استيقظت اليوم على
خبر وفاة أحدهم، كان شاباً في مقتبل العمر بصحة وافرة و فجأة امتلك اسباب الرحيل،
و شعرت أن الإنسان يحتاج إلى تأكيدات يومية تثبت زوال هذه الحياة، و تثبت لنا
حقيقة وجودنا المؤقت على هذا المسار الزمني الطويل كما أظن. غداً أموت و مالي أنكر هذه الحقيقة بكل ما
أوتيت من حياة رغم يقين نفسي بها، نغرق في دوامة مفرغة من المشاغل التي تجعل
عقولنا تذهل عن حقيقة الحياة التي نعيش فيها. بداية الحكمة أن يعرف الأنسان حقيقته
و تنتهي الحكمة على أعتاب الآخرة، و أي حكمة لدى من لا يظن حتى ظناً أن لهذه
الحياة و ما فيها صانع و أن لهذه الحياة المليئة بالظلم فصل آخر توضع فيه الموازين
بالقسط و يجازى كل إنسان بما عمل.
ما الذي يجعل حياتنا
أفضل أليس يقيننا بأنها زائلة، أليس إيماننا بأن هناك رب سوف يحاسب و يقاضي و يعدل
في حكمه، و له القوة المطلقة على كل شيء و هو فوق كل ذلك عليم خبير بأدق التفاصيل
و أصغرها، أليس وجود هذا الإله رادع لكل جبار و طاغية، ماذا لو وجد هذا الإله
العظيم القوي في قلوب كل الناس و استشعروا أنه سوف يحاسبهم على ما فعلوه، هل ستكون
تصرفاتهم مشينة كما هي الآن.
لو تمكن الخوف من
الله في قلوب الجبابرة لما رأينا ظلماً متفشي، لكن عندما يستشعر الإنسان عظمته و
تميزه عن غيره من الناس تبزغ الشرور في قلبه و لهذا كان داء الكبر من أقبح الأمراض
التي تجعل ذات الإنسان تتضخم و تأخذ حجم لا يتناسب معها، فيرى الإنسان نفسه كبيراً
إلى الحد الذي يدفعه لسحق غيره.
و الكبر داء ينشئه
الجهل كما ينشئ كل نوازع الشر، فلو يعلم الإنسان المتكبر حقيقة إنسانيته و مكامن
الضعف فيها لما تكبر و تجبر و طغى و بغى و نشر الشر و الفسق في ارجائها و سحق
الضعيف، لذا كان العلم السمة البارزة لآدم كما أكد بذلك الله للملائكة في قصة
الخلق القرآنية، فبالعلم يمكنه أن يتغلب على كل نوازع الشر.
لو علم الإنسان أنه
عابر و زائل مع كل ما يجمعه و يملكه سيكون حاله أفضل مما هو عليه الآن، و سوف يصنع
لنفسه إرادة حية نحو الخير و يمنع نفسه عن مواطئ الشر ويصبح أكثر صلاحاً و راحة.
يا رب يا من لا يشبهك
شيء اصرف عن ضر كل شيء و سهل لي و بارك لي في كل خطوة تقودني إليك.
تعليقات
إرسال تعليق