التخطي إلى المحتوى الرئيسي

قوة الإرادة – ثاني يوم إرادة


قوة الإرادة تعني أن تعيش الحياة بالأسلوب الصعب: اتخاذ المسار الأصعب في دروبها و مقاومة الإغراءات و الاشباع الفوري، من أجل الحصول و الوصول إلى الغايات الأجمل و الأكمل في نهاية المسار.
(وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً).
تقرر هذه الآية حقيقة تغيب عن بعض البشر و التي مفادها أنه لا يمكنك إنجاز أي عمل إلا بتوافر إرادة قوية تدفعك و بقوة إليه، و بالطبع إلى جانب الإرادة يتطلب وجود قدرة أيضاً.
و لكن أيهما أعظم أهمية؟
فكر في شخص ضعيف الإرادة، عندما يواجه تحدي اختيار عمل ثقيل لكنه نافع و عمل خفيف لكنه تافه، على الفور سوف يفضل التفاهة دون أدنى شك. لن يجنح هذا الإنسان لفعل الأشياء الصعبة لأن إرادته خائرة و قيمه الأساسية في الحياة تتمحور حول الشعور بالراحة.

و تحدث د. عبد الكريم بكار عن الإرادة بوصف جميل:
زماننا زمان الرفاهية والخيارات المتعددة في كل مجال، وهو أيضاً زمان التعب والانضباط الذاتي ، وفي خضم كل هذا نجد من يحقق العديد من المنجزات مع قلة إمكاناته، كما أننا نجد من يملك الكثير من الفرص لكنه في وضعيته العامة أقل من إنسان عادي، وهذا في نظري يعود إلى شيء جوهري هو أن الذي يرقى بالناس في معارج الكمال، ويجعل من بعضهم أشخاصاً استثنائيين ليس القدرات والإمكانات والظروف المواتية وإنما صلابة الإرادة وقوة العزيمة والتصميم.

نحن نحتاج الإرادة من أجل نقطة الانطلاق نحو الإنجاز أو تنفيذ العمل الصعب، و من ثم نحتاج إلى الانضباط لضمان استمراريتنا في تنفيذ العمل و الوصول إلى الإنجاز المنشود.
و لذلك نقول أن المشكلة الرئيسية التي تسبب الفشل ليس الافتقار للإمكانات و الظروف السانحة و لكن ضعف الإرادة لدى الإنسان.
عندما تعطيك الحياة ضربة غير متوقعة، فلن تستطيع أن تتعامل معها إذا كنت غير معتاد على مجابهة الصعوبات و المشاق في وقتك الذي مضى.

اللهم إني أسألك الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سلامة النية - أول يوم إرادة

و نبدأ رحلتنا في الحديث عن الإرادة بالحديث عن إصلاح النية التي بصلاحها تصلح الإرادة و بفسادها تفسد. لو دخل الإنسان فندقاً و رأى كأساً ممتلئ و ظنه خمراً و نوى شربه و بعد ان شربه اكتشف انه ماء كتب له بنيته أثم شرب الخمر. و العكس صحيح. و النية أكثر ما يجب على المسلم أن يعمل على تصويبها لتصبح خالصة، فالعمل دون نية خالصة عناء و هباء: وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا. قل لمن لا يخلص: لا تتعب. يقول الله في الأثر: عبدي طلبت منك قلبك، و وهبت لك كلك، عبدي كلٌ يريدك له، و أنا أريدك لك. الله يعاملنا بما وقر في قلوبنا، و النية مقرها القلب، و القلب لا يتقيد و لا تكتمل السيطرة عليه، و لذلك سُمّي قلباً لأنه يتقلب. و يقول الرافعي: إنّ الله لا يُعامل إلا بالنية ولا يُكتب في سجل الحسنات إلا الأرقام القلبية . و النية: التوجه الروحي و الحضور القلبي عند مباشرة أي عمل، و ليست النية طلباً للأجر، و لكن طلباً للمرضاة و القرب. النية استحضار القلب في اللحظة الآنية، وخلاصة ما يميز أصحاب النوايا: عمل ما يجب بحب. قال الله تعالى: (منكم من يريد الد

محركات الإرادة – ثامن يوم إرادة

تتحرك الإرادة في حالة وجود قضية يؤمن بها صاحب الإرادة، أو في حالة وجود مواعيد لإتمام المهام أو الأهداف، أو أن يحيط الإنسان نفسه بأصحاب إرادة فذة. ثلاثية تحرك الإرادة و تلهبها. أن تعيش لقضية يعني أن تبذل الغالي و الرخيص في سبيلها، تشغل فؤادك و لبك و قلبك و تملئ عليك وقتك عملاً و هماً و أملاً و تخطيطاً و تدبيراً و رسم للمستقبل، قضيتنا نحن المسلمين تتمثل في نشر التوحيد للناس، من خلال تمثيل الدين على أحسن وجه، و أن نكون نماذج جذابة لمن يرانا و يتعامل معنا، قضيتنا أن يسود السلام العالم بنشر قيم الدين السمحة، قضيتنا أن نخفف معاناة الناس و نحسن جودة حياتهم من خلال تعاليم الدين التي توصي كل إنسان على أخيه الإنسان أن لا يظلمه و لا يبغي عليه و لا يخونه و لا يغشه و لا يكذب عليه، قضيتنا أن ينتشر الحق و تتحقق العدالة و يحظى كل إنسان بحريته التي كفلها له الدين و الله. و كيف تتحرك إرادة من لا قضية له. و العيش ضمن خطط عمل قصيرة و طويلة المدى و وضع أهداف مزمنة لتحقيقها، يضغط على الإنسان لتتحرك إرادته في استثمار وقته و جهده و طاقته في أداء ما عليه من مهام موصلة لأهدافه، إن العيش من غير هدف يعني

سجن الهوية

  سجن الهوية عندما كنت صغيراً تعلقت كثيراً برياضة كرة القدم، خصصت لها الوقت الطويل والجهد الكبير، حتى أني في ذات مرة رأيت أرض واسعة مفتوحة فيها العديد من الأحجار والنفايات والأشواك، فقمت بتجهيزها وتنظيفها لأيام طويلة لتصبح مناسبة للعب مباراة كرة قدم لفريق كامل، أصبحت هذه الأرض ملعباً لفترة وجيزة لبعض الشباب ولم أستطع أن ألعب فيها إلا مباراة واحدة، اليوم هذه الأرض الشاسعة تحوي بيتاً واسعاً وفخماً. كنت أفكر بكرة القدم وأشعر بها وأحلم بارتداء أحذية وملابس المشاهير من اللاعبين آنذاك مثل مارادونا وروماريو ورونالدوا والكابتن ماجد والكابتن رابح، إلا أنني بالحقيقة لم أكن أُحسن ممارسة كرة القدم، ومرات قليلة هي التي لعبت فيها مباريات كاملة، والذكرى الوحيدة المتبقية لي منها هي الركلة الشديدة التي تلقيتها على وجهي من أحد الشباب الذي مصادفةً رأيته قبل يومين بينما أنا أنفذ برنامج تدريبي في أحد الأماكن المخصصة لرعاية المناسبات.. ذكرت هذه القصة بعد رؤيتي لذلك الشخص وأنا أمارس مهنة التدريب. كان هناك سؤال واحد منعني من غض الطرف عن ممارسة الرياضة التي كنت فاشل فيها؛ السؤال هو "إذا لم أكن لاع