التخطي إلى المحتوى الرئيسي

فن مقاومة المغريات – سادس يوم إرادة


إدمان مقلق، فكرة خيانة، تسوية غير منصفة، الطمع لغير حق، الحنين لمتعة مضرة. يأتي الإغراء بهيئات عديدة، و يقود إلى معركة نفسية شرسة " للانتصار عليك" ليهزم أرواحنا التي لديها هدف واحد، أن تمضي في المسار القويم.

متى تكون الاغراءات مذمومة؟
في حالتين: عندما تقودك لحرام أو ضرر، و عندما تعيقك عن هدف. فالاغراءات بوابة للحرام. و دائماً تستمد الاغراءات قوتها من نقاط ضعفنا، تخترقنا في أشد جوانبنا ضعفاً. و في الحقيقة أننا كلما منحنا الاغراءات نصيب من تفكيرنا و تركيزنا جعلناها أكثر خطورة، لذلك يجب علينا أن نتعلم كيف نتعرف على الاغراء و دفعه خارج دائرة اهتمامنا. و معظم الاغراءات تعتبر مداخل لمحرمات كبيرة، و تستدرجنا من خلال المتع الصغيرة المحببة للنفس.
مقاومة الاغراءات عمل يومي يجب أن يؤديه الإنسان صاحب الطموح دون تهاون و يتمثل في الخطوات التالية:
1.كن صادقاً مع الله: في أوقات الإغراء لا تناقش المسألة. كلما خضنا صراعاً مع المغريات، اقتربنا أكثر من ارتكاب الخطيئة. اهرب من الإغراء بمجرد أن تدركه.
2.اعرف انك في صراع دائم: يعيش الإنسان اليوم في دوامة صراعات، صراع مع رغبات النفس الغير مشروعة، صراع مع افرازات الحياة المعاصرة التي تخالف مبادئك و قيمك، صراع مع القلق من الفقد و فوات الفرص، صراع مع المغريات المحيطة بنا في كل حين. احرص على أن تبقى روحك نقية و لا يطالها تشوهات الواقع القبيح.
3.استخدم الاغراءات لتقوية إرادتك: الاغراءات تضعنا في حلقة توتر دائم، و بمجرد أن نستجيب لهذا الاغراء يتلاشى التوتر و نشعر بالتحسن.
هناك مصطلح في علم النفس يشرح معاناة البشر مع الاغراءات (مطحنة المتع)  نبحث عن الاشياء و التجارب التي نظن أنها سوف تمنحنا السعادة، و في لحظة مباشرتها نعود بعدها إلى مستوى سعادتنا السابق، فيرتفع مستوى الرغبة في البحث عن الذي سوف يمنحنا المتعة من جديد.
يحكي المفكر الاسلامي فاضل سليمان على دورة حياة الانسان الغربي التي عايشها عن قرب:
يذهب للعمل، يخرج من عمله إلى الخمارة ، و يعود للمنزل للنوم.
ربما تحقيق رغباتنا ليس ممتعاً، ربما تكون المتعة في الرغبة نفسها لا في تحصيلها. قد يشعر الانسان بمتعة الرغبة بالأشياء أكثر من متعة امتلاكها. 
إذا شعرت بانجذابك لإغراء ما، خذ لحظات قليلة لاستشعار متعة القلق الذي منحك اياه الاغراء. فكر بعمق في ما تريده مع قدوم هذا الاغراء، و قل لنفسك بمجرد أن تستسلم للإغراء و تلاشي التوتر سوف تختفي كل المتعة. تدل الدراسات إلى أن الأشخاص الذي يؤخرون و يأجلون اشباع رغباتهم ينجحون أكثر في جميع مجالات حياتهم.
4.حاول أن تجعل الاغراء يذكرك بهدفك: مثلاً لو كان هدفك انقاص وزنك و عرضت عليك وجبة دسمة، اجعل هذه الوجبة تذكرك بهدف تقليص الوزن.

تستقيم حياة الإنسان عندما يعتاد أن يفعل أشياء جيدة و يترك أشياء سيئة، قد تفعل أشياء نافعة كثيرة و لكن قيامك بفعل أشياء ضارة يجعل جهدك يذهب هباء.

اللَّهم إِنِّي أَعوذ بِكَ مِن مُنكرات الأَخلاق، والأعمال والأَهواء.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سلامة النية - أول يوم إرادة

و نبدأ رحلتنا في الحديث عن الإرادة بالحديث عن إصلاح النية التي بصلاحها تصلح الإرادة و بفسادها تفسد. لو دخل الإنسان فندقاً و رأى كأساً ممتلئ و ظنه خمراً و نوى شربه و بعد ان شربه اكتشف انه ماء كتب له بنيته أثم شرب الخمر. و العكس صحيح. و النية أكثر ما يجب على المسلم أن يعمل على تصويبها لتصبح خالصة، فالعمل دون نية خالصة عناء و هباء: وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا. قل لمن لا يخلص: لا تتعب. يقول الله في الأثر: عبدي طلبت منك قلبك، و وهبت لك كلك، عبدي كلٌ يريدك له، و أنا أريدك لك. الله يعاملنا بما وقر في قلوبنا، و النية مقرها القلب، و القلب لا يتقيد و لا تكتمل السيطرة عليه، و لذلك سُمّي قلباً لأنه يتقلب. و يقول الرافعي: إنّ الله لا يُعامل إلا بالنية ولا يُكتب في سجل الحسنات إلا الأرقام القلبية . و النية: التوجه الروحي و الحضور القلبي عند مباشرة أي عمل، و ليست النية طلباً للأجر، و لكن طلباً للمرضاة و القرب. النية استحضار القلب في اللحظة الآنية، وخلاصة ما يميز أصحاب النوايا: عمل ما يجب بحب. قال الله تعالى: (منكم من يريد الد

محركات الإرادة – ثامن يوم إرادة

تتحرك الإرادة في حالة وجود قضية يؤمن بها صاحب الإرادة، أو في حالة وجود مواعيد لإتمام المهام أو الأهداف، أو أن يحيط الإنسان نفسه بأصحاب إرادة فذة. ثلاثية تحرك الإرادة و تلهبها. أن تعيش لقضية يعني أن تبذل الغالي و الرخيص في سبيلها، تشغل فؤادك و لبك و قلبك و تملئ عليك وقتك عملاً و هماً و أملاً و تخطيطاً و تدبيراً و رسم للمستقبل، قضيتنا نحن المسلمين تتمثل في نشر التوحيد للناس، من خلال تمثيل الدين على أحسن وجه، و أن نكون نماذج جذابة لمن يرانا و يتعامل معنا، قضيتنا أن يسود السلام العالم بنشر قيم الدين السمحة، قضيتنا أن نخفف معاناة الناس و نحسن جودة حياتهم من خلال تعاليم الدين التي توصي كل إنسان على أخيه الإنسان أن لا يظلمه و لا يبغي عليه و لا يخونه و لا يغشه و لا يكذب عليه، قضيتنا أن ينتشر الحق و تتحقق العدالة و يحظى كل إنسان بحريته التي كفلها له الدين و الله. و كيف تتحرك إرادة من لا قضية له. و العيش ضمن خطط عمل قصيرة و طويلة المدى و وضع أهداف مزمنة لتحقيقها، يضغط على الإنسان لتتحرك إرادته في استثمار وقته و جهده و طاقته في أداء ما عليه من مهام موصلة لأهدافه، إن العيش من غير هدف يعني

سجن الهوية

  سجن الهوية عندما كنت صغيراً تعلقت كثيراً برياضة كرة القدم، خصصت لها الوقت الطويل والجهد الكبير، حتى أني في ذات مرة رأيت أرض واسعة مفتوحة فيها العديد من الأحجار والنفايات والأشواك، فقمت بتجهيزها وتنظيفها لأيام طويلة لتصبح مناسبة للعب مباراة كرة قدم لفريق كامل، أصبحت هذه الأرض ملعباً لفترة وجيزة لبعض الشباب ولم أستطع أن ألعب فيها إلا مباراة واحدة، اليوم هذه الأرض الشاسعة تحوي بيتاً واسعاً وفخماً. كنت أفكر بكرة القدم وأشعر بها وأحلم بارتداء أحذية وملابس المشاهير من اللاعبين آنذاك مثل مارادونا وروماريو ورونالدوا والكابتن ماجد والكابتن رابح، إلا أنني بالحقيقة لم أكن أُحسن ممارسة كرة القدم، ومرات قليلة هي التي لعبت فيها مباريات كاملة، والذكرى الوحيدة المتبقية لي منها هي الركلة الشديدة التي تلقيتها على وجهي من أحد الشباب الذي مصادفةً رأيته قبل يومين بينما أنا أنفذ برنامج تدريبي في أحد الأماكن المخصصة لرعاية المناسبات.. ذكرت هذه القصة بعد رؤيتي لذلك الشخص وأنا أمارس مهنة التدريب. كان هناك سؤال واحد منعني من غض الطرف عن ممارسة الرياضة التي كنت فاشل فيها؛ السؤال هو "إذا لم أكن لاع