إلى المحتوى الرئيسي

غنائم العزلة – عاشر يوم إرادة


صوت ما بداخلي يحثني دوماً على اعتزال كل شيء لأختلي بنفسي وحيداً و أدخل في رحلة صمت طويلة ترتب لي ذاتي و تُسكت لي الضوضاء التي تجول في الروح.
النصيحة الخالدة التي سوف أهديها لمن أحب اليوم (انغمس في عزلتك كلما سنحت لك الفرصة في هذا العالم المليء بالتشويش و الدوشة).
التكنولوجيا اليوم استباحت خصوصية الإنسان و حريته في استقطاع وقت ذهبي لذاته لينعزل عن كل شيء مرتبط به و يتصل فقط بأعماق ذاته و يستمع لصوت الروح الباكي، في الثانية الواحدة تصلنا اشعارات عديدة تستفز الذهن ليترك ما يشغله و ينتبه فقط لما وصله من خلال الجهاز الصغير. هذه الضوضاء توهن الروح و تقتل الإرادة و نظل على مدار الساعات الطويلة مشتتين و مرتبكين بقوى خائرة و عقول مرهقة.
تعرض الإنسان لهجمات معلوماتية وفيرة على مدار الوقت يخفض معدل الذكاء من 5 إلى 15 بالمائة كما تشير بعض الدراسات.  و تؤكد أيضاً أن الأداء ينخفض بنسبة تصل حتى 50% عندما يركز المرء على مهمتين ذهنيتين في الوقت ذاته. و كثرة مشتتات الانتباه تؤدي إلى خفض قدرة الدماy على استبعاد الأمور التي لا علاقة لها بالعمل أو الغير متصلة بالمهام التي بين يدي الإنسان.
و علاج المشاكل تلك تتمثل بالعزلة، فالقدرة على تجنب ضجيج العالم معين على حفظ هدوء الروح و سكينتها و تقوية عضد الإرادة و التركيز لدى إنسان القرن الواحد و العشرين.
و العزلة حالة ذهنية و مساحة خالصة للروح تسمح للإنسان بالتركيز على أفكاره دون التعرض للتشتيت.
يجب على كل انسان أن يخصص فترات من وقته بشكل مستمر للعزلة و الخلوة بنفسه، و يعطي نفسه حقها من العزلة دون تقصير، قد يكون الوقت المناسب للعزلة 15 إلى 25 دقيقة في اليوم يستعيد فيها الإنسان مسرات روحه. و عند العزلة يجب أن تبعد عنك كل المقاطعات التي قد تقطع عليك عزلتك و خلوتك مع ذاتك.
اللهم اجمع همي عليك و اجعل حاجتي إليك و قني من الخذلان و الغفلة و أعذني من كل ما يشغلني عنك.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سلامة النية - أول يوم إرادة

و نبدأ رحلتنا في الحديث عن الإرادة بالحديث عن إصلاح النية التي بصلاحها تصلح الإرادة و بفسادها تفسد. لو دخل الإنسان فندقاً و رأى كأساً ممتلئ و ظنه خمراً و نوى شربه و بعد ان شربه اكتشف انه ماء كتب له بنيته أثم شرب الخمر. و العكس صحيح. و النية أكثر ما يجب على المسلم أن يعمل على تصويبها لتصبح خالصة، فالعمل دون نية خالصة عناء و هباء: وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا. قل لمن لا يخلص: لا تتعب. يقول الله في الأثر: عبدي طلبت منك قلبك، و وهبت لك كلك، عبدي كلٌ يريدك له، و أنا أريدك لك. الله يعاملنا بما وقر في قلوبنا، و النية مقرها القلب، و القلب لا يتقيد و لا تكتمل السيطرة عليه، و لذلك سُمّي قلباً لأنه يتقلب. و يقول الرافعي: إنّ الله لا يُعامل إلا بالنية ولا يُكتب في سجل الحسنات إلا الأرقام القلبية . و النية: التوجه الروحي و الحضور القلبي عند مباشرة أي عمل، و ليست النية طلباً للأجر، و لكن طلباً للمرضاة و القرب. النية استحضار القلب في اللحظة الآنية، وخلاصة ما يميز أصحاب النوايا: عمل ما يجب بحب. قال الله تعالى: (منكم من يريد الد

محركات الإرادة – ثامن يوم إرادة

تتحرك الإرادة في حالة وجود قضية يؤمن بها صاحب الإرادة، أو في حالة وجود مواعيد لإتمام المهام أو الأهداف، أو أن يحيط الإنسان نفسه بأصحاب إرادة فذة. ثلاثية تحرك الإرادة و تلهبها. أن تعيش لقضية يعني أن تبذل الغالي و الرخيص في سبيلها، تشغل فؤادك و لبك و قلبك و تملئ عليك وقتك عملاً و هماً و أملاً و تخطيطاً و تدبيراً و رسم للمستقبل، قضيتنا نحن المسلمين تتمثل في نشر التوحيد للناس، من خلال تمثيل الدين على أحسن وجه، و أن نكون نماذج جذابة لمن يرانا و يتعامل معنا، قضيتنا أن يسود السلام العالم بنشر قيم الدين السمحة، قضيتنا أن نخفف معاناة الناس و نحسن جودة حياتهم من خلال تعاليم الدين التي توصي كل إنسان على أخيه الإنسان أن لا يظلمه و لا يبغي عليه و لا يخونه و لا يغشه و لا يكذب عليه، قضيتنا أن ينتشر الحق و تتحقق العدالة و يحظى كل إنسان بحريته التي كفلها له الدين و الله. و كيف تتحرك إرادة من لا قضية له. و العيش ضمن خطط عمل قصيرة و طويلة المدى و وضع أهداف مزمنة لتحقيقها، يضغط على الإنسان لتتحرك إرادته في استثمار وقته و جهده و طاقته في أداء ما عليه من مهام موصلة لأهدافه، إن العيش من غير هدف يعني

سجن الهوية

  سجن الهوية عندما كنت صغيراً تعلقت كثيراً برياضة كرة القدم، خصصت لها الوقت الطويل والجهد الكبير، حتى أني في ذات مرة رأيت أرض واسعة مفتوحة فيها العديد من الأحجار والنفايات والأشواك، فقمت بتجهيزها وتنظيفها لأيام طويلة لتصبح مناسبة للعب مباراة كرة قدم لفريق كامل، أصبحت هذه الأرض ملعباً لفترة وجيزة لبعض الشباب ولم أستطع أن ألعب فيها إلا مباراة واحدة، اليوم هذه الأرض الشاسعة تحوي بيتاً واسعاً وفخماً. كنت أفكر بكرة القدم وأشعر بها وأحلم بارتداء أحذية وملابس المشاهير من اللاعبين آنذاك مثل مارادونا وروماريو ورونالدوا والكابتن ماجد والكابتن رابح، إلا أنني بالحقيقة لم أكن أُحسن ممارسة كرة القدم، ومرات قليلة هي التي لعبت فيها مباريات كاملة، والذكرى الوحيدة المتبقية لي منها هي الركلة الشديدة التي تلقيتها على وجهي من أحد الشباب الذي مصادفةً رأيته قبل يومين بينما أنا أنفذ برنامج تدريبي في أحد الأماكن المخصصة لرعاية المناسبات.. ذكرت هذه القصة بعد رؤيتي لذلك الشخص وأنا أمارس مهنة التدريب. كان هناك سؤال واحد منعني من غض الطرف عن ممارسة الرياضة التي كنت فاشل فيها؛ السؤال هو "إذا لم أكن لاع