التخطي إلى المحتوى الرئيسي

اعرف ذاتك أكثر – سادس و عشرين يوم إرادة


بداية الحكمة أن تعرف نفسك و من المعروف أن فهم الإنسان لنفسه يقيه من شر الصراع الداخلي و يمنحه قدرة  أفضل على اتخاذ قرارات صائبة و أيضاً  يصبح أكثر قدرة على ضبط ذاته و إدارة إرادته و مقاوماً للإغراءات، أيضاً يصبح قادراً على فهم الآخرين و تقبلهم على ما هم عليه.
و لتعرف ذاتك أنصحك أن تفعل مقابلة مع نفسك، تخيل و كأنك غيرك و ضع اسئلة لنفسك و ابحث عن اجابات، ضع اسئلة صعبة تشمل جميع جوانب ذاتك تظن أنها سوف تساعدك على تحسين مستوى معرفتك بذاتك.
ما نقاط قوتي؟  ما نقاط ضعفي؟ هل ممكن أن أصف نفسي بثلاث كلمات و بإيجاز؟
ما السمات و القدرات التي يجب عليّ أن امتلك مثلها؟
ما هي منطقتي العمياء؟ ما أهم المهارات التي يجب عليّ أن اكتسبها؟ (اذكر مهارتين على الأقل يجب أن تكتسبها خلال كل عام).
أهم خبراتي التي اكتسبتها في الحياة؟ في أي الجوانب المهمة في الحياة يحتاجني الناس؟
إن الإنسان الذي لا يعرف نفسه لن يستطيع تقديم نفسه للعالم.
و التفكير بمستوى أعلى من مستواك الحالي وسيلة ثانية لمعرفة الذات، و هذه الوسيلة تقتضي أن تتلبس عقل شخصية انسان أعلى منك في المستوى المهني أو الفكري أو المعرفي، و اجعله يجري معك مقابلة و يضع لك اسئلة متعددة و أنت تجيب.
من الغريب أن قليل من الناس يعرفون ذواتهم بالشكل الصحيح، و كثيراً في المقابلات الوظيفية عندما نسأل المتقدمين عن ما هي نقاط قوتهم أو ضعفهم يتلعثمون بالإجابة و لا يقدمون إجابات واضحة و كأن الأمر لا يعنيهم. و من البديهي أن الإنسان الذي لا يفهم نفسه لا يمكنه عرض ذاته على الآخرين  و لا تسويق قدراته و مهاراته.
من لا يفهم نفسه جيداً لن يستطيع أن يمتلك إرادة حرة.
اللهم إنَّا نسألك تمام العافية، وجميل اللُّطف، وحسن العاقبة.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سلامة النية - أول يوم إرادة

و نبدأ رحلتنا في الحديث عن الإرادة بالحديث عن إصلاح النية التي بصلاحها تصلح الإرادة و بفسادها تفسد. لو دخل الإنسان فندقاً و رأى كأساً ممتلئ و ظنه خمراً و نوى شربه و بعد ان شربه اكتشف انه ماء كتب له بنيته أثم شرب الخمر. و العكس صحيح. و النية أكثر ما يجب على المسلم أن يعمل على تصويبها لتصبح خالصة، فالعمل دون نية خالصة عناء و هباء: وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا. قل لمن لا يخلص: لا تتعب. يقول الله في الأثر: عبدي طلبت منك قلبك، و وهبت لك كلك، عبدي كلٌ يريدك له، و أنا أريدك لك. الله يعاملنا بما وقر في قلوبنا، و النية مقرها القلب، و القلب لا يتقيد و لا تكتمل السيطرة عليه، و لذلك سُمّي قلباً لأنه يتقلب. و يقول الرافعي: إنّ الله لا يُعامل إلا بالنية ولا يُكتب في سجل الحسنات إلا الأرقام القلبية . و النية: التوجه الروحي و الحضور القلبي عند مباشرة أي عمل، و ليست النية طلباً للأجر، و لكن طلباً للمرضاة و القرب. النية استحضار القلب في اللحظة الآنية، وخلاصة ما يميز أصحاب النوايا: عمل ما يجب بحب. قال الله تعالى: (منكم من يريد الد

محركات الإرادة – ثامن يوم إرادة

تتحرك الإرادة في حالة وجود قضية يؤمن بها صاحب الإرادة، أو في حالة وجود مواعيد لإتمام المهام أو الأهداف، أو أن يحيط الإنسان نفسه بأصحاب إرادة فذة. ثلاثية تحرك الإرادة و تلهبها. أن تعيش لقضية يعني أن تبذل الغالي و الرخيص في سبيلها، تشغل فؤادك و لبك و قلبك و تملئ عليك وقتك عملاً و هماً و أملاً و تخطيطاً و تدبيراً و رسم للمستقبل، قضيتنا نحن المسلمين تتمثل في نشر التوحيد للناس، من خلال تمثيل الدين على أحسن وجه، و أن نكون نماذج جذابة لمن يرانا و يتعامل معنا، قضيتنا أن يسود السلام العالم بنشر قيم الدين السمحة، قضيتنا أن نخفف معاناة الناس و نحسن جودة حياتهم من خلال تعاليم الدين التي توصي كل إنسان على أخيه الإنسان أن لا يظلمه و لا يبغي عليه و لا يخونه و لا يغشه و لا يكذب عليه، قضيتنا أن ينتشر الحق و تتحقق العدالة و يحظى كل إنسان بحريته التي كفلها له الدين و الله. و كيف تتحرك إرادة من لا قضية له. و العيش ضمن خطط عمل قصيرة و طويلة المدى و وضع أهداف مزمنة لتحقيقها، يضغط على الإنسان لتتحرك إرادته في استثمار وقته و جهده و طاقته في أداء ما عليه من مهام موصلة لأهدافه، إن العيش من غير هدف يعني

سجن الهوية

  سجن الهوية عندما كنت صغيراً تعلقت كثيراً برياضة كرة القدم، خصصت لها الوقت الطويل والجهد الكبير، حتى أني في ذات مرة رأيت أرض واسعة مفتوحة فيها العديد من الأحجار والنفايات والأشواك، فقمت بتجهيزها وتنظيفها لأيام طويلة لتصبح مناسبة للعب مباراة كرة قدم لفريق كامل، أصبحت هذه الأرض ملعباً لفترة وجيزة لبعض الشباب ولم أستطع أن ألعب فيها إلا مباراة واحدة، اليوم هذه الأرض الشاسعة تحوي بيتاً واسعاً وفخماً. كنت أفكر بكرة القدم وأشعر بها وأحلم بارتداء أحذية وملابس المشاهير من اللاعبين آنذاك مثل مارادونا وروماريو ورونالدوا والكابتن ماجد والكابتن رابح، إلا أنني بالحقيقة لم أكن أُحسن ممارسة كرة القدم، ومرات قليلة هي التي لعبت فيها مباريات كاملة، والذكرى الوحيدة المتبقية لي منها هي الركلة الشديدة التي تلقيتها على وجهي من أحد الشباب الذي مصادفةً رأيته قبل يومين بينما أنا أنفذ برنامج تدريبي في أحد الأماكن المخصصة لرعاية المناسبات.. ذكرت هذه القصة بعد رؤيتي لذلك الشخص وأنا أمارس مهنة التدريب. كان هناك سؤال واحد منعني من غض الطرف عن ممارسة الرياضة التي كنت فاشل فيها؛ السؤال هو "إذا لم أكن لاع